الذكرى الـ15 لاغتيال الحريري وبداية عهد سياسي جديد بلبنان
سقوط التسوية السياسية بين تيار المستقبل وفريق "العهد" الحاكم، أدى إلى عودة الاصطفافات السياسية لسابق عهدها.
يشهد لبنان بداية عهد سياسي جديد مع حلول ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
وتتزامن الذكرى الـ15 لاغتيال الحريري مع قطيعة بين تيار المستقبل وفريق الرئيس ميشال عون، وانتكاس التسوية الرئاسية التي حصلت عام 2016، وأدت الى انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية.
وتوقعت مصادر سياسية – بحسب ما ذكرته وسائل إعلام لبنانية– أن يتجه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري إلى المزيد من التصعيد مع فريق عون، وأن يدعو إلى انتخابات مبكرة، في كلمة يلقيها الجمعة في الذكرى الـ15 لاغتيال والده عام 2005.
واعتبرت المصادر أن الحريري ما زال يعتبر أن التسوية التي أوصلت عون إلى رئاسة الجمهورية كانت ممتازة، لكن عون ووزير الخارجية جبران باسيل دمرا إدارتها، وأخذا البلاد إلى الإفلاس.
وكان موقع "مستقبل ويب" التابع لـ"تيار المستقبل" قد أعلن أن خطاب الحريري في احتفال هذا العام سيكون مفصلياً ومبنياً على مقاربات نقدية وسياسية وتنظيمية، تستند إلى ثوابت "الحريرية الوطنية" وقيمها.
كما أنها ستؤسس لرسم خريطة طريق (تيار المستقبل) لمواجهة التحديات المقبلة، ووضع النقاط على حروف التطورات الراهنة والأخيرة ما بعد 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأدى سقوط التسوية السياسية بين تيار المستقبل وفريق "العهد" الحاكم إلى عودة الاصطفافات السياسية لسابق عهدها، وتحديداً على خط "فريق 14 آذار" الذي يتكون من تيار المستقبل وحزب القوات وحزب الكتائب والتقدمي الاشتراكي، المعارض لحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائها (8 آذار).
وتطابقت مواقف "14 آذار" من حكومة حسان دياب الجديدة، بعد أن شاركوا في جلسة البيان الوزاري للحكومة، الثلاثاء الماضي، دون منحها الثقة.
ونجحت حكومة دياب في نيل ثقة البرلمان بحصولها على 63 صوتاً، وهي نسبة تعد ضعيفة مقارنة بالحكومتين السابقتين اللتين ترأسهما سعد الحريري؛ حيث نالت حكومة الحريري الأولى عام 2009 ثقة 122 نائباً، وفي حكومته الثانية من عام 2019 نال ثقة 111 نائباً. مرحلة سياسية جديدة.
وقال منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود: "إن يوم الجمعة 14 فبراير/شباط 2020 هو مرحلة سياسية جديدة في لبنان، وسنكون جاهزين لدخولها من أجل تحقيق آمال المواطنين حتى نعود ونقول لبنان أولاً".
وأضاف: "لا ننسى أن 14 شباط كان فاتحة للدخول في الجمهورية الثانية، والاستقلال، وإبعاد سوريا عن لبنان، فـي 14 شباط أتى بـ14 آذار، و14 آذار وحد اللبنانيين وجمع مليوني شخص في الساحات".
وأشار إلى أن اغتيال الحريري كان بمثابة ضوء وفتح صفحة جديدة للبنان، لكن للأسف البعض لم يتلقفها بل حاربها، ومنذ 2005 ما زال يحاربها.
وشدد على أن تكتل المستقبل النيابي لم يعطِ الثقة (للحكومة اللبنانية الجديدة) لأن الثقة لا تعطى لحكومة سمتها 8 آذار (حزب الله وحلفائه) وسماها السوري.
انتكاس التسوية السياسية
بدوره، رأى النائب هادي حبيش القيادي في تيار المستقبل، أن ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري غيرت مسار التاريخ في لبنان، واليوم هناك مرحلة جديدة تمر بها البلاد بعد انتكاسة التسوية السياسية التي نتج عنها انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وأكد حبيش أنه سيكون هناك موقف للرئيس سعد الحريري من أسباب هذه الانتكاسة، والنتائج التي نجمت عنها، وتجلت في الدخول لمرحلة جديدة؛ حيث عاد كل فريق إلى المكان الذي كان عليه قبل التسوية، سواء على صعيد المواقف أو القناعات.
أما النائب مروان حمادة فقال عبر حسابه على تويتر إن اليوم سيكون مفصلياً بعد كلمة الرئيس سعد الحريري، مشيراً إلى أن هذه المناسبة ليست فقط تعني الماضي إنما المستقبل أيضاً، وبين روح الحريري والثورة في البلد شيء يجمع ولا يفرق.
14 شباط فاتحة ثورة الأرز
وفي ذكرى الاغتيال ربط سياسيون بينه وبين الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأت على خلفية مطالب معيشية، في حراك بدا عابراً للطوائف والمناطق، ومتمسكاً بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، على وقع أزمة اقتصادية ومالية خانقة.
وقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على "تويتر"، الجمعة: "14 شباط فاتحة ثورة الأرز وشهادة مؤلمة، ولكن مدوية من أجل لبنان السيد الحر المستقل".
وأضاف: "نواصل المسيرة ثورة مستمرة من أجل لبنان أولاً وأخيراً، وأرفق التغريدة بصورة للرئيس رفيق الحريري"، وكتب عليها: "لن نستسلم لأهداف القتلة".
وفي السياق نفسه، قال عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب سيزار المعلوف: "رجل بحجم وطن.. من قام باغتيالك كان يعلم ويخطط للبنان الذي نراه اليوم".
أما النائب محمد سليمان فكتب على "تويتر": "سنبقى مع الرئيس سعد الحريري للدفاع عن تراث رفيق الحريري. تراث الإعمار وليس الدمار، تراث السلم وليس تراث الحرب، تراث العيش الواحد وليس تراث الإلغاء، تراث الدستور وليس الأعراف، تراث مستقبل لبنان أولاً".
ومن جهته غرد النائب السابق كاظم الخير قائلاً عن ذكرى اغتيال الحريري: "نستذكره وفي قلبنا غصة وخيبة أمل على مسار الحلم الذي زرعه في قلوبنا في حياته وبعد اغتياله. الله يرحم الشهيد ويحمي لبنان".
كما قال الوزير السابق عبداللطيف كبارة، في بيان، إن البؤس الذي نعيشه اليوم هو نتيجة مؤامرة لقتل لبنان، بدأ تنفيذها باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وتوفي رفيق الحريري إثر عملية تفجير دبرتها مليشيا حزب الله الإرهابي في 14 فبراير/شباط 2005، وأسفرت عن مقتل 22 وإصابة 226 شخصاً، بعد أن فجّر انتحاري شاحنة صغيرة كانت تحتوي على أكثر من كيلوجرام من مادة "تي إن تي"، لدى مرور موكبه بالقرب من فندق السان جورج في بيروت.