جولة جديدة يتصدرها الأمن البحري.. ليندركينغ في مهمة إخماد حرائق الحوثي
من الدفع بسلام اليمن إلى إخماد حرائق مليشيات الحوثي في البحر الأحمر، هكذا تحولت أولويات المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينغ في جولته الجديدة للمنطقة.
ويبدأ ليندركينغ جولته إلى الخليج العربي هذا الأسبوع لمواصلة الدبلوماسية الأمريكية المكثفة والتنسيق الإقليمي للمحافظة على الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن وسط هجمات لمليشيات الحوثي على الشحن الدولي.
وفرضت الهجمات الحوثية نفسها على ملفات المباحثات المتوقعة للدبلوماسي الأمريكي البارز في زيارته المرتقبة لمنطقة الخليج والتي تبدلت من الدفع بسلام وحشد الزخم للتسوية السياسية باليمن إلى حشد الدول المحيطة بالبلاد وفي المنطقة لاحتواء تهديدات الحوثيين، وفقا لمراقبين.
وكانت الخارجية الأمريكية قالت إن ليندركينغ سيبدأ هذا الأسبوع جولته إلى الخليج العربي وسط الهجمات الإيرانية وهجمات الحوثيين على الشحن الدولي، ما "يهدد نحو عامين من التقدم المشترك باتجاه إنهاء الحرب في اليمن".
وذكرت الخارجية الأمريكية، في بيان، أن "واشنطن تعمل مع شركاء بحريين رئيسيين لتأمين ممر آمن للشحن العالمي، فيما يعمل ليندركينغ مع الأمم المتحدة والسعودية والإمارات وعمان والشركاء الدوليين الآخرين لدعم حل الصراع في اليمن في أقرب وقت ممكن".
الأمن البحري أولوية
وتأتي زيارة ليندركينغ للمنطقة هذه المرة مع تصاعد الأعمال العدائية لمليشيات الحوثي ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، خاصة السفن الأمريكية والبريطانية، تحت ذريعة مهاجمة السفن الإسرائيلية ونصرة القضية الفلسطينية.
والأحد الماضي، نفذت مليشيات الحوثي 4 هجمات على 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وباب المندب بالتزامن مع إسقاط مدمرة أمريكية عديد الطائرات المسيرة.
وحملت القيادة المركزية الأمريكية إيران "المسؤولية في تمكين مليشيات الحوثي في تنفذ هذه الهجمات البحرية"، وهو ما أكدته الحكومة البريطانية لاحقا.
ويقول خبراء يمنيون إن الأمن البحري سوف يتصدر أولويات المبعوث الأمريكي والذي قد يبحث 3 اتجاهات للتعامل مع "عدوانية الحوثي"، حيث يرتكز الأول على ممارسة المزيد من الضغوط على إيران لكن نتائج ذلك ستكون محدودة الأثر كون طهران ستربط كل خطوة بضمان مزيد التنازلات وستتخذ الحوثي ورقة ضغط.
الاتجاه الثاني، وفق الخبراء، سيتمحور في حشد المبعوث الأمريكي لدول المنطقة ضد مليشيات الحوثي خصوصا الدول المطلة على البحر الأحمر والدول الفاعلة في الملف اليمني وهو ما قد يثير ردود فعل حوثية تصل إلى التهديد بتفجير الحرب داخليا وعلى الحدود.
فيما الثالث يعتقد الخبراء أن جولة المبعوث الأمريكي ستمهد لمرحلة قد يتم فيها إطلاق يد إسرائيل للتعامل مع خطر مليشيات الحوثي بضربات ضد مواقعها وقياداتها وهو ما تبحث عنه المليشيات لشرعنة سطوتها شمال اليمن ولتفجير الحرب ضد خصومها داخليا.
وخلافا لتلك التوقعات فإن "التحركات الأمريكية الدبلوماسية لا تخلّف عادة أثراً كبيراً على مليشيات الحوثي ما لم تكن مدعومة باستخدام القوة أو عقوبات جديدة على قادة المليشيات"، وفقا للمحلل السياسي اليمني مروان محمود.
وقال لـ"العين الإخبارية"، إن "كل السيناريوهات واردة لتعامل واشنطن مع تهديد وخطر مليشيات الحوثي على مصالحها ومصالح العالم في البحر الأحمر إلا أنها لن تكون ذات جدوى ما لم تكون مدعومة بالقوة والعقوبات".
احتواء مغامرات الحوثي
من جهته، قال الناشط السياسي اليمني، عبدالسلام القيسي، إن "المستجدات المتسارعة التي تشهدها منطقة جنوب البحر الأحمر فرضت نفسها بالفعل على ملفات مفاوضات السلام المعتادة التي كان يجريها المبعوث الأمريكي إلى اليمن".
وأوضح، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "التهديدات الحوثية لحركة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب سوف تتربع بالفعل على صدارة النقاشات التي سيجريها المبعوث الأمريكي خلال جولته الجديدة في المنطقة أو على الأقل مباحثات احتواء هذا الخطر البحري الكبير".
واعتبر القيسي التهديدات الحوثية أنها "تشكل خطرا حقيقيا على استقرار تدفق حركة التجارة العالمية، وتلحق أضرارا متوقعة بالاقتصاد العالمي، وسيطال دول المنطقة بالدرجة الأولى".
بالإضافة إلى "إقلاق الاستقرار الذي بدأ يعود تدريجيا إلى الملف اليمني ويدفعه نحو التصعيد مرة أخرى، ويعصف بكل التقدم الذي تم التوصل إليه في جهود السلام والتسوية السياسية بين أطراف الصراع الداخلي في اليمن"، وفقا للناشط السياسي.
وأكد أن هذه "التطورات تتحمل مسؤوليتها مليشيات الحوثي، التي تمضي في طيش ومغامرات غير محسوبة التبعات، كونها لا تكترث بأي سلام وتعتاش على الأزمات والحروب التي ترى أنها سببا في ازدهارها وبقائها، وهذه غايات متجذرة في فكر المليشيات بشكل عميق".
ومن المتوقع أن يجتمع المبعوث ليندركينغ مع الشركاء الإقليميين والدوليين والأمميين في الخليج لمناقشة الخطوات اللازمة لتأمين وقف دائم لإطلاق النار وبدء حوار سياسي يمني-يمني شامل بقيادة الأمم المتحدة ومواصلة الجهود الرامية إلى تخفيف الأزمات الاقتصادية والإنسانية.
ووفقا للخارجية الأمريكية فإن المبعوث سيشدد "على ضرورة احتواء النزاع بين إسرائيل وحركة حماس، كون الصراع الأوسع في الشرق الأوسط لا يخدم مصالح واشنطن وشركاءنا الإقليميين الذين يدعمون السلام الدائم في اليمن".