"خلوة" للنواب المسيحيين بلبنان.. هل تحرّك "الروح" ركود السياسة؟
تحت عنوان "روحي وديني فقط"، تكتلات نيابية مسيحية في لبنان تعلن قبول دعوة البطريرك الماروني لخلوة "روحية" بعد أقل من أسبوعين.
ويعيش لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء فترة الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعقد مجلس النواب اللبناني 11 جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، انتهت كلها دون نتيجة، لغياب التوافق بعد إصرار حزب الله على فرض مرشحه على مختلف القوى السياسية.
ودفعت حالة الجمود الرئاسي إلى مبادرة أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي للم شمل النواب المسيحيين (64 نائبا)، للبحث في الملف الرئاسي.
لكن ورغم فشله في توحيد موقف المسيحيين الرئاسي حتى الآن، يواصل البطريرك الماروني مساعيه، لكن هذه المرة من جانب "ديني وروحي"، عبر دعوته للنواب المسيحيين إلى "يوم رياضة روحية وخلوة روحية وصلاة".
وحدد الأربعاء 5 أبريل/نيسان القادم موعدا للخلوة في بيت عنيا-حريصا، معربا عن أمله في أن تقود الدعوة بلبنان إلى شاطئ الأمان الرئاسي.
وقال الراعي: "كم نأمل أن نجمع النواب المسيحيين ورؤساء كتلهم في يوم رياضة روحية يكون يوم صيام، وصلاة، وتوبة، ومصالحة".
هدف منشود
تقول وسائل إعلام محلية، إن الراعي في خلفية وأبعاد دعوة "الخلوة الروحية"، يسعى إلى تقريب القلوب بين المشاركين، وإشعارهم بأن الضمير الوطني أهم من سيف الانتماءات والتوجهات السياسية، ومن واجب الجميع تقديم مصلحة لبنان الكيان والدولة والوطن، على المصالح السياسية والحزبية والشخصية.
وأعلن ممثلون عن تكتلات نيابية مسيحية استجابتهم للدعوة، مشيرين في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إلى أن دعوة البطريرك هى لـ"الصلاة والتأمل" فقط دون أن يكون على جدول أعمالها فتح ملف الرئاسة.
وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إن "نواب تكتل الجمهورية القوية سيشاركون جميعهم في الخلوة الروحية الدينية التي دعت إليها بكركي النواب المسيحيين".
واعتبر جعجع في تصريحات عقب اجتماع لتكتل الجمهورية القوية النيابي، أن "هذه الدعوة تأتي في زمن الصوم في مكانها، ولا سيما أنها شملت جميع النواب المسيحيين"، متمنيا "لو كان من الممكن أن تشمل كل النواب، ولكن هذه هي الطقوس الدينية في لبنان".
وتابع: "ستكون خلوة غنية من الناحية الروحية في خضم هذه الظروف، على أمل أن "يستجيب الله لصلوات غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والمطارنة والكنيسة".
تحديات
من جانبه، أكد النائب بيار بوعاصي، عضو تكتل "الجمهورية القوية"، أن الدعوة روحية تأتي في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبرى ومصيرية.
وقال بوعاصي -في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"- إن "البطريركية المارونية صاحبة الدور الأساسي في الاعتراف بدولة لبنان الكبير، تراقب بقلق مشروع تفتت المؤسسات الدستورية وعلى رأسها الفراغ في رئاسة الجمهورية.
وأضاف أن "بكركي صرح ديني ووطني، لذلك دعت بمشروعيّتها الدينية لرفع الصلاة من قبل النوّاب المسيحيين على نيّة الوطن وكل أبنائه".
أما النائب فادي كرم عضو تكتل "الجمهورية القوية"، فاعتبر أن دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي النواب المسيحيين إلى "خلوة روحية" لن تتخطى وقفة التأمل الروحي.
وقال إنه "لن يكون هناك أي لقاءات جانبية بين الفرقاء المسيحيين، لا تحت عنوان الاستحقاق الرئاسي، ولا تحت غيره من العناوين السياسية الشائكة".
وعليه، لفت "كرم" إلى أن خلوة بكركي على أهميتها الروحية، لن يتخللها عقد لقاءات جانبية بين القوات اللبنانية من جهة، والتيار الوطني الحر، أو تيار المردة من جهة ثانية.
وأشار إلى أن القوات اللبنانية لا ترفض سليمان فرنجية (زعيم تيار المردة)، وجبران باسيل رئيس التيار الوطني الجر، لرئاسة الجمهورية من منطلق العلاقة الشخصية مع كل منهما، إنما فقط من منطلق انتمائهما إلى خط سياسي معاكس لخط "القوات" القائم على التمسك بالدولة والشرعية والسيادة، والأهم، على حصرية السلاح بالمؤسسة العسكرية لا غير.
كما أعلن حزب الكتائب اللبنانية مشاركة نوابه في الخلوة الدينية.
وقال النائب عن حزب الكتائب إلياس حنكش، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "بالطبع سنشارك في الخلوة الشرعية الدينية من منطلق ديني وروحي فقط".
وشدد "حنكش" على أن الدعوة تأتي من منطلق ديني روحي فقط، بعيدا تماما عن الجانب السياسي وما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، والتوافق على مرشح للرئاسة".
وأكد النائب سليم الصايغ القيادي في حزب الكتائب، بعد لقائه البطريرك الماروني دعم خطوات البطريرك؛ معتبرا أنها "تشكل حركة وطنية ولا تخص طائفة واحدة"، وجدد التأكيد بأنه "لا حل لما نتخبط به إلا بانتخاب رئيس للجمهورية".
ونوه -في تصريحات عبر موقع حزب الكتائب- إلى أن "الدعوة إلى الرياضة الروحية مستقلة تمامًا عن مبادرة البطريرك السياسية التي يتولاها راعي إبراشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان أبي نجم".
واعتبر الصايغ أن "وقفة بكركي المسموعة عالميًا لا بد أن تؤسّس إلى عبور لبنان نحو الدولة".
كما أكد مصدر في حزب التيار الوطني الحر الذي يترأسه جبران باسيل، أن التيار أوفد وفداً نيابياً إلى البطريرك الراعي لإبلاغه باستعدادهم للمشاركة والثناء على دعوته.
وقال المصدر إن التيار معني ومهتم بأي تحرك مسيحي مهما كان حجمه وعنوانه؛ لأنه سيفضي إلى اعتبار المرشحين الحاليين غير قادرين على جمع التأييد المسيحي اللازم للمضي بالترشح.
هل يتحرك الجمود؟
يأتي الشغور الرئاسي على وقع أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى انهيار في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، الذي وصل سعره في السوق الموازية إلى 110 آلاف ليرة للدولار الواحد، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية ومواد الطاقة.
وأثر كل ذلك سلبا على حياة اللبنانيين الذين فشل رئيس حكومتهم نجيب ميقاتي في إعلان تشكيلته الحكومية منذ مايو/أيار الماضي بسبب الخلافات السياسية.
ورغم أن كل يوم يمر على لبنان أصعب من سابقه، وسط الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، فإن هذا لم يصنع فارقا، وسط غياب لأي أفق لحل أزمة الشغور الرئاسي التي تعيشها البلاد منذ نحو 5 أشهر.
ومع ذلك، لا تزال المبادرات تثير ذات الأمل بحل الخلافات وتمهيد الطريق نحو تحريك ركود فاقم معاناة اللبنانيين وعطل عمل مؤسسات الدولة.
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز