ما يحدث في الحديدة حاليا يذكرني بما حدث في مدينة عدن أثناء تحريرها، وكيف كُنَّا نتابع الانتصارات وانهيارات العدو لحظة بلحظة.
لا يوجد أحد تقريبا يأمل في بقاء الحديدة على ما هي عليه الآن تحت سيطرة الحوثي، إلا محور الشر في المنطقة وبعض الدول الغربية مثل بريطانيا التي ترمي بثقلها لإنقاذ الحوثي من مبدأ المساعدات كعامل إنساني، فالحوثيون هم (الشر المستطير)، لذا؛ فإن الجميع يدعم هذه المعركة التي ستخلص الحديدة من سطوة الحوثيين ونفوذهم، والجميع يعلم أيضا أن تحرير الحديدة هو المفتاح لاستعادة السلام في اليمن، أو على الأقل انكسار إيران في اليمن وعودة الحوثي مثل غيره مكون سياسي ضمن دولة قوية ديمقراطية ومتعددة الأقاليم.
ميناء الحديدة الذي يشهد فرض إتاوات وضرائب على المواطنين، واستمرار السيطرة الحوثية على الميناء ونهب ثرواته واستغلالها لدعم الحرب على الشعب اليمني، كل ذلك يعني الاستمرار في تهريب الصواريخ الباليستية التي تستهدف أمن المملكة، وتهريب الممنوعات عبر صفقات تديرها الجماعة وإدخال المخدرات من خلاله.
ما يحدث في الحديدة حاليا يذكرني بما حدث في مدينة عدن أثناء تحريرها، وكيف كنّا نتابع الانتصارات لحظة بلحظة وانهيارات العدو حتى تحقق النصر، فتحرير الحديدة مسألة وقت، وتحرير اليمن بدت تلوح طلائعه.
أعتقد، مطلقا، أن التحالف والسلطة الشرعية بعد تحرير الحديدة سيتمكنان من إحكام السيطرة بالكامل على الساحل الغربي في المدى القريب من عدن إلى ميدي، وهو ما يُظهِر استماتة الحوثي بميناء الحديدة الذي يُعدُّ الشريان الذي تتغذى منه المليشيات، وسقوطه وسيلة ضغط على الحوثيين للذهاب إلى المشاورات، لا سيما وأنهم يخوضون في الحديدة معركة حقيقية، الخسارة فيها تعني نهايتهم الطبيعية، خاصة في ظل القوة النارية الهائلة والتفوق الجوي، وفقدان الحاضنة الاجتماعية، وطبيعة الأرض المكشوفة التي تقلل إلى حد كبير من إمكانية توظيف البيئة السكانية لتعقيد المعركة أو تأخيرها.
ما يحدث في الحديدة حاليا يذكرني بما حدث في مدينة عدن أثناء تحريرها، وكيف كنا نتابع الانتصارات لحظة بلحظة وانهيارات العدو حتى تحقق النصر، فتحرير الحديدة مسألة وقت وتحرير اليمن بدت تلوح طلائعه، ما لم تعود الضغوط الغربية كالعادة، في ظل استمرار هذا التوغل وتساقط المواقع، وهروب العديد من القيادات بعد اختناقهم ومصرع العديد منهم.
التطورات الميدانية المتسارعة في مدينة الحديدة، على الساحل الغربي اليمني، تشير إلى قرب خروج المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل كامل من سيطرة المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران، لتحقق القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات إنجازا عسكريا هاما على إيران وهيمنتها في المنطقة، على الرغم من ظهور زعيم الجماعة الحوثي داعيا أتباعه إلى عدم الاستسلام، فإن صمودهم بالحديدة في وجه القوة الكبيرة التي تمّ الزجِّ بها في المعركة بدا لي أنه أمر مستحيل؛ نظرا للتفاوت الكبير في ميزان القوى.
الواقع يقول أنه لم تعد عملية تحرير الحديدة هدفا استراتيجيا أو مهمة عسكرية ضمن مسار تحرير اليمن واستعادته من المليشيات الكهنوتية الإمامية، بل واجبا أخلاقيا وإنسانيا ورفعا للظلم عن ملايين تطحنهم وحشية المليشيات وتهوي بهم إلى الهاوية، حضر من أجلها رجال جاءوا لغاية سامية وعقيدة راسخة رسوخ الجبال وعزيمة تفت الصخور وهمة تلامس السماء، ولن يعودوا إلا بِمَا قدموا من أجله، ولن يحول ما بينهم وبين النصر إلا توفيق الله لهم.
استعادة الحديدة من المؤكد أنها ستفتح أبوابا أوسع للعمل على إعادة الشرعية لليمن وطرد الحوثيين الذين لا يقبلون إلا بالمشاريع التي تهيمن عليهم من الخارج، سواء إيران أم دول أخرى تدعم الانقلابين الحوثيين، فما يحدث في مناطق الانقلابين هي ممارسات مليشيات، لا سيما أنهم جعلوا مؤسسات الدولة تستقبل أوامرها من إيران.
من يحرص على مدينة الحديدة وحياة سكانها، لا يمكن أن يطالب بالحوار مع عصابة الحوثي الكهنوتية، وإنما بالقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة كمجرمي حرب، وأن الضغوط الدولية غير المسبوقة والتي تقودها بريطانيا لإيقاف معركة الحديدة لن تجدي الحوثيين لالتقاط الانفاس هذه المرة، رغم تهديدها بتحويل الحديدة إلى مدينة منكوبة وإلى حلب أخرى، وتحريرها سيتم (سلما أو حربا)، فقرار التحرير نَفَذ، وتحرير اليمن من هذه العصابة بدت تلوح طلائعه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة