عبث المليشيات بغرب ليبيا.. هل يدفع العسكريين للوحدة؟
وضعت تجاوزات المليشيات المسلحة في غرب ليبيا وأحدثها اشتباكات طرابلس، العسكريين النظاميين في المنطقة الغربية، في وضع محرج.
ففي ظل تنامي نفوذ تلك المليشيات غرب البلاد وعبثها بأمن المواطن، ظهرت المؤسسة العسكرية في الغرب في موقف الضعيف الذي لا يقدر على أداء واجبه في حفظ الأمن بالمقارنة بما هو عليه الحال في المنطقة الشرقية التي تؤمنها مؤسسة عسكرية حقيقية متمثلة في القيادة العامة للجيش الليبي.
ومؤخرا، اعتري المليشيات في غرب ليبيا بشكل عام جنونا، وبدأت في تعريض أمن وسلامة الليبيين للخطر إذ تجلى في عدة مواقف بينها ما حدث مؤخرا من إغلاق المليشيات للطريق الحيوي الرابط بين شرق البلاد وغربها قبل أسبوعين.
إضافة لذلك، خطت مليشيات أخري بقيادة المطلوب دوليا أحمد الدباشي الشهير بـ(العمو)، ذات الخطوة بقطعها الطريق الساحلي الدولي بمنطقة دحمان بالسواتر الترابية والسيارات المسلحة ومضادات الطيران.
حدث ذلك إثر اشتباكات الأربعاء الماضي بين هذه المليشيات وبين عناصر من مديرية أمن مدينة صبراتة، ما دفع بلدية المدينة إلى إغلاق كافة المؤسسات الرسمية في نطاقها نظرا للوضع الأمني الخطير.
أما في طرابلس، بشكل خاص فأفعال المليشيات أشد وطأة، حيث تشهد العاصمة من وقت لآخر اشتباكات مسلحة بين المليشيات المسلحة التي تسيطر على المنطقة الغربية في ظل عجز الأجهزة الأمنية على وقف أعمالها.
ففي 10 يوليو/تموز الحالي، هاجمت مليشيات "اللواء 51 رحبة الدروع" بقيادة المليشياوي المعروف بشير خلف الله الملقب بـ"البقرة" معسكر النعام الذي تتمركز فيه الكتيبة 92 مشاة التابعة لمليشيات ثوار طرابلس الذي يقوده المليشياوي الأشهر هيثم التاجوري.
وفي 11 يونيو/ حزيران، وقعت اشتباكات مسلحة أخرى بجزيرة سوق الثلاثاء، ومنطقة عمر المختار، وسط طرابلس بين مليشيات النواصي ومليشيات جهاز دعم الاستقرار بإمرة عبد الغني الككلي، ما تسبب بحالة من الفزع في المكان.
وقبل ذلك بأسابيع وتحديدا في 14 مايو/أيار، وقعت اشتباكات مسلحة أخرى ببلدية جنزور بالعاصمة طرابلس أيضا اٌستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة بين مليشيات فرسان جنزور، ومليشيات 55، ما تسبب بأضرار بالغة لمشروع محطة كهرباء.
أما أحدث تلك الاشتباكات فهي التي وقعت الخميس الماضي، واستمرت حتى الجمعة، بعدة مناطق من العاصمة بين مليشيات الردع والحرس الرئاسي بإمرة أيوب أبوراس والتي تسببت بمقتل 16 شخص بينهم مدنيين وأطفال ناهيك عن أضرار بالغة في منازل السكان.
موقف محرج
كل ممارسات مليشيات غرب ليبيا ضربت بها جميع الحوارات الجارية بين أطراف النزاع على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي، إضافة لتجاهلها كل التحذيرات والتهديدات التي أطلقها المجتمع الدولي.
تلك الأفعال أيضا وضعت العسكريين النظاميين في غرب البلاد في موقف محرج للغاية وجعلهم، بحسب مراقبين، أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما الانضمام بجدية لمشروع توحيد المؤسسة العسكرية والانصهار مع جيش شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر، أو أن يكتب عنهم التاريخ أنهم تخاذلوا عن الواجب الوطني.
