مؤخرا بات مستحيلا، عربيا وغربيا، التمييز بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي
وقع حزب الله في الفخّ، وسيدفع اللبنانيون كلّهم الثمن.
بعد مجلس النواب، الذي أعلن قاسم سليماني أنّه يسيطر على 74 نائبا فيه، من أصل 128. وبعد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق أن أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنّه مرشّحه الوحيد وأنه لا رئيس غيره، معطّلا الانتخابات الرئاسية عامين ونصف العام، سبيلا لانتخابه. وبعدما كانت الحكومة السابقة، حكومة الرئيس سعد الحريري، أكثريتها الساحقة بين يدي حزب الله وحلفائه.. ها هو حزب الله يشكّل حكومة كاملة يحرّكها بإشارة من يديه، من رئيسها إلى أعضائها العشرين.
وقع حزب الله في الفخّ، وأكل الطعم.هذه الحكومة تذكّرنا بحكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، التي شهدت اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وسيشهد اللبنانيون في عهدها كيف سيدفعون ثمن "حكم إيران" في لبنان. سيدفع اللبنانيون ثمن ذوبان لبنان داخل دويلة حزب الله، وانضمامه، بالكامل، إلى المحور الإيراني. للأسف.. سندفع ثمنا كبيرا.
ظلّ مفيدا للبنانيين هذا التمييز بين "لبنان الدولة" و"دويلة حزب الله". وإن كانت الدويلة "تحكم من بعيد"، أو تحكم جزئيا بسطوة السلاح حينا، وبالسطو المسلّح على قرار الدولة أحيانا. تماما كما جرى حين اجتاح حزب الله بيروت والجبل خلال أحداث 7 مايو/أيار 2008، وحين أقال حكومة الحريري لحظة دخوله البيت الأبيض في عام 2011، وخلال أحداث أمنية متعدّدة، من اغتيالات وتفجيرات، كانت تساهم باستمرار في الوصول إلى "تسويات"، حيث لحزب الله الكفّة الراجحة.
لحظة إعلان حكومة حسّان دياب، بدا واضحا أنّ هذا الفصل بين "لبنان الدولة" و"دويلة حزب الله" بات ضربا من الترف.
بات حزب الله يحكم لبنان وحدَه، بلا أيّ شريك.
وعشية إعلان الحكومة، لعب حزب الله دور الأب الصالح، وهو يحاول التوزيع بالعدل، كعكة الحكومة على أولاده "الجشعين"، وهم يتبارزون ويتقاتلون، وكادوا يجرّحون يديه وهو يناولهم الوزارات والحقائب والمقاعد. وكان واضحا جدا أنّ حزب الله يتصرّف مع "التأليف" باعتباره المعني الأوّل، وصاحب الأمر، ووليّ أمر المشاركين.
يهمس عارفون بأنّ الحريري ما كان ليستقيل لولا إشارة "خارجية" بأنّ المشهد يحتاج إلى أن يغيب عن الصورة. ويهمس آخرون بأنّ شروط حزب الله، التي وُضِعَت على الحريري، هي نفسها التي وُضِعَت على غيره، وصولا إلى حسّان دياب.
وبالتالي فإنّ ثمّة من دفع حزب الله إلى تشكيل حكومة من لونٍ واحد، كي يسهل استهداف لبنان، باعتباره "ولاية إيرانية". ومن أجل تسهيل "ضرب" لبنان ماليا واقتصاديا، وربما عسكريا، باعتباره جزءا من دولة حزب الله، وليس العكس.
مؤخرا بات مستحيلا، عربيا وغربيا، التمييز بين جناحي حزب الله، العسكري والسياسي. وتلاحقت "المآسي" اللبنانية، وصولا إلى تشكيل حزب الله حكومته داخل لبنان، في واحدة من أصعب اللحظات وأكثرها حرجا، ليس على لبنان فقط، بل على حزب الله نفسه، وعلى "محور الممانعة" كلّه، من طهران إلى بغداد والشام وبيروت، وصولا إلى غزّة وصنعاء وغيرها.
إذا كان حزب الله عاجزا عن رؤية الصورة بوضوح، فيجب أن ينظّف النظارات التي يستعملها: بات حزب الله في "بوز المدفع" اللبناني في الصف الأمامي، وحدَه، وأمام الكاميرات، داخليا وخارجيا. وهذه الحكومة ستكون "كبش المحرقة"، ستحترق وتحرق معها الكثيرين، وستشهد المزيد من الإفلاس والأزمات النقدية والمالية.
هذه الحكومة تذكّرنا بحكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، التي شهدت اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وسيشهد اللبنانيون في عهدها كيف سيدفعون ثمن "حكم إيران" في لبنان.
سيدفع اللبنانيون ثمن ذوبان لبنان داخل دويلة حزب الله وانضمامه، بالكامل، إلى المحور الإيراني.
للأسف.. سندفع ثمنا كبيرا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة