عشية انتخاب الرئيس.. معارضة لبنان: تردد "نواب الضباب" يخدم حزب الله
أنظار اللبنانيين تتجه إلى نواب لم يحسموا بعد خيارهم لمرشح الرئاسة وسط آمال كبيرة على جلسة برلمانة مقررة غدا الأربعاء لسد الشغور.
22 نائبا لبنانيا لم يحسموا بعد خيارهم الرئاسي بين المرشحين الحصريين الوزير الأسبق جهاد أزعور، وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
وقبل أيام، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ظهر غد، في جلسة ستكون الـ12، بعد إخفاق المجلس على مدار 11 جلسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد منذ 29 سبتمبر/أيلول الماضي.
فشل خيم على جلسات المجلس بسبب انقسام القوى السياسية، وإصرار حزب الله على فرض مرشحه، الوزير الأسبق زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
وعشية الجلسة، لا تزال الاتصالات مستمرة بصفوف النواب ممن لم يحسموا خياراتهم بعد، حتى أن وسائل إعلام محلية وصفتهم بـ"نواب الضباب"، حيث يواصل 6 من نواب قوى التغيير اجتماعاتهم لحسم موقف التكتل، وهم على ما يبدو يتجهون إلى اتخاذ موقف واضح من الاستحقاق الرئاسي.
أما التكتل النيابي المستقل الذي يضم 10 نواب يتوزعون بين الشمال وبيروت وصيدا، فقد اجتمعوا في منزل النائب محمد الحوت، أمس الإثنين، والذي أعلن عقب الاجتماع أنه "إفساحا لفرصة النقاش لن نعلن عن أي اسم"، وتابع: "بياننا واضح ولسنا مع تسجيل النقاط بل التوافق لإخراج البلد مما هو فيه".
أما النائب محمد سليمان، فقال إن "الخيارات مفتوحة يوم الأربعاء ونحن خارج الاصطفافات ومع انتخاب رئيس فقط".
دعوات
ولحث النواب المترددين على حسم موقفهم، أكد تكتل "الجمهورية القوية" (التكتل النيابي لحزب القوات برئاسة سمير جعجع، عقب اجتماعه الدوري اليوم الثلاثاء، عبر تطبيق زووم على الإنترنت، على ضرورة أن تكون الجلسة (غدا الأربعاء)، النهائية التي تُفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية".
وحمل التكتل كل من يُفقِد النصاب مسؤولية استمرار الشغور وانعكاساته على البلد على الصعيدين المالي والسياسي.
وجدد التكتل التأكيد على قراره السابق بـ"التصويت للمرشّح أزعور في جلسة الغد"، داعيا نواب المعارضة جميعهم، وخصوصًا الذين لم يتّخذوا موقفًا حتى الساعة، إلى "التصرُّف بحكمة ومسؤوليّة لإنجاز هذا الاستحقاق في هذه الجلسة بالذات، بدلاً من الاستمرار في الفراغ الرئاسي".
وشدد التكتل على "إلزامية التصويت لهذا المرشح أو ذاك من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد، والخروج من دوامة الشغور المفتوح، والتذرع بأن الدستور يتيح للنائب الاقتراع بـ"ورقة بيضاء" أو "لمن يشاء من أسماء"، معتبرا أن هذا أمرٌ ليس في محله إطلاقًا، باعتبار أن المهلة المنصوص عليها في الدستور ليست ترفًا، وإنما ملزمة.
وأضاف: "من مسؤوليّة النائب الدستوريّة والوطنيّة انتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيما بعد ثمانية أشهر على الشغور الرئاسي، فضلا عن أن "من يتلكأ بحجج واهية يتحمّل أمام جميع اللبنانيين مسؤولية استمرار هذا الشغور".
ونوه إلى البيان الصادر عن المرشح جهاد أزعور الذي أكد في خلاله على استقلاليته ويده "الممدودة ليشمل الحوار كل المكونات والقوى السياسية، والشريكة في الوطن على قاعدة التلاقي لتحقيق إجماع وطني يحتاجه لبنان أكثر من أي وقت مضى"، وتشديده على "إعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها، والالتزام بالدستور، وإعادة وصل ما انقطع مع محيطنا العربي ومع دول العالم الأخرى".
أجندة حزب الله
من جهته، رأى رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض أن "تردد النواب في المعركة الرئاسية تحت شعار عدم الدخول في الاصطفافات يخدم أجندة حزب الله على حساب الدولة"، مؤكدًا أن جهاد أزعور هو الخيار الثالث “لأنه مرشح التلاقي لا مرشح المعارضة”.
وأضاف معوض في تصريحات تلفزيونية مساء أمس: "هذا التردد يؤدي إما لدعوتنا إلى الخضوع لحزب الله ومرشحه، وإما لإطالة أمد الفراغ، أو بأحسن الأحوال تقوية الورقة التفاوضية لحزب الله على حساب الدولة".
أما النائب غسان سكاف (مستقل)، فأكد في حديث إذاعي، أن "هناك غموضا وترقبا حول سيناريو جلسة الأربعاء، ولا يمكن الجزم بما سيحدث"، لافتا إلى أن "هناك مساحة رمادية، إذ ان هناك ما بين 20 و22 نائبا لم يحسموا خياراتهم".
وقال سكاف إن "هناك استنفارا سياسيا ونيابيا استعدادا للجلسة، لكن السؤال هو ماذا سنفعل في اليوم التالي؟"، معتبرا أن "دخول جهاد أزعور على الخط الرئاسي أعاد الزخم إلى الحراك الخارجي".
