غواصة نووية تنضم للبحرية الأمريكية رغم أزمات الإنتاج
في خطوة تُعدّ إضافة مهمة لقدرات الولايات المتحدة تحت سطح البحر، أعلنت البحرية الأمريكية رسمياً انضمام الغواصة النووية الهجومية "يو إس إس ماساتشوستس" (SSN-798) من فئة فرجينيا إلى الخدمة.
بدأت الغواصة أولى تجارب الإبحار في أكتوبر/ تشرين الأول 2025. وبانضمامها يرتفع عدد الغواصات العاملة من فئة فرجينيا إلى 25 غواصة، ضمن خطة تمتد لإنتاج 66 غواصة من هذا الطراز
وتأتي دخولها الخدمة في وقت تعاني فيه البحرية من قصور هائل في القدرة الإنتاجية، حيث تراجع معدل البناء من غواصتين سنوياً إلى ما يقارب غواصة واحدة فقط، رغم خطط البحرية لرفع الإنتاج خلال العقود الثلاثة القادمة إلى ثلاث غواصات هجومية وغواصة استراتيجية سنوياً.
تحذيرات من أزمة برامج الغواصات
القبطان المتقاعد جيري هندريكس كان أول من حذّر من "أزمة حقيقية" في قدرة الولايات المتحدة على بناء وصيانة الغواصات، مشيراً إلى أن أحواض السفن غير قادرة على مواكبة الطلب المتزايد. كما أكد النائب الجمهوري كين كالفرت أن برامج الغواصات تجاوزت الميزانيات بنحو 17 مليار دولار وتأخيرات لثلاث سنوات، متهماً البحرية بإخفاء معلومات عن حجم التحديات، ووصف خططها بأنها "مجرد طموحات".
أولوية الانتشار في المحيط الهادئ لمواجهة الصين

تسعى البحرية الأمريكية إلى تعزيز وجودها في غرب المحيط الهادئ لمواجهة التفوق الصيني. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، شهدت جزيرة غوام أول تمركز دائم لغواصة من فئة فرجينيا.
وتمتاز هذه الفئة بقدرات أعلى من حيث التخفي والسرعة مقارنة بغواصات لوس أنجلوس التي كانت متمركزة سابقاً في المنطقة.
ويستند هذا التوجه إلى إدراك واشنطن أن الغواصات تمثل نقطة التفوق الأكثر وضوحاً للبحرية الأمريكية، في وقت تقترب فيه الصين من مضاهاة الولايات المتحدة في عدد المدمرات والطائرات المقاتلة الحديثة.
منافسة متصاعدة مع روسيا والصين
تُعد غواصات فرجينيا واحدة من أقوى الغواصات الهجومية في العالم، لكن المنافسة تزداد صعوبة مع دخول الغواصات الروسية ياسن-إم الخدمة بأعداد متزايدة، وبدء تسليحها بصواريخ كروز فرط صوتية عام 2025.
أما الصين، فتواصل تطوير الغواصات من طراز تايب 095 التي يتوقع أن تدخل الخدمة في ثلاثينيات القرن الحالي، وسط تقديرات بأن تحقق قفزة نوعية في تقنيات التخفي والدفع.
ويرى خبراء أن احتفاظ الولايات المتحدة بالتفوق تحت سطح البحر يمثل ميزة استراتيجية حاسمة، خصوصاً إذا تراجع تفوقها في المجالات الأخرى.
قدرات الغواصة الجديدة
ماساتشوستس هي النسخة الأكثر تطوراً من غواصات فيرجينيا حتى الآن، ويشمل تحسينات في التسليح وإعادة تصميم المقدمة وخفض تكاليف الصيانة على المدى الطويل.
تُعد الغواصة "يو إس إس ماساتشوستس" وحدة متطورة تبلغ من الطول 115 متراً والعرض 10.63 متراً، وتُدفع بمفاعل "S9G" النووي بمحرك ديزل مساعد، تصل سرعتها القصوى إلى 46 كم/ساعة.
تتركز قوتها الضاربة في أربعة أنابيب طوربيد عيار 21 بوصة و12 أنبوب إطلاق عمودي لصواريخ "توماهوك" تمكنها من إطلاق 16 صاروخاً دفعة واحدة.

وتتفرد الغواصة بتصميمها المُوجه لدعم عمليات القوات الخاصة، حيث يمكن إعادة تشكيل غرفة الطوربيد وتجهيزها بصندوق كبير للغواصين ومعدات حرب الأعماق.
كما زُودت بنظام صواري فوتونية متطور بدلاً من المناظير التقليدية ونظام "تحكم سلكي" (FBW) يمنحها القدرة على القيام بمناورة استثنائية في المياه الضحلة.
ويبلغ طاقمها 135 فرداً، ومن المقرر أن تشمل الغواصات المستقبلية إضافة وحدة الحمولة الممتدة بطول 84 قدماً لتعزيز قدراتها على التفاعل مع بيئة قاع البحر وزيادة حمولتها بشكل كبير.
تمثّل "يو إس إس ماساتشوستس" إضافة قوية للبحرية الأمريكية، لكنها تكشف في الوقت ذاته حجم التحديات التي تواجهها واشنطن في صيانة وتوسيع أسطولها البحري. ومع اشتداد المنافسة مع روسيا والصين، تبدو الولايات المتحدة أمام اختبار استراتيجي وصناعي حاسم للحفاظ على تفوقها البحري في العقود المقبلة.