نفي عون لـ"هيمنة" حزب الله على حكومة لبنان يثير انتقادات
عون يواصل مزاعمه بأن حزب الله لا يقود حكومة دياب، وهو ما اعتبره محللون "قتلا لفرص" الحكومة الجديدة في استعادة ثقة المجتمع العربي والدولي
واصل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون دفاعه عن حليفه الرئيسي في البلاد، حزب الله، ليصب مزيدا من الزيت على نار الأزمة التي تواجهها البلاد منذ منتصف أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.
ولا يتوقف عون عن مزاعمه بأن حزب الله لا يقود حكومة حسان دياب، وهو ما اعتبره محللون سياسيون "قتلا لفرص" الحكومة الجديدة في استعادة الثقة الإقليمية والدولية في بيروت وعرقلة مساعدات الخارج للبلاد.
ودافع الرئيس اللبناني في مقابلة نشرتها مجلة فالور أكتويل الفرنسية عن مليشيا حزب الله الموالية لإيران، قائلا: "غالبا ما نسمع أن سيادة لبنان ضائعة وحتى منتهكة بسبب وجود حزب الله (...)، إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ، حزب الله لا يقود الحكومة الجديدة".
وكان عون كلّف دياب بتشكيل الحكومة بعد استقالة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، ورفضه التصدي لمهمة تشكيل حكومة جديدة تجاوبا مع حركة الشارع التي رفضت عودة النخب السياسية التقليدية في البلاد منادية بوزارة تكنوقراط.
وردا على خشيته أن تكون بيروت ضحية تجاذبات بين واشنطن وطهران عبر مليشيا حزب الله، قال عون: "نحن خارج هذا المسار، ومن المستحيل على لبنان أن يقع فريسة هذه التجاذبات".
عون مضى في تبريراته عن المليشيا، قائلا "يعتقد الجميع أن حزب الله سيتدخل في حرب بين الطرفين" في إشارة إلى الولايات المتحدة وإيران.
وتفجر الوضع في الشرق الأوسط وكاد ينزلق لمواجهة مفتوحة بعد هجمات متبادلة بين طهران وواشنطن قرب نهاية العام الماضي، وتواصلت خلال الأسبوع الأول من العام الجاري في الساحة العراقية، ما دفع المراقبون للاعتقاد أن لبنان مرشح لتوتر مشابه.
وفي وقت سابق، أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن من يدعم حزب الله يعني أنه يقف خلف منظمة إرهابية، ويجوز إصدار عقوبات ضده وفقا للقانون الأمريكي.
وخلال حديث له مع قناة "ام تي في"، قال شينكر: "على لبنان أن ينقذ لبنان من أزمته الاقتصادية، وعلينا أن ننتظر لرؤية إن كانت حكومته مستعدّة لاتخاذ القرارات الصعبة".
استعادة ثقة الخارج
محللون سياسيون لبنانيون أكدوا أن دفاع الرئيس ميشال عون عن مليشيا حزب الله يتعارض تماما مع تأكيدات سابقة له بأنه رئيس لكل اللبنانيين.
وقال المحلل السياسي اللبناني الدكتور محمد سعيد الرز إنه بدفاع عون عن حزب الله على هذا النحو فإنه يصنف نفسه إلى جانب قوة سياسية وعسكرية تتعرض إلى جدل واسع بين اللبنانيين، بل إنها على خلاف مع فئات شعبية عديدة، وكذلك مع قوى سياسية وازنة لها وجودها ودورها المؤثرين في المعادلة اللبنانية الداخلية برلمانيا وشعبيا.
وأضاف الرز لـ"العين الإخبارية" أن دفاع عون عن حزب الله يجعله مصنفا مع فريق بمواجهة فرقاء آخرين، في وقت تحتاج بلاده دعماً أوروبيا وخليجياً لإنقاذ لبنان اقتصاديا وماليا، وجميع هذه الدول معروف موقفها من حزب الله وارتباطاته الإيرانية.
