آمال متفاونة بالتغيير والمشاركة بانتخابات لبنان الأحد
تجرى في لبنان يوم غد الأحد انتخابات نيابية وسط توقعات متفاوتة عن نسبة المشاركة والآمال بالتغيير في ظل الأزمات التي تعيشها البلاد.
وتنطلق عملية التصويت داخل لبنان عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، وتستمر طوال ساعات النهار حتى السابعة مساء نفس اليوم.
وتسود الأوساط السياسية والشعبية في لبنان توقعات متفاوتة عن نسبة المشاركة بعد قرار اعتكاف رئيس الحكومة السابق، رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وتعليق عمله السياسي.
واليوم السبت، استكملت التحضيرات اللوجستية بعد تسلّم الموظفين صناديق الاقتراع التي يصل عددها إلى 7658 موزعة على أقلام (مراكز الاقتراع) كل القرى والمدن في لبنان، بينما يصل عدد الموظفين في هيئات القلم إلى نحو 15 ألف موظف.
الترتيبات الأمنية
شدد وزير الداخلية والبلديات، بسام مولوي، على أن جميع المسائل المتعلقة بالترتيبات الأمنية واللوجستية والإدارية لإدارة العملية الانتخابية يوم الأحد جاهزة.
وكشف عن أن ملف تأمين الكهرباء عهد إلى جهاز أمن الدولة الذي وضع خطة كاملة للتعاطي مع أصحاب مولدات الكهرباء والأماكن التي فيها مولدات، مثل البلديات والمراكز الدينية، وذلك نتيجة أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان وعدم القدرة على تأمينها في كل الأراضي اللبنانية في الوقت نفسه.
وأضاف أن "الداخلية" زوّدت مراكز وأقلام الاقتراع بالأدوات اللازمة، وتتعاون مع فريق تقني متواجد على نحو دائم، كما تم تجهيز وتهيئة اللازم في مراكز القيد لتوفير الكهرباء طيلة الوقت.
وتابع مولوي: "تلقت الوزارة وعداً أن تتوفر الكهرباء في ساعات معينة خلال النهار تسهيلاً لاقتراع ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال استعمال المصاعد الموجودة في حرم المدارس ومراكز الاقتراع".
وينتشر الجيش اللبناني خارج أقلام الاقتراع بدءاً من اليوم، على كل الأراضي اللبنانية كما أكد وزير الدفاع موريس سليم، وذلك لمؤازرة قوى الأمن الداخلي في تأمين حسن سير الانتخابات.وأكد سليم أن الجيش اللبناني بجاهزية كاملة للحفاظ على أمن الانتخابات على كامل الأراضي اللبنانية، ويحرص على عدم حصول أي أعمال شغب، وضمان سلامة وحرية المواطنين في ممارسة حقهم الدستوري في هذه العملية الديمقراطية، البالغة الأهمية على الصعيد الوطني.
ويشارك في الخطة الأمنية التي وضعت لمواكبة الانتخابات ما يقارب 110 آلاف عسكري ورجل أمن.
على المستوى السياسي
وتجري الانتخابات وسط اهتمام عربي وأجنبي. ويصل عدد المراقبين الأوروبيين إلى نحو 80 مراقباً، منتشرين في كل الدوائر الانتخابية. وإلى نحو 18 مراقباً عربياً ضمن وفد جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات، يشارك نحو 40 مراقباً من المعهد الوطني الأميركي.
قسّم قانون الانتخابات لبنان إلى 15 دائرة انتخابية يعتمد على النسبية على أساس اللوائح المغلقة، مع إعطاء صوت تفضيلي واحد من كل ناخب لمرشح ضمن اللائحة.
وتخوض السباق الانتخابي 103 قوائم لوائح انتخابية تضم 718 مرشحًا لاختيار 128 نائبًا في البرلمان.
وتتوزع المقاعد الـ 128 على النحو الآتي: 28 للسنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.
تحالفات سياسية
وتتجه الأنظار إلى الدوائر التي يشكل فيها السنة ثقلاً انتخابياً خصوصا بعد انسحاب تيار المستقبل من الانتخالات إثر تعليق رئيسه سعد الحريري العمل السياسي.
وفي هذا السياق تمرد عدد كبير من نواب المستقبل على قرار الحريري، واستمروا في خوض المعركة، بالإضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي عمل على تأليف ودعم قوائم انتخابية في أغلبية هذه الدوائر.
كما تحالفت القوات اللبنانية مع السنيورة وعدد من الشخصيات السنية المعروفة بعدائها لحزب الله لمحاولة عدم ترك الساحة فارغة والسماح للحزب بالتسلل إليها.
وتشهد دوائر عكار وطرابلس وبيروت الثانية والبقاع معارك طاحنة بين تحالف حزب الله الذي نجح في جمع حلفائه المتخاصمين في قوائم موحدة، في محاولة لفرض أمر واقع على هذه الدوائر، وتحالف ما يعرف بالقوى السيادية (خصوم الحزب) المؤلفة من قدامى المستقبل والسنيورة والقوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية، إضافة إلى قوائم من المجتمع المدني.
