هل تتجه الأزمة اللبنانية نحو التدويل؟
ردود فعل متباينة أثارتها دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة من أجل إنقاذ لبنان.
طرح جاء في مسعى لتجاوز حالة الانسداد التي يعيشها لبنان بقدر ما يربط أزمات البلد الغارق في وضع اقتصادي مترد وبين تطبيق القرارات الأممية ومعظمها يرتبط بحزب الله وسلاحه.
الفيتو بدا جاهزا في معسكر حزب الله وحلفائه عبر عنه حزب رئيس الجمهورية الذي يرأسه صهره النائب جبران باسيل، قائلا إن التدخل الدولي في لبنان يعكس صورة سلبية عن العهد.
وسبق للرئيس ميشال عون أن أعلن رفضه لاقتراح مماثل بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي عندما ارتفعت الأصوات المطالبة بتحقيق دولي وقال "لن أسمح في عهدي أن يتم تدويل الأزمة اللبنانية أو يمس بالسيادة".
من الناحية القانونية يرى الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة "جوستيسيا الحقوقية"، أن الوصاية الدولية على البلاد لا تتحقق عناصرها في الحالة اللبنانية وفق القانون الدولي، إنما يشير في الوقت عينه الى أن الأمر قد يكون عبر تدخل غير مباشر عن طريق الدعم والتمويل لكن الوصاية وإعلان الدولة الفاشلة فهما أمران مستبعدان.
وأوضح لـ"العين الاخبارية" أن تدخل الأمم المتحدة يكون إما عبر طلب من إحدى الدول للمساعدة أو يكون تدخلاً إكراهياً لمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما استناداً الى المادة 39 في حالة تهديد السلم والأمن العالميين وهو الأمر غير المتحقق في حالة لبنان ويحتاج في مطلق الأحوال تصويت من مجلس الأمن بأكثرية 9 من أصل 15 عضواً ودون استعمال إحدى الدول دائمة العضوية في المجلس حق النقض الفيتو".
من الناحية السياسية، يقول النائب في تيار المستقبل، محمد الحجار لـ "العين الاخبارية" إن دعوة الراعي لعقد مؤتمر دولي هي رسالة تحذيرية وموجهة بشكل أساسي لرئيس الجمهورية لتسهيل تشكيل الحكومة لأنه هو المؤتمن على الدستور والذي يعطل التأليف في الوقت نفسه.
وفيما يعتبر الحجار أن التدويل حاصل بالفعل بعد المبادرة الفرنسية التي أدت إلى تدخل باريس ومن خلفها دول عدة أساسية لتشكيل الحكومة، يرى أن صرخة الراعي تحذيرية بأنه يمكن الذهاب أبعد من ذلك، إذا استمر الوضع على ما هو عليه".
ومع تأكيد المحلل السياسي، ومسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور أن دعوة الراعي لتدخل الأمم المتحدة وعقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان أتت بعد فشل كل المحاولات منها التي قام بها الراعي نفسه، مشددا على أن الأهم يبقى في تطبيق القرارات الدولية التي سبق عن صدرت من الأمم المتحدة وأهمها.
وترتبط هذه القرارات بتطبيق اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية، بشكل كامل وتحديدا تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها ونشر الحكومة اللبنانية لقواتها المسلحة على كامل أراضيها، وبالتالي تجريد حزب الله من سلاحه ونشر الجيش اللبناني فقط في المناطق الحدودية في الجنوب وهو ما لم يحصل حتى الساعة.
ويقول جبور لـ العين الاخبارية" إن "الراعي لم يتوجه الى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي إلا بعدما يئس من الفريق الحاكم (حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاءهما) وذلك تجنبا لانهيار لبنان وذلك في رسالة واضحة أنه لا توجد مرجعية لبنانية موثوقة".
ويضيف "بالتالي فإن دعوة الراعي هي رسالة تحذيرية بأنه يمكن الذهاب للمرجعية الدولية لأن المرجعية المحلية لا تريد تطبيق الدستور والقرارات الدولية والقوانين لإنقاذ لبنان ولإعادة الاتفاق على الأسس التي نص عليها اتفاق الطائف والقرارات الدولية المرتبط بسيادة لبنان وحياده".
ومع تأكيده أن موقف "حزب القوات" يتقاطع مع موقف الراعي، يشدد على أن هناك قرارات دولية لم تنفذ حتى الساعة والتي لا تختلف عن اتفاق الطائف الذي أقر بإجماع دولي ولم يطبق، وبالتالي الذهاب إلى مؤتمر دولي بشأن لبنان يرتبط بأهمية توقيته وظروفه لضمان تنفيذ قراراته كي لا تكون كسابقاتها، لذا يشير جبور إلى أنه "على الأقل داخليا اليوم إذا اتفقنا يمكننا العمل على إسقاط هذا الفريق والذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة لإحداث التغيير في البرلمان".
وفي السياق نفسه قال المحامي والنائب السابق بطرس حرب لـ"وكالة الأنباء المركزية" "كلام البطريرك صادر عن يأسه وفقدان أمله في رغبة أو إمكانية السياسيين اللبنانيين على معالجة الأزمة".
وطالب حرب العودة إلى نوع من انتداب دولي للبنان من قبل الأمم المتحدة، كي تفرض دولياً على المسؤولين وعلى الشعب اللبناني حلولا لم يتمكن لبنان من التوصل إليها.
ولفت حرب الى أنه يؤيد هذه الدعوة، متمنياً "إيجاد صيغة عملية تتمكن من تحويل هذا الطرح من إعلامي إلى عملي، وأن تتبناه الدول الصديقة للبنان، العربية والغربية منها وكل دول العالم، لكي تأخذ الأمم المتحدة مبادرة بفرض حلول على الشعب اللبناني خلافا لرأي حاكميه وتكريسا لعجزهم".
واليوم كان طرح الراعي محورا أساسيا في اللقاء الذي جمعه مع النائب المستقيل ميشال معوض حيث قال بعد الاجتماع "البطريرك أطلق صرخة وطرحا للحل مبنيا على ركيزتين: الأولى الحياد وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية التي نشهد أن لبنان يدفع ثمنها، والثانية تنظيم مؤتمر دولي لحماية لبنان وسيادته ودولته وشعبه وارادة شعبه".
وأضاف "هذا الطرح بدل مناقشته يواجه بحملات ومزايدات سيادية مزيفة، وكأن مطالبة المجتمع الدولي بحماية لبنان هي مس بالسيادة، أما إقحام لبنان في محاور خارجية أو ربطه بإيران أو غيرها فهو سيادي".
aXA6IDE4LjIxOS4yNTMuMTk5IA== جزيرة ام اند امز