فتوى قانونية تربك عمل مؤسسات ليبيا الإغاثية في رمضان
فيما تستعد المؤسسات الأهلية الليبية خاصة العاملة في مجال الإغاثة لاستقبال شهر رمضان، كانت أزمة قانونية بانتظارها، أربكت عملها.
فقبل أيام فقط من حلول شهر رمضان الذي يعد فرصة لزيادة أنشطة المؤسسات الخيرية، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية قرارًا، أثار الجدل، بعد أن نص على عدم شرعية جميع مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا التي شكلت خلال الـ12 عامًا الماضية، التي تلت الأحداث التي أسقطت نظام معمر القذافي.
ذلك القرار الحكومي استند على فتوى من الإدارة القانونية بالمجلس الأعلى للقضاء في ليبيا والتي أرجعت عدم قانونية تلك الجمعيات، إلى "عدم صدور قرار من السلطة التشريعية الليبية ينظم تأسيس وضوابط وأهداف ومصادر تمويل مؤسسات المجتمع المدني".
وبحسب الفتوى التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، فإن "كل المنظمات المبنية على لوائح من الحكومات دون الاستناد لأي قانون هي والعدم سواء، وعلى الدولة حلها لعدم صدور أي قانون تشريعي بالخصوص بعد 2011".
وما إن صدرت تلك الفتوى وذلك القرار الحكومي التابع لها، حتى أثيرت حالة من الجدل في ليبيا، لا سيما وأن جل المنظمات العاملة في ليبيا هي منظمات إغاثية، بالإضافة إلى أن تزامن ذلك مع حلول شهر رمضان، سيقوض عمل تلك المنظمات التي تعمل على دعم المواطن، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية لدى الليبيين.
غياب القانون
وعن ذلك، قال الناشط المدني ربيع المسلاتي في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "هذه الفتوى القانونية جاءت في غير محلها لسببين؛ أولها أنه رغم غياب قانون ينظم تأسيس المنظمات، إلا أن الأخيرة تعمل وفق حقها الدستوري الذي تكفله لها المادة (15) من الإعلان الدستوري الليبي الصادر عام 2011"، مشيرًا إلى أن "الفتوى القانونية تهدد عمل نحو 6000 منظمة مجتمع مدني عاملة في ليبيا ".
وأوضح المسلاتي، أن السبب الثاني يتمثل في "توقيت تلك الفتوى والتي جاءت قبيل أيام من شهر رمضان، الذي يعد مناسبة تنشط فيها المنظمات الليبية سواء الإغاثية أو المهتمة بالأيتام أو المرأة او غيرها من المجالات ".
واستدل الناشط المسلاتي على رؤيته بأن "نصف المنظمات الأهلية في ليبيا تعمل على إعداد سلال غذائية لتوزيعها على المحتاجين في أول أيام شهر رمضان"، مضيفًا: "هذا العمل تعطل لدى عديد المنظمات التي لم تعد تلك السلال لخوفها من اقتحام مقارها كما حدث الأسبوع الماضي في مدينة سبها.
واقتحمت قوات الشرطة مقار جميع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في مدينة سبها، الأسبوع الماضي، واقتادت من فيها.
وتابع: "في هذا التوقيت المتضرر الأول والأخير هو المواطن الليبي الذي لن يتمكن من تأمين احتياجات الشهر الكريم في ظل ارتفاع الأسعار، وضعف الرقابة الحكومية على التجار وتأزم اقتصاد البلاد".
وختم المسلاتي حديثه قائلا: "كانت تلك المنظمات الرافد الأكبر للمواطن في شهر رمضان، إلا أن القرار الحكومي وتلك الفتوى ضربت عمل الخير في مقتل".
قرار قانوني
ورغم ذلك، إلا أن المحامي الليبي فرج باكير قال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "القرار الحكومي المستند لفتوى قانونية هو قرار صائب مئة بالمئة ولا غبار عليه "، مضيفا أن "عدم وجود قانون ينظم تأسيس منظمات المجتمع المدني في ليبيا يجعل منها ضعيفة الأداء حيث يستطيع ثلاثة أفراد فقط تأسيس منظمة والعمل بصفات دون إنتاج شيء للمجتمع".
وأشار القانوني الليبي إلى أن "الأمر أبعد من كون أن تلك المنظمات تعمل دون قانون، بل إن الأمر يتعلق أيضا بالأمن القومي الليبي، حيث إن عدم وجود قانون ينظم ويحدد مصادر تمويل المنظمات المدنية يجعلها عرضة للدعم المالي المشبوه من الخارج ومن قبل منظمات دولية غير سوية تسعى لتحقيق أغراض معينة في ليبيا، ناهيك عن أن العديد من أفراد تلك المنظمات الأجنبية هم عبارة عن ضباط مخابرات ".
وألقى المحامي الليبي باكير باللوم على "الجهات التشريعية الليبية التي لم تصدر منذ عملها في 2011 إلى اليوم، قانونًا ينظم تأسيس منظمات المجتمع المدني"، مشيرًا إلى أن "أصحاب تلك المنظمات ملامون -كذلك- لعدم مطالبتهم بإصدار قانون ينظم عملهم".
استثناء ينقذ الموقف
أما عن تأثير ذلك على شهر رمضان، فقال باكير إن "عمل تلك المنظمات خاصة الإغاثية منها سيتأثر، إلا أن الاستثناء الذي نصت عليه الفتوى القانونية كان حلا للمأزق".
وأضاف: "الفتوى القانونية من المجلس الأعلى للقضاء تنص على عدم شرعية مؤسسات المجتمع المدني جميعا التي تم إنشاؤها بعد عام 2011 واستثني من ذلك أي منظمات مؤسسة استنادا لقانون 19 لسنة 2001، لأن ذلك القانون لايزال ساريًا".
ذلك القانون -وفق المحامي- "أسس بناء عليه عديد المنظمات الإغاثية العاملة حاليا منها، على رأسها الهلال الأحمر الليبي الذي يعد المنظمة الإغاثية الأكبر في ليبيا"، مشيرًا إلى أن "تأثير الفتوى القانونية والقرار الحكومي على شهر رمضان لن يكون كبيرا".
aXA6IDMuMTMzLjE0NS4xNyA= جزيرة ام اند امز