غضب لبناني واسع بعد تنحية قاضي كارثة المرفأ
أثار قرار القضاء اللبناني بتنحية قاضي التحقيق في قضية انفجار المرفأ، استياء واسعا في لبنان وهدد أهالي الشهداء بتصعيد تحركاتهم.
ما ضاعف حالة الغضب الواسع في لبنان أن التبرير الذي أرفق بالقرار لم يكن مقنعا، حسب ردود أفعال لبنانية، وجاء بناء على طلب وزيرين سابقين ونائبين في "حركة أمل" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، حليف حزب الله، إضافة إلى ضغوط سياسية رافقت التحقيقات.
وجاء في قرار تنحية القاضي فادي صوان أن السبب يعود لاتهامه بعدم الحيادية، حيث تضرر منزله في الانفجار ما قد يؤثر على قراره في التحقيقات.
وصباح اليوم الخميس، أصدرت المحكمة التمييزية قرارا قضى بقبول طلب النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، نقل ملف تفجير مرفأ بيروت من يد القاضي فادي صوان وإحالتها إلى قاض آخر، يعين وفقا لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية.
ومن أمام قصر العدل في بيروت، حاملين صور أولادهم عمد أهالي الشهداء إلى قطع الطريق وأطلقوا صرختهم رافضين القرار، مطالبين بمعرفة حقيقة من قتل أبناءهم، معلنين عن خطوات تصعيدية في الأيام المقبلة.
وطالب الأهالي بإبقاء القضية بيد القاضي فادي صوان، وتأمين الحماية له، معتبرين أنه "عندما بدأ يضع يده على الجرح اتخذ القرار بتنحيته".
وفي كلمة له قال المتحدث باسم أهالي الضحايا إبراهيم حطيط: "تعرضنا لانفجار جديد عبر التحقيق المسيس الذي حصل.. نواجه عصابات وفاسدين من أعلى الهرم حتى أسفله.. التحقيق عاد إلى البداية والقاضي لن يتمكن من فعل أي شيء من دون الإذن السياسي وبالتالي لن نصل إلى الحقيقة".
وحذر: "لا تجعلوا منا قتلة ونحن مستعدون أن نأخذ حقنا بأيدينا.. أردتوها معركة فلتكن.. سنبقى في الشارع وسنصّعد تحركاتنا".
ومع المطالبة بمحكمة دولية للنظر في القضية تصدر هاشتاق "انفجار مرفأ بيروت" و"العدالة بدها محكمة دولية" (تحتاج لمحكمة دولية) تغريدات اللبنانيين ونواب معارضين، معبرين عن غضبهم واستيائهم من القرار.
وكتب النائب المستقيل في "حزب الكتائب" إلياس حنكش، على تويتر قائلا: "يقتلون اليوم ضحايا انفجار المرفأ مرة أخرى"، مرفقا التغريدة بهاشتاق "العدالة_بدها_محكمة_دولية".
بدوره انتقد المحامي نزار صاغية الأسباب التي تحدثت عنها محكمة التمييز لتنحية القاضي فادي صوان.
وكتب صاغية "دولة المقامات والحصانات تنتصر مرة أخرى. محكمة التمييز تعيب على القاضي صوان رفضه التوقف عند الحصانات بما تمثله من خطوط حمر في كارثة المرفأ، كما يعيب عليه تضرره من التفجير الذي تضرر منه مئات آلاف اللبنانيين بدرجات متفاوتة".
وسخر الإعلامي، سلمان عنداري، من قرار المحكمة وكتب على حسابه قائلا: "قرار محكمة التمييز بتنحية القاضي صوان أمر مثير للضحك والريبة.. تفاصيل القرار مخيفة جدا."
"اتهام بالمحاباة وعدم الحيادية وبطمس الحقائق وبجهات معينة تدخلت.. والأفظع كلام عن تضرر منزل القاضي جراء الانفجار، واعتبار ذلك ارتيابا وشكا في قدرته على التحقيق. تفاصيل القرار مخيفة وفاضحة"، أضاف عنداري.
السبب السابع لنقل القاضي يتحدث عن "تضرر منزل صوان من الانفجار مما يجعله متضررا شخصيا ويمنعه من التحقيق بغير ميل عاطفي ويؤدي إلى انعدام الحيادية في تعاطيه مع إجراءات الملف، الأمر الذي يوجب نقل الدعوى".
الموقف نفسه عبرت عنه الإعلامية لاريسا عون، وكتبت "يبدو أن القاضي صوان اقترب أكثر من المسموح من بعض السياسيين والأمنيين فتقرر كفّ يده عن الملف، ليس مستبعدا أن تستمر المراوحة والمراوغة والمماطلة في التحقيقات بأية وسيلة ممكنة، لعدم كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين، ليس مستبعدا لفلفة الملف وإعلان ما حصل قضاء وقدر".
وقال الناشط هادي مشموشي: "غير مستغرب، طالما المرشد الأعلى لولاية لبنان (أمين عام حزب الله) أبدى عن ارتيابه بالتحقيق بالتوافق مع الارتياب المشروع لوزيري شريكه بري، علي حسن خليل وغازي زعيتر تكون الأمور حسمت، خلال ساعات تم كف يد القاضي صوان لأنه لا يعترف بالحصانة، بل فقط الوصول إلى الحقيقة، السلطة تتعدى إعاقة التحقيق وتمييعه".
واعتبر الناشط مصطفى دهيبي أن: "القضاء اللبناني أصبح متهما بشكل مباشر في جريمة المرفأ بعد تواطئه مع الساسة الفاسدة المجرمة ومشاركته في عذل القاضي صوان، فلذلك نطالب بأن #العداله_بدها_محكمه_دوليه".
كذلك رأى الناشط وليد فريجي أن: "تنحية القاضي صوان مجزرة جديدة بحق القضاء والوطن.. بسحب الملف منه يقتلون شهداء المرفأ مرتين ينحرون حزن الأمهات والآباء والزوجات والأبناء مليون مرة.. العدالة في لبنان أساس الظلم وليس الملك.. مرفقا تغريدته بهاشتاق #العداله_بدها_محكمه_دوليه".
وبعد أكثر من ستة أشهر على الانفجار لم تتوصل التحقيقات إلى أي نتيجة رغم مشاركة فريق محققين فرنسيين ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
وتبيّن بعد وقوع الانفجار أن مسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك وإدارة المرفأ والحكومة، كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ.
وما أدى إلى ادعاء صوان الشهر الماضي رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، هم -إضافة إلى فنيانوس- وزير الأشغال السابق غازب زعيتر والمالية السابق علي حسان خليل، بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
لكن عاد صوان وأعلن الشهر الماضي تعليق التحقيقات بعدما طلب كل من زعيتر وخليل نقل الدعوى إلى قاض آخر، بعدما اتهما الاثنان القاضي بخرق الدستور لتمتع هؤلاء بحصانة دستورية، ويفترض أن تمرّ ملاحقتهم بمجلس النواب وهو ما لم يحصل.
وتجري السلطات اللبنانية تحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 2000 شخص، وأدى لتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعد أسوأ أزمة يواجهها لبنان منذ الحرب الأهلية.
ورغم توقيف 25 شخصا، بينهم مسؤولون عن المرفأ وآمنه وصيانته، لم تحرز التحقيقات تقدما حتى الآن، إذ دخلت السياسة على خط التحقيق وساهمت في عرقلته خصوصاً بعدما ادعى قاضي التحقيق على مسؤولين سياسيين.