حزب الله وباسيل.. أزمة ثقة أم مسرحية تمويه؟
خلافات تطفو للعلن في لبنان بين حزب الله والتيار الوطني الحر في أزمة تعتبر الأعنف بين الحليفين وسط تشكيكات بأن تكون مجرد مسرحية للتمويه.
حرب تصريحات تشتعل بين مليشيات حزب الله والتيار برئاسة جبران باسيل، على خلفية امتداد الشغور الرئاسي، وغياب آمال الحل، خاصة بعد فشل البرلمان على مدار 9 جلسات في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وعقب تأمين حزب الله النصاب القانوني لانعقاد جلسة مجلس الوزراء، الإثنين الماضي، أدلى باسيل بسلسة من التصريحات التي وصفت بالأعنف تجاه حليفه الأبرز منذ 2006.
ورغم تعمد حزب الله عدم الرد في البداية على باسيل، فإنه انتهى بشن هجوم لاذع عليه، في تكتيك يقسم مراقبين بين من يرى أن أزمة الثقة بين الحليفين بلغت أقصاها، وبين من يتمسك بأنه من المستحيل أن يضحي الطرفان بتفاهمهما السياسي، لإيمانهما بأن الانفصال وفك التفاهم ستكون له عواقب وخيمة على كل منهما.
"لغة تخوين"
بغض النظر عن أبعاد الأزمة وحقيقتها، فإن الخلاف بدا واضحا منذ تأمين حزب الله النصاب القانوني لانعقاد جلسة مجلس الوزراء، وهو ما اعتبره تيار باسيل "طعنة وزارية" من حليفه الأساسي.
فيما أصدر حزب الله، اليوم الخميس، بيانا للرد على باسيل، محذرا من أن "استخدام لغة التخوين تصرّف غير حكيم، ويبقى حرصنا على الأصدقاء الحاكم على تعاطينا مع أي رد فعل".
وكنتيجة مباشرة لهذا الخلاف وتأثيره على جلسة اليوم، قال النائب غسان عطا الله عضو تكتل لبنان القوي (التكتل النيابي للتيار الوطني الحر)، إن "ما حصل اليوم بموضوع تعادل الورقة البيضاء مع ميشال معوّض يفتح بابا جديدا بالحث على طرح اسم يمكن أن يتوافق عليه الجميع وقصدنا التعادل".
وأقر عطا الله بأن "حضور حزب الله في جلسة مجلس الوزراء ضرب الشراكة الوطنية، وضرب الالتزام الذي حصل (سابقا)".
من جانبه، قال النائب أسعد درغام عضو تكتل "لبنان القوي"، عقب جلسة انتخاب الرئيس اليوم: "دخلنا في مرحلة اختيار مرشح معيّن والتواصل بشأنه مع الفرقاء"، مضيفا: "أؤكد أنّه في الجلسة المقبلة سيكون لدينا مرشح".
لكنه ذكر، في حديث تلفزيوني، أنه "لم يقع الطلاق مع حزب الله، وتوجد مشكلة يجب أن تعالج"، مشيرًا إلى أنّ "ما حصل بشأن الجلسة الحكومية خطأ بحقنا وارتكب بحق كل المسيحييين".
رسائل سياسية
وفي تعليقه على الموضوع، قال الدكتور محمد سعيد الرز، الخبير السياسي اللبناني، إن التيار الوطني الحر وجه رسائل غير مباشرة لحزب الله، ردا على انعقاد جلسة مجلس الوزراء، لكنها لا تحمل تأثيرا كبيرا.
وفي معلوماته من واقع جلسة مجلس النواب اليوم، أوضح الرز، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "هناك نحو 5 نواب من التيار الوطني الحر صوتوا لميشال معوض، إضافة إلى اللقاء الذي جمع بين جبران باسيل، والنائب غسان حاصباني، عن تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات).
ونوه المحلل السياسي اللبناني إلى أن تيار باسيل يسعى لتوجيه رسالة إلى حزب الله بأنهم "الممر الإلزامي" لرئاسة الجمهورية.
وبشأن دلالة استمرار التصويت بالورقة البيضاء بجلسات انتخاب الرئيس، قال الرز، إن "هذه محاولة للضغط من جانب الثنائى الشيعي (حزب الله وحركة أمل)؛ لإجراء حوار من أجل التوافق على رئيس بمواصفات الحزب".
وحول إمكانية فك الارتباط بين حزب الله والتيار، أعرب الخبير عن اعتقاده بأن "جبران باسيل لا يمكنه الخروج عن دائرة حزب الله".
صفقة الخارج
وفي قراءته لوقائع مجريات الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم، قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني علي الأمين، إن تساوي الورقة البيضاء مع ميشال معوض، تعكس حالة الارتباك القائمة لدى التيار الوطني الحر.
وأضاف أنها تترجم محاولة إبراز حالة تململ وانزعاج التيار، والذي لن يصل لخرق القواعد وكسر قواعد اللعبة التي رسمها حزب الله لحليفه السياسي.
وأكد الأمين، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه "لا قدرة للتيار الوطني الحر على الذهاب بعيدا عن الإطار الذي وضعه حزب الله، وهو عدم انتخاب رئيس بانتظار صفقة مع الخارج، حيث إن خرق هذه المعادلة ليس واردا من قبل تيار باسيل".
وإزاء ذلك، شدد الأمين على أن "التيار الوطني الحر لن يتخذ خطوات واسعة تلامس الخطوط الحمراء التي يضعها لحزب الله، ولا احتمالات واردة بإمكانية خروج باسيل عن العلاقة مع الحزب".
باسيل وعضلات حزب الله
وبحسب المحلل السياسي اللبناني، فإن "رصيد باسيل السياسي يقوم على العلاقة مع حزب الله، وكل قوته بعضلات الحزب، علاوة على عدم وجود حليف آخر للتيار غير الحزب، فدائما ما يتمترس التيار بالحزب ويستقوي به على الآخرين".
وخلص إلى أنه "لا يمكن أن ينقلب التيار الوطني الحر على حزب الله، لأنه يعلم ثمن هذا القرار، ويعلم أنه بهذا الانقلاب سيضع نفسه في دائرة الخطر".
ولفت إلى أن "ما يقوم به باسيل خارج التنسيق الضمني مع حزب الله، بمعنى اللعب في المساحات المسموح بها دون مس المصالح الاستراتيجية لحزب الله (المدعوم من إيران) وتتعلق بالسيطرة على لبنان والإمساك بالمعادلة السياسية".
وأشار إلى أنه "في الجوهر السياسي ليس له إلا حزب الله ولن يجرؤ على الخروج من دائرته".
ودخل لبنان في شغور رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسط غياب أي ملامح لانتهاء الحالة، خاصة بعد فشل البرلمان على مدار 9 جلسات في انتخاب رئيس جديد.