ورأى أن هذا الموقف يعيق الجهود القائمة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي والعربي بلبنان، خاصة أن رئيس الحكومة حسان دياب يرتب أوراقه لجولة خليجية وعربية.
وتساءل الرز مستنكرا ردا على مزاعم عون بأن المليشيا لا تتدخل في الشؤون السياسية الداخلية: بماذا يفسر الرئيس اللبناني تدخل حزب الله في تشكيل الحكومات؟ وترتيب لوائح المرشحين للانتخابات النيابية؟ واتخاذ المواقف من كل القضايا السياسية؟ وعقد اللقاءات السياسية؟ والتنسيق الحزبي بين حلفائه؟ واحتلاله بيروت وبعض الجبل في مايو/أيار 2008؟ وموقفه الملتبس من الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر/تشرين الأول وولاءاته المشهورة ضد أهدافها؟
قتل لفرص دياب
بدوره، أعرب المحلل السياسي اللبناني خالد ممتاز عن أسفه من تصريحات عون، قائلا "للأسف الشديد فنحن أمام رئيس جمهورية لا يعلم حجم وقدرات بلاده ولا وضعه الاقتصادي ولا عواقب تصريحاته".
وشدد على أن ما ذكره عون بعيد كل البعد عن الحقيقة بل يعاكسها، مضيفاً: "انتظرنا منه في هذه الأوقات الصعبة التزام الصمت لا الدفاع عن حزب مصنف كمنظمة إرهابية في المجتمع الدولي والعربي".
وأوضح أن تصريحات عون لا تمثل الشعب اللبناني بل تمثل شخص رئيس الجمهورية وتياره (التيار الوطني الحر)، وما قام به قتل أي فرصة كانت موجودة لحكومة دياب.
وتتزايد الضغوط الدولية التي تمارس على حزب الله المدعوم إيرانياً بشكل ملحوظ ويضيق الخناق تدريجيا عليها، خاصة بعد إعلان الخزانة البريطانية، مؤخرا تصنيف الميلشيا بالكامل منظمة إرهابية.
ويرفع الإعلان البريطاني عدد الدول التي اتخذت هذا القرار إلى 12، إضافة إلى منظمتين، والدول هي: أمريكا وإسرائيل وباراجواي وكندا وبريطانيا وهولندا واليابان والأرجنتين والسعودية والإمارات والبحرين.
أما المنظمتان فهما جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وفيما تصنف أستراليا والاتحاد الأوروبي الجناح العسكري فقط للمليشيا منظمة إرهابية، أوصى البرلمان الألماني بأغلبية كبيرة الحكومة بحظر أنشطة حزب الله بشكل كامل.
سلاح في الصراع الإقليمي
من جهته، رفض الوزير اللبناني السابق الممثل عن حزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان تصريحات عون الأخيرة بشأن حزب الله، قائلا: "هذا الأمر موضوع خلاف قديم معه وأطراف آخرين، ونحن مع سلطة الدولة الشرعية فقط، ومع استراتيجية دفاعية عمادها الجيش فقط الذي يتولى حفظ الأمن في الداخل والدفاع عن الحدود".
وبشأن قول عون إنه يضمن شخصيا التزام حزب الله بالقرار الأممي 1701، قال قيومجيان: "بغض النظر عن التزام حزب الله بالقرار 1701 أم لا، فهذه مسئولية الدولة اللبنانية، بحفظ حدودها".
وانهى القرار الأممي 1701 الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، وحينها أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التزامه بالقرار.
ويستخدم سلاح حزب الله في الصراع الاقليمي، ما ينعكس سلبا على لبنان، ومن ثم بات من الأفضل النأي بالنفس عن صراعات الشرق الأوسط والتركيز على حل الأزمة المالية والاقتصادية بالبلاد، بحسب قيومجيان.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA==
جزيرة ام اند امز