«عراب الإرهاب» في ليبيا.. فتاوى الغرياني تطول روسيا
الصادق الغرياني، بوق الإرهاب في ليبيا، ما زال يصدر من وقت لآخر فتاوى تحريضية، بهدف ضرب جهود دعم السلام بشتى الطرق.
الغرياني، الذي يتصدر قوائم الإرهاب المحلية والدولية، لم يكتفِ بدعم التكفيريين بالفتاوى الشاذة، بل استغل الدين وسيلة لتحقيق مآربه الخبيثة لتحقيق سياسات تخدم بعض الدول التي لا تريد استقرار ليبيا، كما يعمل لصالح خدمة أهداف وأجندات جماعات إرهابية، اتخذت منها حُجة لممارسة الإرهاب في ليبيا، فبات مرادفا لأسباب التشظي والانقسام وأحد عوامل انتشار الفوضى في البلاد.
ماذا قال؟
قبل أيام أصدر الغرياني فتوى تبيح الحرب على القوات الروسية الموجودة في مناطق شرق البلاد وجنوبها المتمثلة في الفيلق الأفريقي الذي وصفه بـ"الغازي المعتدي"، زاعما أن هذا الأمر "واجب شرعا على أهل ليبيا".
الغرياني، الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، دعا إلى إخراج القوات الروسية "بكل الوسائل".
وبحسب خبراء ومحللين ليبيين فإن فتوى الغرياني تأتي في سياق صراع النفوذ بين القوى العظمى واصطفاف جماعة الإخوان وعموم التيارات الإسلاموية في ليبيا إلى جانب القوى الغربية في مواجهة روسيا، باعتبارها من حلفاء القائد العام للجيش الوطني الفريق خليفة حفتر، في معركته التي دشنها منذ 10 سنوات ضد الجماعات المسلحة والمليشيات المرتبطة بجماعة الإخوان.
وأكد الخبراء الذين تحدثت معهم "العين الإخبارية" أن الغرياني أراد توجيه رسالة تفيد بعدم موافقته على الزيارة التي قام بها إلى موسكو وفد من طرابلس يضم عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي ورئيس أركان قوات المنطقة الغربية محمد الحداد ووزير الخارجية المكلف الطاهر الباعور مؤخرا.
جس النبض
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي أنه "يبدو من فتوى الغرياني الجديدة أن هناك انقساما كبيرا في غرب البلاد بين الجماعات الإسلاموية والإخوان نحو الاتجاه إلى روسيا".
وأضاف الأوجلي لــ"العين الإخبارية" أن ما حدث يوضح مدى الخلافات التي حدثت بعد اجتماع وفد من المجلس الرئاسي ورئاسة الأركان بغرب ليبيا مع سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي بموسكو وقبلها زيارة وفد روسي إلى الغرب.
واعتبر أن هذا الأمر يدل على صراع قادم بين المليشيات التي تتبع الغرياني والأخرى الموجودة في طرابلس.
وشدد على أن فتوى الغرياني عبارة عن إلقاء حجر في المياه الراكدة، "لمعرفة من هي الأطراف التي تقف مع التحالف مع روسيا ومن يقف ضدها لتسهيل اتخاذ القرار وجس النبض".
واعتبر أن الوجود الروسي في ليبيا هو حلقة من الصراع بين القوتين العظميين أمريكا وروسيا، مشيرا إلى أن هذا الصراع ظهر في الشمال الأفريقي ودول الصحراء كلها.
تعميق الفجوة بين الأطراف
أما المحلل والباحث السياسي الليبي أحمد أبوعرقوب فقال إن الغرياني انحرف منذ وقت طويل عن كونه مفتيا، وأصبح إلى حد كبير صاحب رأي سياسي.
وأضاف أبوعرقوب لــ"العين الإخبارية" أن "الغرياني دائماً ما يركز على خطابه السياسي المغلف بالخطاب الديني في شيطنة القائد العام للقوات المسلحة في شرق ليبيا المشير حفتر وكل من يتحالف معه، لذلك ليس بالغريب أن يدعو الغرياني إلى استهداف القوات الروسية باعتبارها حليفة للمشير حفتر".
واعتبر أن أفضل سبيل لإخراج القوات الأجنبية من ليبيا هو التسريع في الوصول إلى تسوية سياسية تضمن توحيد المؤسسات السياسية والعسكرية وتوفير ضمانات كافية للذهاب إلى الانتخابات، وصولا إلى حكومة منتخبة تقف على أرضية صلبة، تستطيع أن تعمل على إخراج كل المرتزقة والقوات الأجنبية من كامل التراب الليبي.
مفتي الدم
وليست هذه أول فتوى للغرياني تدعو للقتال في ليبيا، إذ سبق له أن أطلق في أوقات سابقة دعوات للمليشيات المسلحة في ليبيا للخروج إلى الساحات من أجل منع الانتخابات عن طريق حمل السلاح.
كما شنّ الغرياني هجوما تحريضيا على المسؤولين في منطقة الشرق الليبي على رأسهم المشير حفتر ونواب البرلمان، داعيا إلى منعهم من دخول الانتخابات.
والصادق الغرياني هو المفتي السابق للديار الليبية، إذ عزله مجلس النواب الليبي (البرلمان) في التاسع من نوفمبر/تشرين ثاني 2014 بسبب فتاويه التي كانت سببا في تناحر الليبيين لسنوات.
إلا أنه لا يزال يجلس في رئاسة دار الإفتاء مستغلا المليشيات الإسلاموية الراديكالية التي تدافع عنه وتمنحه القوة في مقابل منحها الشرعية باسم الدين.
ويٌعرف الغرياني في ليبيا باسم "مفتي الخراب" و"مفتي الإرهاب" بسبب مناصرته للجماعات الإرهابية في ليبيا والتي كان قد أفتى لها قبل سنوات بجواز قتل أفراد الجيش الليبي.
وعلى الرغم من أنه ليس عضوا في تنظيم الإخوان فإن الغرياني يعد عراب التنظيم في ليبيا ومرجعيته الأبرز.
وباتت مواقف الغرياني، الذي طالما أشعل الحرب والنيران عبر فتاويه المتطرفة، بوصلة تنظيم الإخوان الإرهابي، خاصة في ظل كونه المحرك الأول لجناح الجماعة العسكري المتمثل في المليشيات الراديكالية المنتشرة في غرب البلاد.
ويلعب الغريانى منذ 2012 دورا بمثابة "الذراع الدينية" للجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجندتها، فارتكبت عدة جرائم عنف استنادا إلى فتاويه، حتى أصبح أحد أبرز المساهمين في انتشار الفوضى وتعزيز الانقسام في ليبيا.