أحداث طرابلس الأخيرة جعلت الشارع في غرب البلاد ينقسم بين منتقد لغياب شخصية العسكريين أمام قوة وسطوة المليشيات وعجزهم التام عن حماية العاصمة، ومؤيد للعسكريين وداعم لمفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية الجارية.
المحلل السياسي الليبي فيصل الترهوني يقول عن ذلك إن "خيار الانحياز للوطن أصبح حتميا أمام عسكريي غرب ليبيا، فهم يحملون رتب عسكرية عالية وعليهم أن يبرهنوا أنهم يستحقونها"، مؤكدا أن "وضع هؤلاء الآن مجرد رتب ورواتب".
وأضاف الترهوني في حديث لـ"العين الإخبارية"، قائلا:"أمام عسكريين غرب ليبيا البالغ عددهم أكثر من 40ألف عسكري ويحملون رتبا عالية، فرصة سانحة وهي التوحد وتوحيد المؤسسة العسكرية ضمن المفاوضات الجارية حاليا في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5".
ويجري الجيش الليبي استعدادات لعقد مفاوضات جديدة ضمن مساعي توحيد المؤسسة العسكرية، وذلك خلال الاجتماع التقابلي الرابع المزمع عقده بمدينة بنغازي بين رئيس أركان الجيش الفريق عبد الرازق الناظوري وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة الممثلة للقيادة العامة للجيش مع الفريق أول محمد الحداد رئيس أركان حكومة الوحدة منتهية الولاية وأعضاء اللجنة العسكرية 5+5 وعدد من القيادات العسكرية بالمنطقة الغربية.
وعلى مدى يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، جرت مفاوضات في طرابلس غربي ليبيا بين تلك الأطراف نتج عنها تحقيق تقدم بالمسار العسكري بعد تحديد خطوات وآلية توحيد بعض هيئات وإدارات الجيش الليبي.
التوحيد هو الحل
وعن ذلك، قال الترهوني إن "الخيار أمام العسكريين النظاميين ذو الأرقام العسكرية هو إما أن يتوحدوا مع زملائهم في شرق ليبيا ويشاركونهم مكافحة الإرهاب في كامل التراب الليبي أو يستمروا في البقاء تحت أقدام المليشيات المسلحة هم ورتبهم العسكرية الكبيرة".
وتابع :"في الشرق، هناك جيش يضم ثماني ألوية و60 كتيبة عسكرية نظامية و8 قواعد عسكرية كلها تحت سيطرة قيادة عسكرية واحدة وهي القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية ولا وجود لمليشيات، بعكس المنطقة الغربية التي تضم رتبا كبيرة لعسكريين لا يملكون على الأرض من أمرهم شيئا".
ورغم ذلك، أكد الترهوني أن "جل العسكريين في المنطقة الغربية صادقون فعلا في توحيد المؤسسة العسكرية للحفاظ على الشرف العسكري".
لكن المحلل الليبي أبدي تخوفه من "ضغط المليشيات أو قيادات الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان، لتخريب مفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية الجارية حاليا".
وتابع: "ليس من صالح تنظيم الإخوان ولا المليشيات المسلحة أن يكون للبلاد جيش موحد قادر على الضرب بيد من حديد على كل من تمتد يده للوطن".
وأضاف أن :"توحيد الجيش سيوقف التهريب سواء الوقود أو البشر، وفي وجود جيش موحد لن يتمكن الإرهاب من التوسع"، مضيفا أن "بعد توحد الجيش الليبي، لن يكون للمليشيات وجود في غرب ليبيا".
ومضى قائلا:"ليبيا الآن تمر بمنعطف خطير وتوحيد المؤسسة العسكرية هو الحل".
aXA6IDMuMTQyLjEzMy4yMTAg جزيرة ام اند امز