زعيم مليشيا حزب الله سعى حثيثا لتبرير اعتداءات إيران وتوسعها الاحتلالي في لبنان والشرق الأوسط بسرد وقائع وعبارات ثبت كذبها
في مواصلة لنهج مليشيا حزب الله الموالية لإيران في لبنان في التغطية على جرائمها بلبنان والدول المحيطة به، كال زعيمه حسن نصر الله التهم للسعودية بنفس القوة التي أبعد فيها أي تهم مماثلة لطهران.
و"بوابة العين" الإخبارية ترصد بعضا من أبرز الأكاذيب التي ننطق بها نصر الله في الخطاب الذي ألقاه أمس الجمعة بمناسبة ذكرى أربعين الإمام الحسين، ويقطر كل سطر فيه بكلمات تضليلية للرأي العام اللبناني والعربي.
والأدلة على هذا التضليل المقصود مأخوذة من لسان حزب الله نفسه، وتاريخه، وعلى لسان قادة إيران، إضافة إلى الأحداث التي تتناقض مع ما أورده نصر الله في خطابه.
الأكذوبة (1)
سعد الحريري محتجز في السعودية وقيد الإقامة الجبرية
الحقيقة:
في الـ7 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري غادر الحريري السعودية إلى الإمارات، وأجرى مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
واستدل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس الجمعة، بذلك ليقول إن الحريري حر في تحركاته، ولا يخضع للإقامة الجبرية كما أشيع.
كما قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أمس الجمعة أيضا، إن سعد الحريري "شريك قوي" للولايات المتحدة، ما يدل على توقعه أن الحريري ما زال رقما صعبا في المستقبل.
الأكذوبة (2)
اتهام السعودية بتحريض إسرائيل على ضرب لبنان
الحقيقة:
تجاهل نصر الله أن مليشياته وإيران من ورائها هم من يحرضون إسرائيل على ضرب لبنان.
وظهر ذلك عام 2006، فرغم الوضع الدامي والممزق الذي كان فيه لبنان على وقع تداعيات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري 2005، إلا أن حزب الله استغل هذا الوضع لإحكام سيطرته على البلاد باصطناع شعبية لبنانية وعربية تمكنه من ذلك دون اعتراض.
وكان ذلك عبر اختطاف جنديين إسرائيليين من على الحدود بين لبنان وإسرائيل بحجة "المقاومة"، على الرغم من أنه يعلم أن إسرائيل سترد على ذلك بضربات عسكرية للبنان، وقد كان، ودخل لبنان أتون حرب دمرت الكثير من اقتصاده وأولاده، وحصد حزب الله شعبية كبيرة آنذاك بتقديم نفسه "المقاوم الأكبر" في المنطقة؛ ما حقق هدفه كذلك في زحزحة الجيش اللبناني عن المشهد حينها لحد كبير.
الأكذوبة (3)
ما وصفه بالتدخل السعودي في الشأن الداخلي اللبناني
الحقيقة:
اعترف نصر الله في مقام سابق بلسانه أن إيران هي من ينفق على حزب الله في خطاب شهير، ولم ينبس ببنت شفة عن رفض أي تدخل إيراني طول عشرات السنين في شؤون لبنان، على الرغم من أن الدعم السعودي لبيروت وسلطتها الشرعية يأتي أساسا في إطار الرد على التدخل الإيراني.
وتقدم طهران بنفسها أدلة كذب نصر الله، كما جاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني في الـ23 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين قال في كلمة تلفزيونية إنه لا يمكن في الوقت الحاضر اتخاذ ما اعتبره إجراء حاسما في العراق وسوريا ولبنان وشمال إفريقيا ومنطقة الخليج، دون إيران.
وهو ما رد عليه سعد الحريري حينها في تغريدة جاء فيها: "قول روحاني ألا قرار يتخذ في لبنان دون إيران قول مرفوض ومردود لأصحابه".
ولم يصدر من حزب الله حينها أي رفض لتصريحات روحاني، بل ضلل الرأي العام بقوله إنه "أسيء فهمها".
الأكذوبة (4)
أين هو حزب الله وإيران في اليمن؟
الحقيقة:
نصر الله أنكر وجود حزب الله وإيران في اليمن، متجاهلا أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2015 استقبل في بيروت وفدا مما يسمى باللجنة الثورية الحوثية، وعقدوا اجتماعا سريا مغلقا لمناقشة دعم مليشيا حزب الله للحوثيين ضد الحكومة الشرعية وضد التحالف العربي.
ووفق ما نشره موقع "يمن برس" حينذاك فإن من ضمن الوفد الحوثي نائف القانص نائب رئيس "اللجنة الثورية"، ومحمد المقالح وعلياء الشعبي وابتسام الحمدي.
وضم الاجتماع من قيادات مليشيا حزب الله: رئيس العمليات العسكرية ومدير الاستخبارات العسكرية ومدير دائرة العلاقات الخارجي، إضافة إلى مدير دائرة التسليح والتأهيل.
وقال الموقع نقلا عن مصادر خاصة لم يسمها أن الزيارة هدفت لـ:"إقناع القيادة الشيعية في لبنان بالتدخل العسكري المباشر في الحرب أسوة بتدخلهم في الحرب بسوريا"، إضافة إلى "زيادة المساعدات العسكرية والمالية التي يقدمها الحزب للجماعة والإشراف على توصيلها إلى اليمن بشكل آمن".
