تحقيقات الفساد في لبنان.. خطوة إصلاحية أم انتقائية؟
تحقيقات تفتح ملفات الفساد بلبنان، في خطوة قسمت ردود الأفعال بين من يعتبرها إصلاحية، وبين من يراها سياسية انتقائية.
مسار يطلقه لبنان بإعلان تحقيقات مع عدد من المسؤولين، بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي بموجب قانون "الإثراء غير المشروع"، يطرح في المقابل تساؤلات حول خلفيته ونتائجه في ظل الشكوك التي لطالما طوقت ملفات لم تتوصل التحقيقات فيها لأي نتائج تذكر.
لكن، ورغم الشكوك، إلا أن تحديد موعد الاستماع إلى قهوجي و7 ضباط بارزين، إضافة إلى صدور أحكام أيضا بحق ضباط وعسكريين في قوى الأمن الداخلي بتهم الفساد، شكّل مفاجأة إيجابية بالنسبة للبنانيين.
وغدا الخميس، تستمع النيابة العامة التمييزية إلى قهوجي، عقب الادعاء عليه استنادا إلى قانون الإثراء غير المشروع.
والأسبوع الماضي، أعلن القضاء اللبناني عن أحكام بحق ضباط كبار وعسكريين، تتراوح بين السجن 3 أشهر و15 عاما، بتهمة اختلاس أموال.
كما تقدمت هيئة القضايا في وزارة العدل بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، ضد 17 موظفا في وزارة المهجرين، بتهمة الإثراء غير المشروع.
انتقائية؟
"الحزب التقدمي الاشتراكي" شن هجوما على لسان النائب في كتلته بلال عبدالله، مستهدفا الرئيس ميشال عون، وتحدث عن ضغوط على القضاء، في وقت تعتبر فيه وزيرة العدل الحالية في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، محسوبة على الرئاسة ورئيس التيار الوطني الجر النائب جبران باسيل.
بينما كانت وزارة المهجرين لسنوات طويلة من حصة "الاشتراكي" في الحكومة.
وفيما يعتبر عدد من الموظفين المدّعى عليهم في وزارة المهجرين من المحسوبين على "الاشتراكي"، قال عبدالله في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، من البرلمان: "ليس لدينا أي مانع في أن تكون هناك محاسبة لأي فاسد من أي قطاع، ومنها وزارة المهجرين".
مستدركا: "لكن الانتقائية الكيدية التي يمارسها بعض الوزراء، وزراء الصدفة السابقون والحاليون، للنيل من فريق سياسي نمثله نحن، لن نسمح بها مع احترامنا لكل ما يسمى محاربة الفساد".
وتابع: "هذه الانتقائية مورست بالضغط على القضاء، ونعرف الغرفة السرية في القصر الجمهوري ومن يديرها وكيف تتوجه انتقائيا".
ودعا إلى "فتح كل الملفات"، معربا عن أمله في أن "يأخذ القضاء العادل ومجلس القضاء الأعلى، ومدعي عام التمييز، هذا الملف في الإطار الصحيح والتصويب والتحقيق الدقيق".
بدوره، دعا شارل جبور، مسؤول الإعلام والتواصل في "حزب القوات اللبنانية" إلى ضرورة أن لا تكون هناك انتقائية في التحقيقات، رغم شكوكه في إمكانية تحقيق الشمولية في ظل سيطرة حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما على السلطة.
إصلاح؟
ويقول جبور لـ "العين الاخبارية": "ندفع بأن لا يقتصر الأمر على فئة محددة، لأننا نرفض أن يندرج الأمر ضمن سياق الاستنسابية (الانتقائية) التي نعتبرها ممنوعة، وبالتالي إما أن تطبق المحاسبة على الجميع أو لا تطبق".
ويعتبر في الوقت عينه أن "ميزان القوى الحالي لا يسمح بالذهاب بعيدا بحيث أن إمساك الأكثرية (حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهما) بمفاصل السلطة، سيمنع على القضاء أن يتوسّع في التحقيقات للوصول إلى النتائج المرجوة، وبالتالي سيكون هناك طبعا تشفي (انتقام) في مكان ما".
في المقابل، يؤكد جبور أن ذلك "لا يمنع أننا سنكون في موقع المراقب والذي سيدفع تجاه منع الاستنسابية، ومن جهة أخرى سنتابع الموضوع برمته لنرى الى أين يمكن أن يصل، لأنه اذا لم تكن هناك شمولية في المحاسبة، فلن نصل إلى الإصلاح المطلوب".
أما رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية، الدكتور في القانون الدولي بول مرقص، فأعرب عن مخاوفه من "الانتقام أو تصفية الحسابات السياسية خلف فتح ملفات الفساد هذه".
وقال مرقض، في حديث مع "العين الإخبارية"، إن "السلطة تحاول بهذه الخطوة إرسال إشارات الى المجتمع الدولي الذي لا ينفك عن المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد".
ومستدركا: "لكن الرأي العام والشعب اللبناني لا يقتنع بذلك، ولا يثق بهذه السلطة، وهو ما قد يدركه أيضا المجتمع الدولي".
وبناء على ما تقدم، شدد الخبير على ضرورة أن تكون مكافحة الفساد شاملة، وأن لا تكون انتقائية وذلك وفق خطة شاملة تجد طريقها إلى التنفيذ و"لا تبقى حبرا على ورق".