اتفاقات فرقاء ليبيا.. إعلان جديد يحاصره تاريخ 5 سنوات من الفشل
كافة المبادرات في ليبيا تنهار مع أول فيتو تركي في وجه السراج وحلفائه حيث سرعان ما تبتلع طرابلس كلمتها وتحافظ على بقاء المرتزقة.
اتفاق هنا ومبادرة هناك للملمة الجرح الليبي، لم يتوقف التصفيق الدولي والدعم العربي لهما، لكنهما والاتفاقات الأخرى جميعا التي قبلهما لا تصمد طويلا أمام التدخلات الأجنبية وانتشار الفوضى في طرابلس وما حولها.
آخر نسخة للتهدئة بين أطراف الصراع الليبية كانت أمس الجمعة وتوجت ببيانين لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ومجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، وأعلنا وقفا لإطلاق النار رحبت به البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
ومع إعلان البيانين وقف إطلاق النار في كامل أنحاء ليبيا، والبدء في خطوات حلحلة الأزمة بإخراج المرتزقة وإنهاء الوجود العسكري التركي والقطري في البلاد، يبدو هنا المشهد ليس بهذه السهولة، فما أكثر المبادرات والاتفاقات التي انهارت على صخرة المليشيات.
تكاد تجتمع كافة المبادرات ومنها الخطوة الثنائية، أمس الجمعة، على ضرورة انتخاب مجلس رئاسي جديد والبدء في توحيد المؤسسات الليبية وحل المليشيات ونزع سلاحها، لكن مع أول فيتو تركي في وجه السراج وحلفائه تبتلع حكومة طرابلس كلمتها.
شهادات وفاة للاتفاقيات
السنوات الخمس الماضية شهدت عدة اتفاقيات ومبادرات بين أطراف النزاع الليبي، لكنها سرعان ما أكلتها نيران الاختلافات لتتخذ الأمور مسارا أكثر عنفاً.
ففي 17 ديسمبر/كانون الأول من العام 2015، وقعت الأطراف الليبية على اتفاق الصخيرات في المغرب برعاية الأمم المتحدة، بعد مفاوضات استمرت أشهراً بين ممثلين للمجتمع المدني ونواب ليبيين.
وقد خرج عن اتفاق الصخيرات تشكيل حكومة وفاق وطني مقرها طرابلس، غير أن مجلس النواب الليبي الذي تم انتخابه في 2014 والمؤتمر الوطني تحفظا على الاتفاق.
والمؤتمر الوطني الليبي هو مجلس جرى انتخابه في أغسطس/ آب من العام 2012 ووقع تحت هيمنة تنظيم الإخوان الارهابي إلى أن انتهت ولايته في يوليو/تموز 2014 بانتخاب البرلمان.
وأعقب اتفاق الصخيرات، تعهد جديد من الفرقاء الليبيين من قلب العاصمة الفرنسية باريس في يوليو/تموز 2017 بتكثيف الجهود لوقف الفوضى وإنهاء الاشتباكات للبدء في تنظيم الانتخابات ومرت الشهور وكأن اتفاقا لم يتم التوصل له.
وبعد نحو عام تكرر المشهد، ليتم الاتفاق بين رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري في 29 مايو/أيار 2018، على العمل سوياً من أجل تنظيم انتخابات عامة، وفق إعلان تمت تلاوته بعد المؤتمر، وتبخر الاتفاق كذلك.
ومن باريس الفرنسية إلى باليرمو الإيطالية، وتحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018؛ حيث جرى تنظيم مؤتمر دولي للتقريب بين الفرقاء الليبيين، إلا أن المؤتمر فشل بسبب الانقسامات المستمرة واستمرار التدخلات الأجنبية وعلى رأسها القادمة من أنقرة.
وأمام حالة الجمود التي امتدت حتى العام 2019، تحركت الإمارات في 28 فبراير/شباط لاحتضان حفتر والسراج، وجرى الاتفاق على إجراء انتخابات في البلاد، لكن دون تحديد جدول زمني وكالمعتاد لم يتم التنفيذ.
وفي الشهر التالي مباشرة، وبالأدق في 20 مارس/آذار 2019، أزاحت الأمم المتحدة عبر بعثتها في ليبيا الستار عن مؤتمر وطني في منتصف أبريل/نيسان في غدامس وسط البلاد لوضع خارطة طريق لإخراج البلاد من أزماتها لكن كل ذلك لم يتحقق.
أما آخر بيانين فقد تضمنا وقفا لإطلاق النار في كامل أنحاء ليبيا، والبدء في خطوات حلحلة الأزمة بإخراج المرتزقة وإنهاء الوجود العسكري التركي والقطري في ليبيا، تتبعها خطوات أخرى تتعلق بانتخاب مجلس رئاسي جديد والبدء في توحيد المؤسسات الليبية وحل المليشيات ونزع سلاحها.
وتقرر كذلك إعادة فتح الحقول النفطية بعد تحقيق الاشتراطات المتعلقة بذلك، من فتح حساب خارجي خاص بعوائد النفط، إضافة إلى إقرار آلية لصرف عوائده بشكل عادل على جميع الليبيين، عقب الوصول لاتفاق سياسي، وحظيت الخطوة بترحيب عربي ودولي في أولى لحظات الإعلان عنها.
وما بين هذا وذاك، نفى اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، إصداره أي تصريحات حول بيانات وقف إطلاق النار في ليبيا حتى الآن أو أن يكون قد رفض مبادرة صالح.
ومع تتبع تاريخ الاتفاقات والمبادرات الخاصة بالأزمة الليبية لا تزال المخاوف ذاتها قائمة مع وجود متربح تركي من استمرار الأوضاع الحالية عبر استنزاف موارد البلاد في البر والبحر.