مرفأ بيروت ينفجر "سياسيا".. اعتداء على نواب وأزمة القضاء تزيد اشتعالا
على صفيح أزمة قضائية ينبض المشهد اللبناني على خلفية تطورات قضية انفجار مرفأ بيروت، فيما تعرض نواب للضرب، في حيثيات تنذر بتصعيد خطير.
واليوم الخميس، دخلت القضية منعطفا خطيرا غداة الإفراج عن كافة الموقوفين، وإثر اعتداء عناصر من حرس وزير العدل هنري الخوري، على عدد من أعضاء مجلس النواب عقب لقاء جمعهم بالوزير بقصر العدل، وخصص لبحث سبل حل الأزمة.
وأمس الأربعاء، قرر النائب العام التمييزي بلبنان غسان عويدات إطلاق سراح كافة الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت وسط أزمة قضائية بعد إعلان المحقق العدلي في القضية استئناف تحقيقاته فيها عقب 13 شهراً على تعليقها.
واليوم، التقى وزير العدل بوفد من النواب يضم: ملحم خلف، حليمة قعقور، فراس حمدان، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، وضاح الصادق وأشرف ريفي، جورج عقيص، غسان حاصباني.
كما ضم الوفد أيضا النواب نزيه متى، سعيد الأسمر، غياث يزبك، رازي الحاج، الياس حنكش، نديم الجميل، ابراهيم منيمنة، مارك ضو، ميشال الدويهي، ميشال معوض وأديب عبد المسيح، فؤاد مخزومي وثلة من المحامين.
اعتداء بالضرب
نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني، قال إن "عناصر من حرس وزير العدل الشخصي قاموا بالاعتداء على عدد من النواب الذين شاركوا في الاجتماع مع الوزير".
ووصف حاصباني، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، ما يحدث بأنه "أمر في غاية الخطورة، فلا يجوز أن يصبح القضاء تحت الطلب من السلطة السياسية، أو أي تدخلات أخرى داخلية أو خارجية".
وأكد أن "القاضي عويدات تصرف خارج نطاق سلطته، وأطلق سراح موقوفين قيد التحقيق من قبل المحقق العدلي، وهي سلطة منفصلة تماما عن المدعي العام التمييزي. كما لا يجوز لأي جهة التدخل في مسار عمل المحقق العدلي".
واعتبر أن ما يحدث سابقة خطيرة تنذر باحتمال تأخير وتضييع التحقيق وكشف الحقيقة وتحقيق العدالة بانفجار المرفأ، متابعا: "نحن إلى جانب أهالي المتضررين، وكل اللبنانيين الذين يطالبون بالعدالة، وندين أي عمل من شأنه حرف التحقيق عن مساره ونطالب بالمحاسبة فورا".
ومن جهته، أكد النائب أديب عبد المسيح، عقب اجتماع النواب مع الوزير، أنه "أثناء الاجتماع، تعرض النائب وضاح الصادق للضرب وحدثت مناوشات بين نواب وعناصر أمنية بوزارة العدل، وتم سحب هاتفي ومصادرته من قبل هذه العناصر"،
وأوضح: "كنا نطالب وزير العدل بأخذ قرار قانوني، فرد الوزير بأن ليس لديه سلطة على القضاء، ومن ثم تم الاعتداء عليّ وعلى النائب وضاح الصادق والنائب غسان حاصباني".
رواية الوزير
في تفاعل سريع مع ما جرى، أعرب وزير العدل هنري الخوري عن أسفه، لـ"المشاهد السيئة والمؤسفة التي حصلت أثناء استقباله مجموعة من النواب داخل قصر العدل، والذي تسببت فيه الأجواء القضائية المشحونة، ونوايا بعض النواب الذين لم يلتزموا أصول التخاطب واللياقة مع الوزير".
وقال بيان صادر عن مكتب الوزير، إنه وافق على استقبال النواب الذين استرسلوا بالإدلاء بمواقفهم، وكان مصغياً بهدوء لجميع المداخلات، إلا أن حماسة بعض النواب وصراخهم وتهجمهم على الوزير، وتحديدا النائب وضاح الصادق الذي كال لوزير العدل بألفاظ نابية طالبا منه الاستقالة إذا لم يتصرف، دفعت بالقاضي إيلي حلو إلى التقدم من النائب طالباً منه الهدوء والجلوس".
وأردف: "إلا أن النائب استشاط غاضبا وقال للقاضي (شيل ايدك عني/ أبعد يدك عني)، فأجابه القاضي لا أسمح لك بإهانتي. وهنا ثار بعض النواب وتدافعوا صوب القاضي الذي دفعه وضاح الصادق خارجاً عندما حاول الدفاع عن نفسه، وهنا تدخل أمن الوزير ومرافقوه للحيلولة دون التضارب الذي حصل بين مجموعة من النواب والأمن".
وجدد الوزير أسفه لهذا الاحتداد المفرط الخارج عن المألوف، والذي أدى إلى هذا الهرج والمرج، مشيرا إلى أنه خلال اللقاء أبدى كامل استعداده باستعمال كافة صلاحياته لمعالجة تداعيات ملف المرفأ ومستجداته، وهو حريص على السير به إلى خواتيمه مهما كانت الظروف، وأنه لم يتوان سابقاً عن استعمالها منذ توليه مهام الوزارة.
استنكار واحتجاجات
وحول اجتماع النواب مع وزير العدل، قالت النائبة بولا يعقوبيان في تصريح تلفزيوني: "ما سمعناه من وزير العدل لا يطمئن، ونحن نشتم رائحة كريهة بالتوجه إلى عزل القاضي بيطار، وتعيين قاض آخر ونحن نحذر من هذا الأمر".
فيما غرد النائب وضاح صادق عبر حسابه بموقع تويتر، يقول إن "القضاء ينتحر ويأخذ البلاد إلى المجهول. السلطة السياسية اتخذت قرارا باستعادة السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة حتى لو أريقت الدماء. عسى ألّا يكون الآتي أعظم".
وتزامن اجتماع الوزير مع النواب محاولة عدد كبير من المحتجين خلع البوابة الحديدية التابعة لوزارة العدل، فور سماعهم بالاعتداء على النواب، بحسب ما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
أزمة قضائية
ضمن تطورات قضية مرفأ بيروت، أصدر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، قرارا بعدم استلام أي قرار أو تبليغ أي مستند من قبل القاضي طارق البيطار كونه مكفوف اليد.
كما أحال عويدات البيطار على التفتيش القضائي بموجب ادعائه الأخير عليه.
والأربعاء، قرر عويدات إطلاق سراح كافة الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت وسط أزمة قضائية بعد إعلان البيطار استئناف تحقيقاته فيها بعد 13 شهراً على تعليقها.
وباليوم نفسه، قرر عويدات الادعاء على البيطار وسط معركة قضائية اشتعلت الأسبوع الحالي بين الطرفين، وفق ما قال مسؤول قضائي لوكالة فرانس برس.
من جانبه، أعرب البيطار عن رفضه التنحي عن الملف إثر ادعاء النائب العام التمييزي عليه بتهمة "التمرد على القضاء".
واعتبر البيطار أن "أي تجاوب من قبل القوى الأمنية مع قرار النائب العام التمييزي بإخلاء سبيل الموقوفين سيكون بمثابة انقلاب على القانون".
وفي خضم التطورات، حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاني من أن الانقسامات في الكيان القضائي تنذر بتداعيات خطيرة إذا لم يعمل أهل الشأن أنفسهم على حلّ هذه المعضلة بحكمة، بعيدا عن السجالات السياسية والحملات المتبادلة.