سياسيون لبنانيون: "بند المقاومة" يكشف تبعية الحكومة لـ"حزب الله"
من المرجح أن تحصل حكومة دياب على ثقة البرلمان، بأصوات الكتل النيابية التي كلفته، ويبلغ عددهم 69 نائبا من أصل 124.
كشف بند المقاومة في بيان الحكومة اللبنانية الجديدة، تبعيتها لحزب الله وحلفائه، وهو ما يؤثر على ثقة المجتمعين العربي والدولي فيها، حسب العديد من السياسيين والمحللين اللبنانيين.
وقال الوزير اللبناني السابق الممثل عن حزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان إن الهوية السياسية للحكومة الجديدة لا تساعد على جلب المساعدات والاستثمارات للداخل، حيث إنها حكومة من لون واحد (حزب الله وحلفاؤه).
- رئيس برلمان لبنان يدعو للتصويت على حكومة دياب الأسبوع المقبل
- كتل وأحزاب لبنانية: لن نمنح الثقة لحكومة دياب
ودعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أمس الأول، إلى عقد جلسة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين؛ للتصويت على الحكومة الجديدة، وبيانها السياسي، وذلك بعدما أقرت الحكومة اللبنانية بالإجماع، البيان الوزاري، تمهيداً للمثول أمام البرلمان لطلب نيل الثقة.
واستعاد البيان الوزاري لحكومة الدكتور حسان دياب التي توصف بـ"حكومة حزب الله" النص السابق لحكومتي سعد الحريري، (الأولى أكتوبر/تشرين الثاني 2009، والثانية ديسمبر/كانون الأول 2016) عدا إضافة كلمة "المواطنات".
وجاء في نص فقرة المقاومة في بيان الحكومة: "أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه".
وتابع: "وتؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل. مع التأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".
وعود ميشال عون
ريشار قيومجيان وزير الشؤون الاجتماعية السابق في حكومة تصريف الأعمال قال لـ"العين الإخبارية" إن البيان الوزاري لحكومة حسان دياب؛ خاصة ما يتعلق ببنود المقاومة يضعف من الثقة الدولية والعربية في لبنان، بما يعرقل وصول مساعدات ومنح الخارج للبلاد.
وأوضح أن البيان الوزاري لم يتضمن ما يؤكد جعل قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية، وأن الجيش هو المخول له وحدة الدفاع عن الحدود اللبنانية، كما لم يوضح ضرورة حصر السلاح في يد الجيش والقوى الأمنية الشرعية.
وقال الوزير الممثل عن حزب القوات اللبنانية: "تلقينا وعوداً منذ 3 سنوات في خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون لم تتحقق حتى الآن، بشأن بحث الاستراتيجية الدفاعية للبنان، التي تؤدي في فترة لاحقة إلى نزع سلاح المليشيات على الساحة؛ خاصة سلاح حزب الله.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن المطلوب هو التأكيد على سياسة النأي بالنفس فعلاً لا قولاً، وعدم التدخل في الصراعات الإقليمية، وإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية.
وشدد على أن "الهوية السياسية للحكومة اللبنانية لن تساعد على جلب المساعدات والاستثمارات؛ حيث إنها حكومة من لون واحد حكومة حزب الله".
وأكد قيومجيان أن لبنان بحاجة لدعم الأشقاء العرب، لكن حتى الآن لم تقم الحكومة الجديدة بأي جهود في هذا الإطار.
وأشار الوزير إلى أن الكتلة النيابية للحزب (15 نائباً) لن تعطي الثقة لحكومة دياب تحت قبة البرلمان، لأنها "حكومة محاصصة بامتياز بين فرقاء سياسيين، ومن لون واحد".
الدولة والقرار الاستراتيجي
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بدوره تساءل باستنكار: "هل بيان كالذي صدر من حكومة حسان دياب سيستعيد ثقة دولية تفتح طريق المساعدات الفورية، خاصة أن لبنان في أمس الحاجة إلى السيولة، وأسرع مصادرها إما دول الخليج، أو أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، أو حتى صندوق النقد الدولي".
