نحن في المملكة موقفنا واضح تجاه حزب الله وليس لبنان الدولة،
الخطاب السياسي السعودي لم يمس استقلالية الدولة في لبنان، ووحدته، والعيش المشترك بين مكوناته، ولم يتدخل في شؤونه، أو يناور في محيط توجهاته وعلاقاته، وإنما كان يتحدث بوضوح عن حزب إرهابي تطاول في حدوده، وأذاه، وشبهاته، وممارساته العدائية، وأجنداته الإيرانية في إثارة الفتنة، والانقسام، وتصدير الثورة، وخلط الأوراق في ظرف دولي بالغ الحساسية تجاه منطقة تنشد الأمن والاستقرار.
ما تواجهه لبنان الدولة اليوم أخطر من الفراغ الرئاسي قبل وصول عون، وأكثر حساسية من مجرد استقالة رئيس حكومة، وأكبر من انحياز إلى إيران وحزبها الشيطاني؛ إنه باختصار تحالف مع الإرهاب، وهذا الواقع لم يتعامل معه اللبنانيون بحكمة، وبُعد نظر.
المملكة لا تريد أن تخسر لبنان الشقيق -ومباشرة سفيرها أمس الأول لمهام عمله تأكيد على ذلك-، ولكن اللبنانيين عليهم ألا يخسروها، وأولهم الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي تحدث بلغة غير دبلوماسية عن المملكة بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وأتبعه الخطاب السياسي في مهمة حشد وتأزيم وتصدير الأزمة إلى الخارج، وزاد عليه بعض الإعلاميين اللبنانيين في هجوم غير مبرر، وكل ذلك من أجل حزب الله وخدمة المشروع الإيراني في لبنان والمنطقة.
عون في خطاب تسلم السلطة التزم بسياسة النأي بالنفس التي كان عليها توافق المكونات السياسية في وصوله إلى الحكم، ولكنه لم يلتزم بتطبيقها، ومضى بين ألغام حزب الله وإيران من دون أن يكون له كلمة تجرح مشاعرهما، أو تدين سلوكهما، أو على الأقل حماية مصالح دولته مع حلفائها، وهذا الصمت كان إدانة سياسية لعون، وحينما تحدث انحاز إلى حزب الله والدفاع عنه بدلاً من أن ينحاز إلى الدولة ويحافظ على مصيرها ووحدتها.
ما تواجهه لبنان الدولة اليوم أخطر من الفراغ الرئاسي قبل وصول عون، وأكثر حساسية من مجرد استقالة رئيس حكومة، وأكبر من انحياز إلى إيران وحزبها الشيطاني؛ إنه باختصار تحالف مع الإرهاب، وهذا الواقع لم يتعامل معه اللبنانيون بحكمة، وبُعد نظر، بل ذهب وزير الخارجية جبران باسيل ليتحدث بلغة بليدة أمام العالم من أن "لبنان هو من يقرر سياسته الخارجية والداخلية، ولا نتدخل في شؤون أحد ولا نريد أن يتدخل أحد في شؤوننا"، وإذا كان كذلك فالدولة قررت أن تدعم الإرهاب، وسمحت لإيران أن تتدخل في شؤونه، ولحزب الله أن يدير الحكم نيابة عنها؛ بمعنى أوضح لبنان مُختطَف فأي دولة يتحدث عنها باسيل!
نحن في المملكة موقفنا واضح تجاه حزب الله وليس لبنان الدولة، ومهما يكن من تفاصيل فلا يجب على بعض الساسة في لبنان أن يخلطوا الأوراق، ويجعلوا من الحزب دولة، أو يمنحوه حصانة في الداخل وإيران في الخارج ونصمت على سلوكه وتجاوزاته، وبالتالي ردة الفعل السعودية –كما هي العربية في الاجتماع الوزاري مؤخراً- تؤكد أن الموقف من حزب الله لا يختلف عن الموقف من إيران في دعم الإرهاب، وهذا الإجماع رسالة إلى عون وفريقه أن كذبة النأي بالنفس سقطت كمشروع سياسي، ولا بديل عن تحمل المسؤولية، وتجريد العواطف، والتصرّف كرئيس دولة حتى لا يكون ثمن التحالف مع الإرهاب مكلفاً على لبنان وشعبه.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة