هي أم البلاد القاهرة لمن خالف أمرها، عاصمة مصر منذ قرابة 9 قرون، معالمها قديمة وحديثة، لكنها اتسعت حتى ضاقت بزوارها وأهلها الذين تجاوز عددهم -حسب إحصاءات هذا العام- 21 مليون مصري.
مجمع التحرير.. أكثر مراكز القاهرة الحكومية شهرة، كان يقصده أكثر من 100 ألف مراجع يوميا لإنجاز معاملاتهم، يسبقهم إليه 18 ألف موظف، يتوزعون على 1356 غرفة ومكتبا، حتى لقبه المصريون بـ"جمهورية الموظفين".
المجمع من تصميم شيخ المعماريين المهندس محمد "بيك" كمال إسماعيل، بني على مساحة 28 ألف متر مربع، وتم افتتاحه أواخر حقبة الملك فاروق في عام 1951، ليكون شاهدا على تاريخ مصر الحديث حتى انتصار ثورة الثلاثين من يونيو.
وجود المجمع وسط القاهرة، فاقم مشكلة الازدحام والاختناقات المرورية التي سلبت المكان بهاءه وجماله، أمر دفع الحكومات المتعاقبة للتفكير بنقله إلى مكان آخر لتخفيف العبء عن وسط البلد، حتى جاء الحل أخيرا.
عام 2020 نقلت ملكية المجمع من الحكومة إلى صندوق مصر السيادي، وتم إخلاؤه تماما من الهيئات الحكومية التي كانت تقدم الخدمات للمواطنين، على أن يتم نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، الواقعة على بعد 60 كيلومترا شرق القاهرة، وطرح صندوق مصر السيادي المجمع للاستثمار على المطورين المحليين والدوليين المتخصصين بإعادة تأهيل المباني التاريخية.
فاز بعقد تطوير المبنى تحالف عقاري أمريكي إماراتي، قدم أفضل عرض مالي وفني، ومشهود له بعمليات التطوير، يضم 3 مجموعات، هي "أوكسفورد كابيتال Oxford Capital" و"غلوبال فينتشرز lobal Ventures" وشركة العتيبة الإماراتية للاستثمار.
وقع الصندوق اتفاقا مع التحالف العقاري لتحويل المجمع إلى صرح يقدم خدمات فندقية ومكاتب إدارية وتجارية وقاعات ثقافية، بما يحقق الاستفادة القصوى من البناء والمكان بتكلفة تقديرية تجاوزت 3.5 مليار جنيه مصري، وستجري عملية تطوير المجمع التي تستغرق عامين -حسب العقد- تنتهي معها عمليات تطوير منطقة ميدان التحرير ليتحول إلى أيقونة ساحرة بإنارته ومسلته وتماثيل الكباش التاريخية.
مجمع التحرير بني على شكل سفينة حملت للمصريين بضاعة ورقية يومية طوال 70 عاما خلت، وقد حان موعد تعميرها وإحيائها لتجلب لهم ما يستحقون من بضائع استراتيجية عصرية، تزيد من ربحهم وتسر أعين الناظرين.