"شرعنة المليشيات".. سرطان إيراني يهدد الجسد العربي
بعد إعلان الجيش السوري تشكيل مليشيا "اقتحام"، فاجأنا البرلمان العراقي بالتصديق على صيغة تضفي وضعا قانونيا لمليشيا الحشد الشعبي.
لم يمر أيام على إعلان الجيش السوري عن تشكيل مليشيا أسماها بـ"اقتحام"، لتعمل إلى جانب باقي تشكيلات القوات المسلحة، حتى فاجأنا البرلمان العراقي في 26 نوفمبر الجاري بالتصديق على صيغة قانونية تضفي وضعاً رسمياً لميلشياً الحشد الشعبي، فيما بدا وكأنه أسبوع "شرعنة المليشيات".
والمليشيات في تعريفها العسكري، قوات غير نظامية من مواطنين يعملون عادة بأسلوب حرب العصابات، ولكن الجديد بالعالم العربي، هو التوجه الساعي نحو شرعنتها وإعطائها وضعا رسميا، في مشهد قريب مما يحدث في إيران، التي يبدو أنها نجحت في تصدير تلك الثقافة المقيتة.
وظهرت تلك الثقافة في نوفمبر 1979، مع إصدار القائد السابق لما يسمى بـ"الثورة الإسلامية" روح الله الخميني، قرارا بإنشاء قوات تعرف باسم "الباسيج"، أو الحشد الشعبي الإيراني.
وتتبع الباسيج الحرس الثوري الإيراني (الباسدران)، الذي يتبع بدوره سلطة المرشد الأعلى في إيران، وقد شاركت هذه القوات التي تتكون من متطوعين من الرجال والنساء في الحرب العراقية الإيرانية، ونجحت في قمع الحركة الخضراء، التي اندلعت بعد التلاعب الذي وقع في نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2009، التي فاز بها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وتتمتع "الباسيج" بميزانية خاصة لا تعرض على البرلمان، ولا تملك أي مؤسسة دستورية حق الرقابة على تصرفاتها المالية.
وبينما بدأت تظهر في إيران أصوات منتقدة للصلاحيات الواسعة الممنوحة لهذه المليشيات، والتي تجعل منها هيئة فوق القانون، أو دولة داخل دولة، كما حدث في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما عارض الرئيس الإيراني، حسن روحاني، محاولة لتوسيع صلاحياتها تضمنها مشروع قانون بمجلس الشورى، نجد طهران من ناحية أخرى تسعى لدعم المليشيات الشبيهة في بعض الأقطار العربية، وتضغط لإعطائها وضعاً شرعياً.
ويوصف الحشد الشعبي في العراق، بأنه رديف "الباسيج" الإيراني، وسبق واعترف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، في تصريحات سابقة، بأن طهران هي التي أسسته.
ويحظى هذا التنظيم وتنظيمات أخرى بتمويل إيراني، قدره موقع "ميدل إيست إي" البريطاني في أكتوبر الماضي بـ200 مليون دولا سنويا.
ولا يبدو الوضع في سوريا أفضل حالا، فالإعلان الأخير عن تأسيس مليشيا اقتحام، يجعل هناك 5 مليشيات تحظى بالدعم الإيراني تقاتل إلى جانب النظام السوري، حيث سبقه تأسيس مليشيات الدفاع الوطني وصقور الصحراء وكتائب البعث ولواء درع الساحل.
إنفوجراف.. عدوى "المليشيات" تنتشر في سوريا برخصة رسمية
ولا يحتاج الوضع في اليمن إلى إعلان، فمليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدهة مدن باستخدام السلاح والمال الإيراني، تسعى إلى الحصول على وضع شرعي ورسمي عبر المفاوضات الجارية حاليا مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.
الحرس الثوري الإيراني يعترف: الحوثيون جماعتنا باليمن
ومثل اليمن، يبدو الحال في لبنان، التي تحظى فيها مليشيات حزب الله بدعم لا محدود من إيران، كشف عنه تقرير لموقع "ميدل إيست إي" البريطاني في 20 أكتوبر الماضي.
وحسب الموقع البريطاني، تشير لائحة توزيع الأموال الإيرانية إلى أن مجمل ما أنفق على "حزب الله"، منذ 1980 إلى 2010، بلغ نحو 100 مليون دولار إلى 200 مليون دولار سنوياً، قبل أن ينخفض هذا الرقم عقب التدهور الاقتصادي في إيران إلى 50 مليون دولار سنوياً.
وتسعى إيران من خلال دعمها هذه المليشيات إلى بسط نفوذها في العالم العربي، وهو ما عبر عنه اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان الإيرانية بقوله قبل يومين، بقوله إن "بلاده تحتاج إلى قواعد بحرية في مناطق بعيدة، وربما قد يأتي زمن يمكن لإيران أن تنشئ قواعد في اليمن أو سوريا أو قواعد بحرية عائمة".
ويتناغم مع التصريح الأخير تصريح سابق لحيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمد نجاد، قال فيه إن "إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية، هي دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء.
فهل يفيق العالم العربي في مواجهة المليشيات، أم أن هذا السرطان الإيراني سيتمدد أكثر وأكثر في الجسد العربي؟
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuMTQwIA== جزيرة ام اند امز