وقال جعحع لـ"وكالة الأنباء المركزية" اللبنانية: "كان مطلوباً تخصيص فقرة كاملة تؤكد وجوب حصر القرار الاستراتيجي في يد الدولة، وأخرى أكثر وضوحاً في شأن كيفية التزام سياسة النأي بالنفس فعلاً، ودعوة القوى التي تخرقها للعودة إلى الداخل".
وهاجم رئيس حزب القوات اللبنانية البيان الوزاري، معتبراً أنه "يقع خارج الزمان والمكان ويمثل فشلاً ذريعاً".
من جهته، غرد عضو تكتل الجمهورية القوية (الكتلة النيابية لحزب القوات) النائب عماد واكيم عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر للتدوينات المصغرة اليوم: "تشكيل الحكومة يشوبه الكثير من الالتباسات، فالحكومة تبنت موازنة الحكومة السابقة، ولم تعد تحاكي الواقع الاقتصادي المأزوم، والبيان الوزاري لا يقارب أي مشكلة وطرق الحل".
وأشار إلى أن: "مقدمات تصرفات الوزراء تدل على ارتباط عضوي مع من سماهم، والثقة مع الدول المانحة مفقودة، وثقة الثوار مفقودة"، واختتم تغريدته بالقول: "لا ثقة بحكومة دياب".
اختلال واضح
وفي تعقيبه، قال ريشار داغر المحلل السياسي اللبناني لـ"العين الإخبارية"، إن ما تضمنه البيان الوزاري حول ما يرتبط بسلاح حزب الله "لم يكن مفاجئاً".
وأشار داغر إلى أن "صيغة المعادلة الثلاثية (الشعب والجيش والمقاومة) أصبحت بنداً ثابتاً لم يعد بمقدور أحد تجاوزه، وذلك يعود بالطبع إلى فائض القوة عند حزب الله، وإلى حضور رهبة السلاح عند جميع الأطراف السياسية حتى "السيادية" منها.
وأكد أن "مسألة البيان الوزاري وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة هي نتيجة مباشرة للاختلال الفاضح في موازين القوى المحلية لصالح حزب الله".
وأوضح المحلل السياسي اللبناني: "نحن في لبنان نواجه معضلة كبيرة اسمها سلاح حزب الله، وهيمنة الحزب على معظم مفاصل الحياة السياسية في الدولة وعلى القرار الوطني وعلى الخيارات الاستراتيجية، هذا هو الواقع".
نفق مظلم
وزاد داغر بأن "حل هذه المشكلة الكبيرة أصبح اليوم أكبر من قدرة الدولة والقوى السياسة، نحن باختصار داخل نفق مظلم".
وحول السبيل للخروج من هذا النفق، يرى المحلل اللبناني أنه: "من الصعب جداً وضع تصور واقعي للخروج من نفق المعضلة الكبرى، أي مسألة حزب الله".
وتابع: "الأولويات حالياً ستكون محصورة في كيفية الخروج من الأزمة المالية - الاقتصادية التي تهدد لبنان بالانهيار".
واستدرك داغر: "لكن لا بد في لحظة معينة إعادة التركيز على المعضلة الاستراتيجية الكبرى، وإيجاد الحل لها عن طريق الحوار الوطني.. هذا اليوم لا بد آت"، وفقاً لقوله.
وشهد لبنان مظاهرات عدة تحت عنوان "لا ثقة بالحكومة" رفضاً لحكومة دياب والمطالبة بإسقاطها، تزامناً مع دعوات لتحركات مماثلة في يوم نيل الثقة.
ومن المرجح أن تحصل حكومة دياب على ثقة البرلمان، وذلك بأصوات الكتل النيابية التي كلفته، أي حزب الله وحلفاؤه، ويبلغ عددهم 69 نائباً من أصل 124.
فيما أعلن كل من "الحزب الاشتراكي" و"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" أنهم لن يمنحوا الحكومة الجديدة الثقة.