مع إعلان "النصر" على داعش في العراق وسوريا.. ما شرعية الوجود العسكري الروسي والأمريكي في البلدين العربيين؟
مع إعلان العراق وسوريا "النصر" على تنظيم داعش الإرهابي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن أو روسيا، تنامى التساؤل حول استمرار الوجود العسكري لقواتهما، خاصة مع انتهاء هدف وجودهما.
ورغم أن التنظيم الإرهابي استطاع التمدد من العراق إلى سوريا منذ 2014، إلا أن الوضع لم يكن على السواء في كيفية مواجهة التنظيم في البلدين.
سيطرة
سيطر التنظيم الإرهابي منذ إعلان خلافته المزعومة في 2014، مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية.
ففي العراق استولى داعش على مدن الموصل، تكريت، تلعفر، الفلوجة. بينما في سوريا سيطر التنظيم على مدن الرقة، ودير الزور، والحسكة، وعين العرب (كوباني)، بمساحة قدرها البعض بين 40 -90 ألف كيلو متر.
واشتهر التنظيم بممارساته الوحشية ضد المدنيين العزل، حتى المنتمين إلى الطوائف السنية، كما حطم المدن الأثرية والكنائس، بل بعض المساجد. الأمر الذي لقي رفضا وتنديدا دوليا ودعوة للقضاء على ذلك التنظيم.
مواجهة
أمام التمدد الكبير الذي استطاع داعش إنجازه في فترة زمنية وجيزة، أعلنت واشنطن، في سبتمبر/أيلول 2014، أن أكثر من 40 دولة ستشارك في التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي.
التحالف الدولي ركز بالأساس على ضرب التنظيم عبر الضربات الجوية، معتمدا على القوات المحلية على الأرض مثل قوات الجيش والقوات التابعة له كما في العراق.
أما في سوريا، فدعمت الولايات المتحدة القوات الكردية من ناحية، ودرّبت تركيا قوات عرفت بـ"الجيش السوري الحر"، فيما دعمت روسيا الجيش السوري منذ البداية.
وبدأ التحالف الدولي، الذي زاد أعضاؤه على 50 دولة، عملياته ضد داعش في العراق في أغسطس/اّب 2014، واستمرت حتى إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يوم 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تحرير كافة الأراضي العراقية من داعش.
من جانبها، رفضت موسكو، منذ البداية، الانضمام لتحالف واشنطن. وقادت الحرب على التنظيم الإرهابي منذ تدخلها مباشرة في الحرب الأهلية السورية في سبتمبر/ أيلول 2015.
وترى موسكو أن على واشنطن سحب قواتها من سوريا؛ وذلك لسببين: الوجود الأمريكي "غير قانوني"؛ لأنه لا يحظى بموافقة السلطات في دمشق، وأنه "لا داعي له"؛ بسبب انتهاء داعش في سوريا.
ومن ثم لا مبرر للوجود الأمريكي على الأراضي السورية، بحسب تصريحات مسؤولين روس.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين الماضي، من قاعدة حميميم العسكرية بسوريا، "دحر" قواته لتنظيم داعش الإرهابي، معطيا أوامره ببدء انسحاب جزئي لقواته من سوريا.
الإعلانان الروسيان فسرهما مراقبون بأنهما دعوة لواشنطن لسحب قواتها من سوريا. وردّت القيادات الأمريكية عليهما بالتشكيك في قرار سحب القوات الروسية، معتبرة أن إعلان "النصر" على داعش "سابق لأوانه".
شرعية
نددت موسكو مرارا وتكرارا بالعمليات العسكرية الأمريكية في سوريا، معتبرة أنها غير قانونية، لأنها لم تحظ بموافقة دمشق، كما هي القوات الروسية في ذلك البلد العربي.
من ناحية أخرى، ورغم تنسيق قوات التحالف الدولي مع القيادة العراقية، إلا أنه يبدو أن هناك بعض الجماعات العراقية التي ترفض الوجود الأمريكي على أراضيها، خاصة بعد هزيمة داعش.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، اليوم الخميس، أن القوات الأمريكية في العراق تلقت تهديدات من المليشيا المدعومة من إيران، موضحا أن بلاده تستطيع الدفاع عن نفسها.
وفي المقابل، أعلن قائد قوات التحالف الدولي، الجنرال ستيفن تاونسند، في يوليو/تموز الماضي، أن بلاده لن تقلل عدد جنودها في العراق بعد انسحاب داعش.
وعن سوريا، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أول أمس، أن بلادها لا تنوي سحب قواتها من سوريا.
وفي أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أفاد مسؤولون أمريكيون بأن عدد القوات الأمريكية في سوريا يبلغ نحو 2000 جندي، فيما تُقدر قوات واشنطن بالعراق نحو 5000 جندي في أواخر عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
المعايير الدولية للوجود الأجنبي
وفي هذا السياق، يقول عبدالله مغازي، أستاذ القانون الدولي ومعاون رئيس الوزراء المصري السابق، إن الوجود العسكري لدولة ما على أراضي أخري يكتسب شرعيته عبر موافقة الدولة المستقبلة، وعبر الأمم المتحدة التي تتابع إجراءات الدولة المُرسلة، هل تخالف المعايير الدولية أم لا؟
ومن ثم، أشار مغازي، في تصريحات لـ"بوابة العين" الإخبارية، إلى أن الوجود العسكري الروسي في سوريا والوجود العسكري الأمريكي في العراق، ولكونه حظي بموافقة الدولة المستقبلة، فهما شرعيان.
وتابع أستاذ القانون الدولي أنه في حال طالبت الدولة المستقبلة بسحب الدولة المُرسلة لقواتها، فعلى الثانية أن تستجيب، وإن لم تفعل، فينبغي على المستقبلة أن تتوجه إلى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وأضاف أن القوات التركية في العراق وسوريا غير شرعية؛ لأنها لم تحظ بموافقة الدولة المستقبلة.
وأوضح مغازي أنه في حال تضرُّر الدول المجاورة للدولة المستقبلة، فيمكنهم الذهاب إلى مجلس الأمن للاعتراض على ذلك الوجود العسكري، حتى إذا كانت الدولة المستقبلة موافقة منذ البداية، وهو الأمر الذي يتضح من الوجود العسكري الإيراني في سوريا والعراق.
فعلي الرغم من موافقة بغداد ودمشق على الوجود الإيراني على أراضيهما، إلا أنه يحق للدول المجاورة التوجه لمجلس الأمن للاعتراض؛ حفاظا على أمنها القومي.