ونبه إلى أنه "بالتوازي مع الاستنفار السياسي، هناك استنفار دبلوماسي لأن فرنسا تسلمت مجددا الملف اللبناني من اللجنة الخماسية المعنية بلبنان، وسلمته بدورها إلى وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، الذي سيصل إلى بيروت بعد جلسة الأربعاء"، مؤكدا "أن الحراك الفرنسي عبر لودريان هو بغطاء من اللجنة الخماسية".
وفي هجومه على النواب الذين لم يحسموا موقفهم بعد، غرد النائب غياث يزبك، عضو تكتل الجمهورية القوية، عبر موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة : "إلى النواب الرماديين، أوراقكم البيضاء طعنة، مرشحكم الثالث سقوط، ترددكم خيانةٌ لناخبيكم وارتدادٌ على الدولة.. الأربعاء الرئاسي نصف الطريق بين موتِ وطن وقيامتِه".
ملامح
وقبل يومين، وللمرة الأولى رسميا، توجه جهاد أزعور مرشح فريق المعارضة، والتيار الوطني الحر وعدد من المستقلين ونواب قوى التغيير، ببيانه الرئاسي الأول، كاشفا للرأي العام معالم وملامح ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وتحدث المرشح الرئاسي، الذي شغل بين عامي 2005 و2008 منصب وزير المال في الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة، بلهجة حرصت على عدم الصدام مع أي طرف، مشددا على أنه "ليس مرشح تحد لأحد، ولا بطل طائفة في مواجهة أخرى".
ومحددا الإطار العام الحاكم لترشحه للرئاسة، قال أزعور: "ترشيحي هو دعوة إلى الوحدة وكسر الاصطفافات والبحث عن الجوامع المشتركة في سبيل الخروج من الأزمة وتوظيف كل ما أوتينا جميعًا من خبرة ومخيّلة وإرادة للعودة إلى طريق التقدم".
ونبه إلى أنه "إزاء التحديات الاقتصادية العملاقة التي نواجهها، فلا خيار أمامنا سوى وضع ما يفرّق بيننا جانباً، والتعالي على الاصطفافات والاعتبارات الضيّقة، والاتحاد على هدف واحد مشترك هو إنقاذ بلادنا".
في المقابل، فتح المرشح الرئاسي سليمان فرنجيه الباب على إمكانية القبول بـ"التسوية"، قائلا في كلمة له قبل يومين: "لا مشكلة لدينا في الاتفاق على مرشح وطني وجامع"، في إشارة إلى انتقال حزب الله وحلفائه العاجز عن تأمين الأصوات الكافية لانتخاب مرشحه، إلى المرحلة التالية في الاستحقاق الرئاسي تحت عنوان التسوية لانتخاب رئيس توافقي لا غلبة لأي فريق عبره على الآخر.
وأعلن في الوقت نفسه أنه لم يفرض نفسه على أحد، و"لا مشكلة لدينا من الاتفاق على مرشح وطني وجامع".
وأضاف: "أنا لبناني ماروني عربي وملتزم بالإصلاحات والطائف، ولا يوجد في قاموسي أي تعطيل في الحياة السياسية"، متعهدا بأن "يكون رئيساً لكل لبنان إذا وصل لمنصب الرئيس".
وتوجه إلى "التيار الوطني الحر"، قائلاً: "تريدون مرشحاً من خارج المنظومة، ومرشحكم ابن المنظومة ووزير مالية الإبراء المستحيل". متابعا: "(التيار) طرح اسم الوزير السابق زياد بارود، ومن ثمّ عاد وطرح اسم جهاد أزعور، الذي ينتمي إلى المنظومة، التي يقول التيار إنه لا يريد رئيساً منها".
إحراج
ويوما بعد يوم، يكتسب طرح اسم وزير المالية اللبناني الأسبق جهاد أزعور كمرشح توافقي للرئاسة، وقبل يوم من جلسة جديدة للبرلمان اللبناني مخصصة لانتخاب رئيس للبلاد بعد فشل 11 جلسة سابقة، يسحب الزخم المتواصل الذي يحظى به الأول البساط من تحت أقدام الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل اللذين يتمسكان - حتى الآن - بسليمان فرنجية كمرشح للرئاسة.
"مغامرة إنقاذية".. أزعور يفرج عن ملامح مشروعه لرئاسة لبنان
وتقول مصادر سياسية لوسائل إعلام محلية، إن وزير المال الأسبق، الذي يدعمه فريق المعارضة والتيار الوطني الحر وبعض النواب المستقلين والتغييريين، سينال عددا كبيرا من الأصوات يناهز وفق الترجيحات بين 60-65 صوتاً بقوة ضغط متعاظمة.
واعتبرت أن ذلك سيجعله رئيسا شعبيا وميثاقيا وليس دستوريا، وهو ما رأت تلك المصادر أنه سيحرج الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، باعتبار أن أقصى ما يمكن أن يحصده مرشحه هو 40 صوتا.
ويتطلب الفوز برئاسة لبنان الحصول على ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 عضوا في الجولة الأولى للانتخاب، أو الحصول على 65 صوتا في الجولة الثانية للانتخاب بنفس الجلسة، شريطة وجود ثلثي (86 عضوا) أعضاء المجلس داخل الجلسة، وهو ما لم يتحقق خلال الجلسات الـ11 السابقة.