سرطان المليشيات «ينهش» بجسد ليبيا.. ماذا تعني اشتباكات الزاوية الأخيرة؟
بينما تحاول ليبيا تضميد جراحها والخروج من السنوات العجاف التي مرت بها، تجد نفسها مُكبلة بالمليشيات المسلحة التي تتحكم في مصيرها، وترهن مستقبلها.
تلك المليشيات التي تطل برأسها بين الحين والآخر، باشتباكات بين عناصرها، ترسل رسائل بأن البلد الأفريقي الذي ابتلي بوجودها على أراضيها، لا تزال بعيدا عن حالة الاستقرار المنشودة شعبيا ودوليا، إلا أنها في الوقت نفسه تؤكد ضرورة توحيد شرقه وغربه تحت حكومة واحدة، تكون قادرة على المضي قدما نحو الانتخابات التي أرجأتها القوة القاهرة.
فماذا حدث مؤخرا؟
حسب وسائل إعلام ليبية ومصادر محلية فإن اشتباكات مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، اندلعت فجر السبت بين مليشيات مسلحة تابعة لآمر قوة الإسناد الأولى بالزاوية محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، وأخرى تابعة لنائب رئيس جهاز دعم الاستقرار حسن بوزريبة، في منطقة الزاوية غربي ليبيا.
الاشتباكات اندلعت بعد القبض على متورطين في مقتل الشاب البوراوي حليلة، حسب مصادر ليبية، مما دفع أطرافا محلية إلى التدخل، للفصل بين المتنازعين، وإخراج العالقين في مناطق الاشتباكات.
بدوره، قال عضو مجلس حكماء وأعيان الزاوية حسين المغربي إنه جرى التواصل مع الأطراف المتنازعة والاتفاق على وقف إطلاق النار، مؤكدا أن المشاورات لا تزال مستمرة لحل المسائل العالقة بين المليشيات المتناحرة.
وحول آثار الاشتباكات، قال المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي إن الجهاز تلقى بلاغات عن وفاة شخص وإصابة 6 آخرين حتى الآن جراء الاشتباكات المتواصلة بمدينة الزاوية، فيما أعلن الهلال الأحمر الليبي فرع الزاوية إخراج بعض العائلات العالقة في مناطق الاشتباكات التي تشهدها المدينة.
وطالب الهلال الأحمر الليبي، في بيان عبر صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، الجميع بتقديم يد العون وتسهيل مهام عمل المتطوعين في فتح ممرات آمنة لخروج العالقين، فيما طالبت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية إدارة الطوارئ الصحية والأجهزة التابعة للوزارة، والمراكز الطبية بالزاوية، وجهازي الإسعاف، وطب الطوارئ بتقديم تقارير حول مستجدات الأوضاع الصحية بمناطق الاشتباكات، واتخاذ الإجراءات اللازمة واتباع خطط الطوارئ، وتنفيذ عمليات إخلاء المواطنين العالقين، استجابة للأوضاع في مدينة الزاوية.
فماذا تعني تلك الاشتباكات المستمرة بين المليشيات لمستقبل ليبيا؟
يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن هذا المشهد المتكرر بين المليشيات المسلحة يرسل باستمرار إشارات بانعدام الاستقرار في المدن والمناطق في غرب البلاد.
وأوضح المحلل الليبي أن ذلك المشهد الذي وصفه بـ«المأساوي» يضع الكثير من التساؤلات على حالة الاستقرار التي غابت عن الدولة منذ سنوات، مشيرا إلى أن «وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية لا تستطيع السيطرة على المجموعات المسلحة وقادتها ولا حتى منتسبي هذه الجماعات الذين لا ينصاعون لأوامر أحد، ولا يأتمرون إلا بأوامر الرصاص والقتل والانتقام»، حسب قوله.
وأشار إلى أن هذه الاشتباكات تعني أنه يجب توحيد السلطة التنفيذية، إذا أريد بليبيا أن تذهب نحو الاستقرار، «لكن ما تفرضه هذه الاشتباكات هو حتمية وضع خطة شاملة لمحاولة دمج هؤلاء في المؤسسات، وإخضاعهم لتهيئة نفسية أولا».
الأمر نفسه، أشار إليه المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، الذي قال في حديث لـ«العين الإخبارية» إن اشتباكات الزاوية وغلق معبر رأس أجدير الرابط بين ليبيا وتونس ما هي إلا أعراض ستتكرر في العاصمة وكل مدن الغرب الليبي، متهما دولا غربية بالوقوف وراءها، لـ«إبقاء ليبيا دولة فاشلة».
وتوقع المحلل الليبي أنه لن يكون هناك استقرار في ليبيا بوجود تلك المليشيات المسلحة، «التي لا يمكن تحييدها، في ظل دعم محلي ودولي لهم».
وحول إمكانية إجراء انتخابات في ظل وجود تلك العناصر المسلحة، قال المحلل الليبي إن ليبيا لن ترى أي انتخابات في وجود قوى دولية لا تريد ذلك، محاولة الاعتماد على تلك المليشيات المسلحة لتحقيق مآربها.
وأكد أن «بوابة توحيد ليبيا تمر عبر قطع دابر أورام المليشيات، التي لن ينفع معها إلا مشرط الجراح، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى حركة عصيان مدني واسعة في كل مناطق البلاد، تجبر القوى الدولية على عدم التدخل، وتضع ليبيا على سكة الحياة وإعادة الاعتبار لسيادتها، وخياراتها الديمقراطية».
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA= جزيرة ام اند امز