وعلى المستوى المسيحي، تشهد دوائر جبل لبنان والمتن وكسروان والبترون والكورة وبشري وزغرتا (الشمال) وزحلة ( البقاع)، معركة تنافسية بين لوائح مدعومة من التيار الوطني الحر (المدعوم بشكل أساسي من حزب الله) وأخرى مدعومة من حزب القوات اللبنانية، بالإضافة أيضاً إلى قوائم مشكلة من مستقلين والمجتمع المدني.
أما في الطائفة الدرزية، فتشهد دائرة الشوف وعاليه منافسة شرسة بين قوائم مدعومة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وحلفائه من القوى السيادية، وبين قوائم مدعومة من حزب الله وحلفائه الدروز كالنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، بالإضاقة إلى قوائم مشكلة من مستقلين والمجتمع المدني.
وتبقى الدوائر التي تشكل الطائفة الشيعية فيها أغلبية كبيرة فهي كالعادة، لا تشهد تنافسا كبيراً بسبب سيطرة حزب الله وحركة أمل، لكن هذه المرة مختلفة، حيث تشهد لائحة الجنوب الثالثة (تضم مناطق النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا) منافسة حادة بين لائحة تحالف حزب الله من جهة والمجتمع المدني الذي توحدت مجموعاته، بمواجهة الحزب.
أما في بعلبك الهرمل (دائرة البقاع الثالثة) فتحاول القوات اللبنانية خرق حزب الله في معقلة بمقعد واحد.
وتبقى دائرة (الجنوب الثانية) التي يترشح فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري والتي تصنّف على أنها معقله لا تشهد منافسة تذكر.
النتائج النهائية
أما فيما يتعلق بالنتائج النهائية للانتخابات التي ستنتج برلمانا جديدا تستمر ولايته أربع سنوات، فهي لن تصدر رسمياً عن وزارة الداخلية قبل ظهر يوم الإثنين، نظراً لعدد الأقلام المرتفع الواجب فرزها في لجان القيد الابتدائية، البالغ عددها 163 لجنة في مختلف الأقضية، حيث يعمل نحو 400 موظف على مستوى لبنان لمساعدة القضاة في إدخال البيانات.
وبعدما كانت الآمال معلقة على أن تُترجم نقمة اللبنانيين في صناديق الاقتراع لصالح لوائح المعارضة ومجموعات جديدة أفرزتها الانتفاضة الشعبية، يرى خبراء أن قلّة خبرة خصوم السلطة وضعف قدراتهم المالية وتعذّر توافقهم على خوض الانتخابات موحدين، يصبّ في صالح الأحزاب التقليدية.
ويقول الخبير الانتخابي كمال فغالي لوكالة الصحافة الفرنسية "أمل اللبنانيون الناقمون على السلطة أن تخوض قوى التغيير الانتخابات ببرنامج ولوائح موحّدة".
ويوضح فغالي أنه لو تمّ ذلك لحصلت المعارضة على "نصف مقاعد البرلمان"، لكن "تأليف لوائح متنافسة أحبط الناس وسيشتّت الأصوات".
وفي استبيان أجرته منظمة "أوكسفام" ضمن دراسة نشرتها الشهر الماضي عن سلوك الناخبين، قال 43,55 في المئة من عينة شملت 4670 شخصاً إنهم سيمتنعون عن الاقتراع. وبرّر أكثر من نصفهم قراره بـ"عدم وجود مرشحين واعدين".
ورغم ترجيح خرق لوائح المعارضة وفوزها بمقاعد في دوائر عدة بعدما كانت فازت بمقعد واحد في انتخابات 2018، يوضح فغالي أن حزب الله، القوة العسكرية والسياسية الأبرز، سيعود مع حلفائه بأكثرية الى البرلمان، وإن كانوا سيحصدون نسبة أصوات أدنى من المرات السابق.
وفي بلد تنتقل فيه المناصب عادة بين عائلات تتوارث العمل السياسي والحزبي وولاءات الناخبين، تلعب الروابط العائلية دوراً كبيراً في تحديد الخيارات وفي قمع أي اعتراض أحيانا.
وفي استطلاع "أوكسفام"، عدّد نحو أربعين في المئة من المستجوبين رداً على سؤال حول أسباب دعمهم للأحزاب التقليدية، إنهم يفعلون ذلك "من منطلق الالتزام تجاه عائلتي".
وتحدث خمسون في المئة عن "أسباب تاريخية ومن منطلق العادة".
ويواجه المرشحون المستقلون ضغوطاً متزايدة في معاقل الأحزاب التقليدية، لا سيما في مناطق سيطرة الحليفين الشيعيين حزب الله وحركة أمل.
ويولّد ذلك "شعوراً لدى الناخبين بأن التغيير مرفوض، ما قد يؤدي بالتالي إلى تراجع في الإقبال على صناديق الاقترع أو تشويه السلوك الانتخابي"، وفق "أوكسفام".