وفيما يخص التدخل الإيراني المباشر فقد أقرت به طهران ذاتها عدة مرات، منها في الـ31 من أكتوبر/تشرين الأول 2017، حين أكد قائد مليشيا الحرس الثوري الإيراني محمد جعفري استمرار دعم بلاده للحوثيين ليواصلوا الحرب في اليمن.
وفي أول ظهور له على قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، منذ اندلاع الحرب عام 2015، قال جعفري إن جميع شعوب المنطقة تعي بأن "المواجهة هي السبيل الوحيد للرد على السعودية وأمريكا وإسرائيل".
وسبق أن أقرَّ جعفري عام 2015 بأن إيران هي التي صنعت مليشيا الحوثي، بقوله إن "المقاومة اليمنية تعتبر اليوم آخر إنجاز للثورة الإيرانية".
وفي الخطاب ذاته كذَّب حسن نصر الله نفسه بنفسه حين قال: "موقفنا من اليمن لن يتبدل، لأنه موقف إنساني وأخلاقي وعربي.. وهو خارج الحسابات السياسية".
الأكذوبة (5)
السعودية تسعى لمحاربة إيران داخل لبنان
الحقيقة:
إيران نفسها ترد على كذب حسن نصر الله في هذه النقطة، فإيران نفسها لم تواجه السعودية وجها لوجه، بل صنعت وزرعت المليشيات الموالية لطهران في الدول المحيطة بالسعودية مثل اليمن والبحرين وسوريا والعراق ولبنان لتهديد أمنها عبر "وكلاء وعملاء"، منهم مليشيا حزب الله ذاتها.
والرفض السعودي لهذه المليشيات هو لقطع الأذرع التي مدتها إيران للعبث بالسعودية والمنطقة جميعها.
الأكذوبة (6)
حزب الله لم يأخذ موقفا من الأزمة بين السعودية وقطر
الحقيقة:
عقب اتخاذ السعودية بالمشاركة مع الإمارات ومصر والبحرين قرارا بمقاطعة قطر، ردا على نشرها الإرهاب، سارعت إيران الراعية لحزب الله لمد يد العون إلى قطر سياسيا وإعلاميا وعسكريا واقتصاديا.
وأي مواقف إيرانية هي تلقائيا مواقف تؤيدها مليشيا حزب الله، لتبعية الولاء لثورة الخميني ومشروعه الاحتلالي.
الأكذوبة (7)
السعودية تبث حالة القلق والخوف في لبنان
الحقيقة:
لم يشهد لبنان منذ الحرب الأهلية التي انتهت 1990 (وشاركت فيها مليشيا حزب الله أيضا) قلقا ولا خوفا ولا رعبا ولا تحريض الطوائف بعضها على بعض كما حدث على يد مليشيا حزب الله.
وتمثل ذلك باستقوائه بترسانة أسلحة إيرانية وروسية ضخمة على بقية مكونات لبنان، ولفرض النفوذ السياسي عليها، متخفيا وراء شعارات أنه يملك السلاح ليحمي لبنان من إسرائيل.
ومن الأمثلة على ذلك اجتياح حزب الله بيروت وبعض مناطق جبل لبنان، فيما عرف بأحداث الـ7 من مايو/أيار 2008، ردا على قرار الحكومة بمصادرة شبكة اتصالات تابعة لسلاح الإشارة الخاصة بمليشيا حزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير.
وحينها غطت المليشيا على إرهابها للبنانيين بأنها تسعى إلى حماية سلاح "المقاومة"، ولكن كان الهدف الحقيقي هو الحد من نفوذ الحكومة التي تنتمي لتحالف 14 آذار (الرافض لنفوذ إيران وسوريا)، خاصة بعد ظهور دعوات من خصوم حزب الله تطالب بطرد السفير الإيراني من بيروت.
وفي الـ6 من مايو/أيار اجتاحت مليشيا الحزب بيروت ونفذت هجمات ضد السكان والمنشآت الحيوية، حتى أنه أعلن إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي بنشر مسلحيه على طريق المطار، وأحرقوا مقرات تتبع "تيار المستقبل" الذي يتزعمه سعد الحريري.
وفي الـ7 من مايو/أيار استعرض الحزب قوته بمواكب مسلحة في الشوارع، ما أدى لقيام الجيش اللبناني بسحب جنوده من الشوارع لقطع الطريق أمام إيران وحزب الله من استغلال الوضع لإعادة الحرب الأهلية للبلاد.
وفي حين أن تيار 14 آذار -الذي يتزعمه تيار المستقبل وسعد الحريري- يعتبر أن يوم الـ7 من مايو/أيار يوما حزينا في تاريخ البلاد، إلا أن أتباع مليشيا حزب الله يصفونه بـ"اليوم المجيد" الذي "انتصروا" فيه على الدولة، ويصفونه كذلك بيوم "السحسوح" أي الصفعة، قائلين إن "المليشيا الإرهابية" صفعت الدولة على رقبتها.
ويَشِي هذا التفكير -إضافة إلى ما ورد في خطاب نصر الله بالأمس- بأن تكرار هذا الأمر وارد جدا لدى أتباع هذا الفكر الذي نصبوا أنفسهم الدولة فوق الدولة، ويتغذون على أن ولاءهم لعاصمة أخرى غير عاصمة بلدهم.