ورقة المرشح الثالث.. مساع دولية لإنقاذ لبنان من "الشغور الرئاسي"
على وقع جمود سياسي وشغور رئاسي ممتد، تفتش القوى الدولية عن "مرشح ثالث" لرئاسة لبنان، لا يشكل تحديا لأي فريق سياسي، ويعمل على انتشال البلد العربي من أزمته.
تلك التحركات قادتها فرنسا والمملكة العربية السعودية، واللتان ألقتا بثقلهما مؤخرًا في الأزمة اللبنانية، في محاولة لدفع القوى السياسية إلى طريق الوئام بدلا من الفرقة والشقاق التي دبت بينها مؤخرًا، مع استمرار الشغور الرئاسي.
فمن محادثة جمعت قبل يومين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى تصريحات دبلوماسية للسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، زادت وتيرها مؤخرًا، كان المحور الفرنسي السعودي يتحرك لتسريع خطوات اختيار الرئيس.
تلك التحركات جاءت بعد قرابة شهر من اجتماع باريس الذي فشل القوى الدولية في إصدار بيان يكشف مخرجاته، وبعد إلقاء حزب الله ورقة رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، في مياه الشغور الرئاسي الراكدة.
تحركات سعودية فرنسية
وبعد أن واجه مرشح حزب الله رفضًا من القوى السياسية اللبنانية، تحركت السعودية وفرنسا لقيادة زمام مسار التسوية وحسم ضرورة انتخاب الرئيس، خوفًا من التدهور الاقتصادي المتسارع في لبنان، وما قد يتبعه من نتائج على الشارع الفرنسي.
ذلك الرفض أبلغه الوفد الاشتراكي الذي زار باريس اليومين الماضيين برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بحسب تقارير محلية، أكدت أن عملية البحث عن الخيار الثالث بدأت، فيما طرحت أسماء مشهود لها بحسن السيرة والكفاءة، على الطاولة.
وبحسب التقارير، فإن جنبلاط شرح خلال زيارته إلى فرنسا، كيف أن فرنجية يعتبر مرشح تحدٍّ، فيما يعتبر النائب ميشال معوض مرشحاً استفزازياً، شارحاً لهم خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي ينذر بعواقب وخيمة إن لم يُنتخب رئيس في وقت قريب باعتباره يشكل حالة استقرار سياسي واقتصادي مع إصلاحات بنيوية.
وأشارت إل أن زيارة جنبلاط إلى باريس كانت "إيجابية"، مؤكدة أنه وضع المسؤولين الفرنسيين في صورة ما يجري من اصطفافات سياسية، وكذلك الانهيار غير المسبوق على كل المسارات الاقتصادية والمالية والصحية والتربوية.
جنبلاط في فرنسا
والتقى "جنبلاط" الذي زار باريس على رأس وفد ضم نجله، رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، بعدد من المسئولين الفرنسيين أبرزهم؛ مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل.
ويتمسك "اللقاء الديمقراطي" بموقفه الداعي لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، لا يُشكل تحدياً لأحد، وينفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة.
تلك الزيارة دفعت الملف قدما إلى الأمام، بحسب تقارير محلية، أكدت أن مسؤولين سعوديين وفرنسيين، سيعقدون لقاءات خلال الأيام القليلة المقبلة، لإحداث حراك في أزمة انتخاب الرئيس بلبنان، متوقعة عقد لقاء خماسي للدول المعنية بالملف اللبناني في باريس أو الرياض.
وحول نتائج وتداعيات زيارة جنبلاط، قال أمين سر كتلة "اللقاء الديمقراطي" (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي) النائب هادي أبو الحسن، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي حاول من خلال الزيارة التأكيد على أهمية إنجاز توافق في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية "بعيداً عن منطقة التحدي، أو الغلبة".
وأوضح أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي، أن المرشحين زعيم تيار المردة سليمان فرنجيه (مرشح حزب الله وحركة أمل برئاسة نبيه بري رئيس مجلس النواب)، والنائب ميشال معوض (مرشح بعض قوى المعارضة وعدد من النواب المستقلين)، يشكل كل منهما تحديًا للفريق الآخر.
المرشح الثالث
وأشار إلى التأثير الايجابي للاتفاق السعودي - الإيراني، على الملف الرئاسي، كونه يشكل رافعة دعم لهذا الملف، مؤكدًا أن "المسؤولية الأساسية تقع علينا كلبنانيين".
وبحسب مراقبين فإن عواصم القرار دوليا وعربيا المهتمة بإنجاز الاستحقاق الانتخابي، وصلت إلى ما يشبه القناعة بأن ملء الشغور الرئاسي لن ينجز عن طريق القوى السياسية اللبنانية لعدم قدرتها على الاتفاق على مرشح.
وأشاروا إلى أنه يجرى حاليا مناقشة لائحة تضم 3 أو 4 أسماء تستوفي شروط الفريقين السياسيين المنقسمين، حتى لا يكون هناك رابح أو خاسر.
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية، أعلنت أنها تبحث مع الحلفاء ما إذا كان الوقت قد حان لفرض عقوبات على من يعرقلون الجهود الرامية للخروج من المأزق الدستوري في لبنان.
وقالت وزارة الخارجية في بيان صادر عنها، إنه "لا رئيس للبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، ما زاد عجز المؤسسات عن العمل، في بلد تفاقمت فيه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ سنوات".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر: "ندعو السلطات اللبنانية والقادة اللبنانيين وجميع القادة السياسيين للخروج من هذا المأزق الدستوري.. لقد أكدنا أن أولئك الذين يعرقلون قد يتعرضون لعواقب".
اجتماع باريس
واجتمع الشهر الماضي ممثلون من فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر في باريس لمناقشة كيفية الخروج من المأزق السياسي في لبنان، لكن الاجتماع لم يتمخض عن دعم واضح لمرشح رئاسي بعينه، وفقا لما نقلته مصادر مطلعة على الاجتماع.
وضمن التحركات الجارية بشأن الملف الرئاسي، التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأربعاء، السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري في السراي الحكومي.
ولفت البخاري بعد اللقاء، إلى مواصلة الجهود المُشتركة لحض قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضي قدما في الإصلاحات الجذرية، وفقا لما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
والأحد الماضي، بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فرص تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الدفاع والطاقة والاقتصاد والثقافة، وكررا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج لبنان من الأزمة العميقة التي يمر بها.
وذكرت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه" أنهما "عبرا عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان، وكررا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمر بها".