الطريق إلى رئاسة لبنان.. "شبح الفراغ" يطل برأسه
مع بدء العد العكسي لانتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تتجه الأنظار لمن يصل سدة الحكم، وسط توقعات بشبح فراغ رئاسي عاشه لبنان قبل انتخاب عون نفسه في 2016.
وقبل 35 يوما من مغادرة ميشال عون القصر الجمهوري، يبدو المشهد ضبابيا على مستوى الترشيحات لهذا الاستحقاق، ومرشح بشكل كبير لشبح الفراغ الرئاسي.
وانتخب عون رئيسا للبنان عام 2016 لينهي فراغا رئاسيا استمر قرابة العامين ونصف العام، في حين تحدد ولاية الرئيس في لبنان بست سنوات.
وحتى اللحظة، دخلت عدة أسماء بارزة بورصة المرشحين لرئاسة لبنان.
ويظهر اسم قائد الجيش اللبناني الحالي العماد جوزيف عون ضمن أقرب المرشحين لدخول قصر بعبدا.
والعماد عون هو الترتيب الرابع على رأس المؤسسة العسكرية منذ توقيع اتفاق الطائف عام 1989.
وقبل توقيع الاتفاق كان رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، آخر قائد للجيش.
وتقول وسائل إعلام لبنانية محلية، إن جوزيف عون يحظى بقبول أمريكي.
وسبق أن رأت صحيفة "اللواء" اللبنانية، تعليقا على زيارة جوزيف عون للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بأنها تدل على "تعاطي واشنطن المباشر معه من دون أي مسؤول سياسي لبناني آخر، ويعكس مدى الثقة التي توليها الإدارة الأمريكية لشخصه".
وفي موقف لافت، أعلن سمير جعجع، رئيس حزب "القوات اللبنانية"، صاحب أكبر كتلة نيابية (19 نائبا)، دعمه قائد الجيش العماد جوزيف عون، للرئاسة اللبنانية ، "إذا تبين أن حظوظه متقدمة".
ومن أبرز الأسماء المطروحة الأخرى، زعيم تيار المردة، الوزير السابق، سليمان فرنجية، الذي يتسلح بدعم حزب الله .
ورغم عدم إعلان حزب الله مرشحه للرئاسة حتى الآن، إلا أن "فرنجية" ، ألمح في حديث مؤخرا دعمه من قبل الحزب اللبناني المدعوم من إيران.
وقال رئيس تيار المردة في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية، منذ يومين: "أنا متفائل رئاسياً بحظوظي أكثر من المرة الماضية رغم ان الظرف قد لا يوحي بذلك".
وذكرت مصادر إعلام محلية، أن فرنجية تلقى الضوء الأخضر من حزب الله وحليفه "حركة أمل" التي يقودها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري للبدء في جس نبض مختلف الفرقاء تمهيدا لإعلانه مرشحا رئاسيا.
ورغم أن تصريحات "فرنجية" تشير ربما إلى سقوط رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل من حسابات حزب الله الرئاسية، إلا أن باسيل يعد من المرشحين المحتملين للرئاسة.
ويدخل جبران باسيل بورصة الترشيحات، رغم انحسار حظوظ باسيل بعد خسارته الأكثرية النيابية، والهجوم الحاد عليه من الفرقاء السياسيية الذين يحملوه جانب كبير من الأزمات التي يعاني منها لبنان .
كما يعتبر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، نفسه مرشحًا طبيعيًا، لكنه يقول إنه منفتحٌ على الانسحاب لأي مرشح يُلبّي مواصفات حزبه.
ويُطرح بالسباق الرئاسي أسماء النائبين المعارضين: ميشال معوّض ونعمة إفرام، إضافة إلى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي تتراجع أيضا حظوظه بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد منذ 3 أعوام، وتحميله المسؤولية عنها.
كما برزت خلال الأسابيع الأخيرة، ترشيحات فردية، تبدو حظوظها ضعيفة لأنها لا تلقى أي دعم من التكتلات والقوى السياسية البارزة في البلاد.
ففي 29 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت السفيرة السابقة لدى الأردن ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس السابق "كميل شمعون"، بمؤتمر صحافي؛ ، الترشح للرئاسة، وعرضت برنامجها بعنوان: "رؤية جديدة للجمهورية".
وسبق شمعون، إعلان الأمين العام السابق لـ"المجلس الأعلى للخصخصة"، زياد حايك، ويشغل منصب رئيس الجمعية العالمية لوحدات الشراكة، في 26 أغسطس الماضي، ترشحه وفق برنامج حمل شعار: "الازدهار والأمان وكرامة الإنسان".
وقال حايك في إعلانه ترشحه :"أعلن الترشح؛ لأنني رأيت في نفسي المواصفات التي أرى أنا شخصيا أنه يجب أن يتحلّى بها الرئيس العتيد، وفي تقديري رئيس الجمهورية يجب أن يكون من صنع لبنان وليس من صنع أي مبادرة خارج الحدود ليرعى مصلحة لبنان أولاً وأخيراً".
وفي 7 سبتمبر/ أيلول الجاري، أكدت مي الريحاني، الأديبة والناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة ، في مؤتمر صحفي ترشحها للرئاسة، والريحاني كاتبة وشاعرة وناشطة في مؤسسات التنمية الدولية؛ ومقيمة في الولايات المتحدة.
كما أعلن رجل الأعمال سايد بطرس فرنجية، في 16 سبتمبر الجاري، ترشحه للرئاسة، متعهدا بإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية الراهنة وجلب الاستثمارات الخارجية، واستعادة أموال المودعين خلال 6 أشهر.
ومن نقابة الصحافة اللبنانية، أكد رئيس حزب الإنقاذ البيئي بشارة أبي يونس، ترشحهوفق برنامج رئاسي يحمل عنوان: "لبنان: الكيان، الرئاسة، السلطات".
وبالتوازي،اختتم "نواب قوى التغيير" قبل أيام، "الجولة الأولى الاستطلاعية" من مبادرتهم الرئاسية؛ التي تستهدف التوافق على مرشح "إنقاذ" توافقي لرئاسة البلاد، وقطع الطريق أمام وصول مرشح حزب الله وحلفائه لرئاسة البلاد.
وما لم يتم هذا الاتفاق فسيكون لبنان على موعد مع تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حين شهدت البلاد فراغا رئاسيا استمر لمدة عامين ونصف العام، نتيجة تعطيل "حزب الله" وحلفائه النصاب قبل التوصل لتسوية قادت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا.
وفي ظل التوازنات الهشة داخل المجلس النيابي المنبثق من الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو/أيار الماضي، يبدو من الصعب تأمين نِصاب قانوني لجلسة انتخاب رئيس للبلاد دون التوصل إلى نوع من الاتفاق أو تسوية معينة بين العدد الأكبر من الكتل النيابية.
ويتطلب انتخاب الرئيس اللبناني حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (86 من أصل 128).
وينص الدستور اللبناني في المادة 73 منه على أنه "قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس".