على أنقاض أزمات السياسة والاقتصاد.. الانتخابات البلدية أحدث تحديات لبنان
يستعد لبنان لإجراء الانتخابات البلدية في شهر مايو/أيار المقبل، رغم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
فقد أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي، اليوم الاثنين، عن إجراء الانتخابات البلدية اللبنانية في الفترة من 7 إلى 28 مايو/أيار المقبل.
مولوي أكد في مؤتمر صحفي عقده اليوم جاهزية وزارته لإجراء، الانتخابات البلدية، في لبنان الذي يعاني شغورا رئاسيا منذ نحو 6 أشهر.
وفشل مجلس النواب اللبناني على مدار 11 جلسة في انتخاب رئيس للبلاد، منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يأتي هذا بالتوازي مع أزمة اقتصادية طاحنة، أدت إلى انهيار سعر العملة المحلية، وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والطاقة، بالإضافة إلى أزمة سياسية عطلت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن تشكيل حكومته منذ مايو/أيار الماضي.
تنظيم الانتخابات البلدية بات ضرورة، إذ تنتهي الولاية الممددة للمجالس البلدية في لبنان، في 31 مايو/أيار المقبل، ويفرض القانون تنظيم الانتخابات قبل ذاك التاريخ.
ويضغط المجتمع الدولي على لبنان لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، إذ يقول مراقبون إن هناك إشكاليات قانونية تواجه إقرار الاعتمادات المالية اللازمة المفترض أن يحصل من خلال مجلس النواب، الذي ترفض تكتلات نيابية بارزة انعقاده للتشريع في ظل الشغور الرئاسي، إضافة إلى الأزمة المالية الكبيرة التي تعاني منها البلاد مع شح العملات الصعبة في المصرف المركزي.
مولوي، أعلن اليوم أن الانتخابات ستجرى يوم 7 مايو/أيار في محافظات الشمال وعكار، ويوم 14 مايو/أيار في جبل لبنان، و21 مايو/أيار في بيروت والبقاع وبعلبك - الهرمل، و28 مايو/أيار في الجنوب والنبطية.
وقال إنه "لا نستطيع التوقف عند مشاكل البلد وألا نتقدم ولا خطوة".
وأضاف: "نحن ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة، واليوم أو غداً نصدر التعميمات اللازمة بخصوص الترشيح ونكرر طلبنا بتأمين الاعتمادات اللازمة لخوض الانتخاب".
واعتبر مولوي أن استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية في هذه المرحلة هو تحدٍّ، وقال "نحن اعتدنا على المواجهة لمصلحة المواطن ولتطبيق القانون"، مشددا على أن الإصرار والنيّة ضروريان لإجراء الانتخابات".
وقال "لكن لا يكفي ذلك، وإصرارنا ترافق مع عمل، ونحن نطالب بتأمين الاعتمادات، والمبلغ ليس كبيرا مقابل ما أنفق في العامين الماضيين".
ودعا وزير الداخلية اللبناني إلى إجراء الانتخابات في موعدها لأهميتها، مؤكدا الالتزام بالقانون فيما يخص دعوة الهيئات الناخبة، وقال "نحن جاهزون إداريا، والقوائم الانتخابية حاضرة، وستصدر قرارات تقسيم أقلام الاقتراع وسنصدر قرارات المهل المتعلقة بالترشيح اليوم بعد الظهر".
وأضاف "كنا طلبنا من الحكومة تأمين الاعتمادات اللازمة، فالعملية الانتخابية متكاملة وندعو المواطنين والإعلام للضغط معنا، لتحقيق مصلحة المواطن والالتزام بالقانون".
ترحيب لبناني
وقابلت قوى سياسية لبنانية مختلفة إعلان وزير الداخلية اللبناني إجراء الانتخابات البلدية الشهر المقبل، بالترحيب.
فمن جانبه، أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في حديث إذاعي، أن حزبه يطالب باستمرار بضرورة إجراء الانتخابات البلدية باعتبار أنها حق واستحقاق دستوري، حتى ولو تعطلت استحقاقات دستورية أخرى.
وشدد جعجع، على أن من يحاول عرقلة الانتخابات البلدية هم أحزاب محور الممانعة و"التيار الوطني الحر"، معتبرا أن تسلسل الأحداث حتى اليوم، يظهر هذه الحقيقة بشكل واضح، إلا أنه قال "سنبطل أي حجة للهروب من إنجاز الانتخابات البلدية".
وقال "بعد كل ما حدث وبعد أن بات معلوما لدى الجميع بعدم إمكانية عقد جلسات تشريعية في الوقت الراهن، في ظل الفراغ الرئاسي، بحكم تحول البرلمان إلى هيئة ناخبة، نستغرب كيف ينبري البعض ويدعو إلى وجوب تأمين التمويل للانتخابات البلدية من خلال اقتراح قانون، أو ميزانية إضافية يقرها مجلس النواب في جلسة تشريعية ، الأمر الذي يؤكد أن هذا البعض لا يريد إجراء هذا الاستحقاق".
وقال جعجع،: "لا أعرف لماذا هؤلاء الفرقاء لا يريدون إجراء الانتخابات البلدية، علما أنه من المفترض أن يكون حزب الله و"حركة أمل مرتاحين لناحية بيئتهما الحاضنة، إلا أنني أعتقد أن الانتخابات البلدية ستكون أصعب من الانتخابات النيابية وبالتالي يفضلان تجنب هذا الكأس".
وتابع: "أما بالنسبة للتيار الوطني الحر"فهو يريد تجنب هذه الانتخابات على خلفية وضعيته الشعبية التي ليست في أفضل حال، كما نرى جميعا، ونتائج الانتخابات الطلابية والنقابية، انطلاقا من هذه الأسباب يسعى هؤلاء الأفرقاء الى تجنب معركة هذا الاستحقاق وتعطيله".
بدوره، قال النائب بلال عبد الله عضو تكتل اللقاء الديمقراطي عبر حسابه على "تويتر": "نؤكد في الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، موقفنا الداعم لوزير الداخلية القاضي بسام مولوي، في إصراره على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية مهما كانت الظروف".
وأضاف أن "دور البلديات الأساسي في إطار اللامركزية الإدارية يحتم التجديد، مع وجود أكثر من 120 بلدية منحلة".
فيما رحبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانّا فرونِتسكا بالدعوة التي وجهها وزير الداخلية والبلديات اليوم لإجراء الانتخابات البلدية، قائلة: إن إجراء الانتخابات البلدية أمر مهم للالتزام بالمهل الدستورية والممارسات الديمقراطية في لبنان، في الوقت الذي يواجه فيه البلد فراغاً رئاسياً وشللًا مؤسساتياً واسع النطاق.
وأعربت عن أملها أن يقوم جميع المعنيين باتخاذ الخطوات اللازمة لضمان عملية انتخابية سلسة، شاملة وشفافة، وتمكين اللبنانيين من ممارسة حقوقهم السياسية في بيئة سلمية ومنظمة، ومنذ تأجيل الانتخابات العام الماضي، قدمت الأمم المتحدة مساعدة كبيرة لدعم هذه الانتخابات.
ودعت المنسقة الخاصة إلى جعل العملية الانتخابية شاملة، خصوصا لناحية إشراك النساء والشباب من خلال منحهم فرصا حقيقية للمشاركة الفعالة وإحداث التغيير.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز