سواء كان واجهة لـ"حزب الله" أم لا، الحقيقة هي أن الدولة رهينة الحزب وسلاحه، وليست فقط رئاسته الثلاث
تم تنصيب رئيس حكومة جديد، يُتهم بأنه من سنَّة حزب الله، مجهول لأغلبية اللبنانيين. حسان دياب لم يتلقَ تهنئة إلا من قلة، منها إيران؛ فمعظم الحكومات تجاهلته في انتظار ما سيفعل. والشارع اللبناني استقبله بمزيد من المظاهرات رافضا لتنصيبه.
تبدو استراتيجية الحزب مع الأزمة متناغمة مع مرجعه الوحيد، إيران التي تعاني من أزمة مماثلة، وتواجه غضب الشارع من الفقر والفساد. الخطة تقوم على الانتظار إلى نهاية العام الحالي. ولهذا نتوقع أن يفعل الحزب ما بوسعه خلال الأشهر المقبلة للسيطرة على الوضع، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وقد لا ينجح.
وسواء كان واجهة لـ"حزب الله" أم لا، الحقيقة هي أن الدولة رهينة الحزب وسلاحه، وليست فقط رئاسته الثلاث. ولا نتوقع أن يبدد دياب الشكوك، لا في محيط المحتجين ولا عند الحكومات. وسيخضع دياب إلى امتحان من المجتمع الدولي، ليبرهن أنه ليس دمية يحركها حسن نصر الله وحلفاؤه. ولن يكفي الغرب محاولة طمأنته، لأنه قام بتعيين أكثر من نصف وزراء الحكومة الجديدة من حملة الجنسية الأمريكية المزدوجة. فالأهم من حمل الجواز الأمريكي أن يستجيب دياب لمطالب الولايات المتحدة، ومنها منع التعامل مع المؤسسات والأفراد اللبنانيين والإيرانيين الموضوعين على قائمة مقاطعة إيران، وهي مطالب تقبل بها حكومات أكبر من حكومة دياب، بينها الصين وأوروبا.
كما لم يطمئن خطابه المليء بالتعهدات للشارع المحتج، بل برهن على أن منظومة الحكم "الخلفية" لا تنوي تقديم أي إصلاحات حقيقية. يقول أحد المعنيين بالشأن اللبناني: "دوليا هناك تسعة مليارات دولار تنتظره، يمكن أن يحصل عليها لبنان فورا إن وافق على إصلاحات حكومية، تشمل تحرير الجمارك والمطار والموانئ من سلطة الحزب، وكذلك عشرات الوزارات والخدمات التي أصبحت موردا ماليا للمليشيات وليس للحكومة". هل يستطيع؟ الأرجح لا.
والتحدي الأخطر عليه من مطالب أمريكا ومن مطالب الشارع هو الإفلاس شبه الحتمي للمؤسسات المصرفية. المقابلة الطويلة التي تحدث فيها حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة بأن الملاءة المالية كافية، وأن حسابات المودعين آمنة، قوبلت بالمزيد من الهجمات على فروع البنوك التي تعكس غضب المحتجين. فقد مرت فترة طويلة على تقنين سحب المودعين أموالهم، معززة إشاعة الإفلاس، وقد تتسبب في انهيار حكومة دياب قبل الصيف.
في ظل عجز الحكومة هل الحل في يد حزب الله؟ هل يمكن أن يبدي مرونة ويقدم تنازلات تمنح الدولة السيادة؟ حيث إنه يهيمن على كثير من موارد الدولة، إما بالسلاح أو بالتوزير، وهو وراء هروب المستثمرين من لبنان، من حكومات ومؤسسات دولية ومغتربين لبنانيين، ويغطي على الفساد المنتشر ضمن صفقات التحالفات السياسية.
تبدو استراتيجية الحزب مع الأزمة متناغمة مع مرجعه الوحيد، إيران التي تعاني من أزمة مماثلة، وتواجه غضب الشارع من الفقر والفساد. الخطة تقوم على الانتظار إلى نهاية العام الحالي. ولهذا نتوقع أن يفعل الحزب ما بوسعه خلال الأشهر المقبلة للسيطرة على الوضع أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وقد لا ينجح. فهو يأمل في انفراجة سياسية بين الإيرانيين والأمريكيين، أو هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات ووصول إدارة ديمقراطية تحمل أجندة مهادنة لإيران. لكن هل يستطيع لبنان حقا الانتظار تسعة أشهر أخرى؟ هذا قد يعني أن الحزب لن يتردد في استخدام المزيد من القوة ضد المتظاهرين، بما قد يتسبب في قيام ثورة أكبر، خاصة في حال أعلنت البنوك إفلاسها.
نقلاً عن " الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة