مهمة الأبطال الأخيرة.. حكاية 10 رجال إطفاء ابتلعهم "انفجار بيروت"
شبّ حريق في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، مساء الثلاثاء، فانطلق الأبطال العشرة تلبية لنداء الواجب، وهناك لم تكن تنتظرهم مهمة لتنفيذها.
لم يتأخروا يوماً عن نداء استغاثة؛ ففي كل مرّة كانوا يهرعون إلى سياراتهم وينطلقون في شوارع بيروت بأقصى سرعة لإخماد ألسنة النيران وإنقاذ الأرواح والممتلكات، لكن نداء "الثلاثاء الأسود" كان الأخير في حياة الأبطال العشرة الذين ذهبوا إلى "مرفأ الموت" ولم يعودوا.
شبّ حريق في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، مساء الثلاثاء، فانطلق الأبطال العشرة تلبية لنداء الواجب، وهناك لم تكن تنتظرهم مهمة لتنفيذها، إذ كانوا على موعد مع الموت عندما وقعت كارثة الانفجار.
في أول الأمر، أدرجوا بعداد المفقودين لساعات، لكن محافظ بيروت مروان عبود أعلن، الأربعاء: "أننا خسرنا 10 عناصر من فوج إطفاء بيروت"، هم 9 شبان وفتاة.
حتى اللحظة لا يصدّق الأصدقاء في فوج إطفاء بيروت أن مَن كانوا معهم في الأمس يضحكون ويمزحون رحلوا من دون عودة.
أحد أصدقاء الشهداء تحدّث عن حجم الخسارة والألم، فقال والدموع في عينيه: "في الأمس رن جرس الحريق، سارع شربل حتي وشقيقه نجيب إضافة إلى شربل كرم وجو بو صعب، رامي كعكي، مثال حوا، رالف ملاحي، إيلي خزامي، جو نون وسحر فارس لأداء المهمة".
وأضاف: "وصلوا جميعهم في ذات اللحظة إلى آليات الإطفاء والإسعاف، الرقيب وفيق السبيعي كان يريد أن يقود السيارة، إلا أن مثال حوا أصرّ على الذهاب بدلاً عنه، وإذ بالموت يخطفه".
وتابع: "رامي الكعكي هو رئيس الفرقة ومصوّر فوج الإطفاء، وقد ظهر الاثنان في الصورة الأخيرة عند فتحهما وزميلهم جو نون باب العنبر قبل أن تحل الكارثة".
ويقول مصدر لـ"العين الإخبارية": "8 جثث من رجال الإطفاء لم يعثر عليها حتى الآن.. تمَّ العثور على جثة سحر، وقد تمَّ التعرف عليها من أظافرها والسروال الذي ترتديه، كما عُثِر على جثة آخر لم تُحدّد هويته حتى اللحظة نتيجة التشوهات التي أصابته".
ويتابع: "معظم مَن كانوا في المهمة هم ممن دخلوا إلى فوج الإطفاء في دورته الأخيرة عام 2018، أما شربل كرم وإلياس خزامي فقط فهما من دورة سنة 2008".
ويوضح: "رامي الكعكي والد لفتاة، في حين أن مثال حوا وإلياس خزامي كانا ينويان إقامة حفل زفافهما عما قريب، وإذ بنا نزفهما إلى مثواهما الأخير، فقدناهم شهداء نفتخر بهم".
ولم يسلم مركز إطفاء بيروت في الكرنتينا من الانفجار، إذ تعرّضت حياة العشرات للخطر كما باقي اللبنانيين.
"ما حصل بالأمس كارثة لن تمحوها السنين وسيبقى دم كل شهيد خسره لبنان في رقبة كل مسؤول عن وجود مخزن متفجرات خطير في مرفأ عام"، يقول أحد العناصر.
ويضيف: "كم هو محزن أن يصبح من كرّس نفسه لإنقاذ الناس، محط استفسار عمّا حدث له نتيجة انفجار وقع في المكان الذي كان يعمل على إخماد الحريق فيه، وبعد طول انتظار، وساعات مرّت كالدهر على عائلاتهم أتى الخبر الأليم"، متابعاً: "هذه خسارة لا تعوض لعشرة شبان في بداية مشوارهم في الحياة".
وشهد مرفأ بيروت، الثلاثاء، انفجاراً هائلاً وقع في مستودع بالعنبر رقم 12 قرب صوامع القمح، وسُمع دويه في بيروت، أدى إلى سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى وتدمير الكثير من المباني.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني، الأربعاء، أن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت الذي ألحق أضرارا كبرى بالأحياء المجاورة في المدينة أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح.