دبلوماسي بريطاني مخضرم بديلا عن سفيرة الأزمات بليبيا.. تصحيح للمسار؟
تسببت تصريحاتها المثيرة للجدل في مناسبات عدة، في أزمات بليبيا، فاتهمها الليبيون بـ"التغريد بعيدًا عن القواعد الدبلوماسية، وبمحاولة فرض الوصاية عليهم".
إنها السفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هورندال التي انتهت مهامها اليوم سفيرة لبلادها في البلد الأفريقي، لتختتم رحلة طالت عامين، بدأت في أغسطس/آب 2021، وانتهت في سبتمبر/أيلول 2023.
وكانت الحكومة البريطانية أعلنت يوم الأربعاء، تعيين الدبلوماسي مارتن لونغدين سفيرا جديدا لها لدى ليبيا، خلفا للسفيرة الحالية كارولين هورندال، على أن يتسلم مهام منصبه الجديد في ليبيا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما تنتقل هورندال إلى منصب دبلوماسي آخر.
تلك الرحلة أثارت الدبلوماسية البريطانية في بدايتها وقبل نهايتها بأشهر، غضب الليبيين، بتصريحات اعتبروها "مستفزة"، بل إنهم طالبوا بطردها من بلادهم.
فماذا فعلت؟
في ديسمبر/كانون الأول 2021، أي بعد تعيينها بأشهر أربعة، أصدرت السفارة البريطانية في ليبيا، بيانًا أكدت فيه اعتراف بلادها بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، لقيادة المرحلة الحالية حتى إجراء الانتخابات الليبية، وأنها لا تؤيد تعيين حكومة جديدة، مما أطلق موجة غضب ضد السفيرة وبلادها.
وقالت السفارة البريطانية: "وفقًا لخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي والاتفاق السياسي الليبي، ستواصل المملكة المتحدة الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة بقيادة ليبيا إلى الانتخابات ولا تؤيد إنشاء حكومات أو مؤسسات موازية".
ذلك الإعلان جاء في الوقت الذي كان يعتزم فيه البرلمان تشكيل حكومة مصغرة لقيادة فترة ما قبل الانتخابات، وهو ما حدث بالفعل بإعطاء الضوء الأخضر لفتحي باشاغا لتشكيل حكومة جديدة، إلا أنها فشلت فيما بعد في استلام مهامها من العاصمة طرابلس، أو في زحزحة الدبيبة عن منصبه.
إلا أن إعلان السفارة -آنذاك- اعتبره الليبيون "انتهاكاً للسيادة الليبية وتدخلا في شؤونها الداخلية وعرقلة لخارطة الطريق التي أقرها الليبيون في ملتقى الحوار الليبي"، مما دفعهم لتدشين هاشتاغات تطالب بطردها.
الغضب -آنذاك- لم يكن شعبيًا فقط؛ بل إنه انتقل إلى المؤسسات، فالبرلمان الليبي أكد -آنذاك- أن "خيار اختيار حكومة جديدة، أو الإبقاء على الحالية من اختصاصات مجلس النواب، وعلى الجميع احترام قواعد الحكم الديمقراطي، ونرحب بالعمل مع جميع الشركاء الدوليين الداعمين لاستقرار ليبيا، بشرط احترام السلطات الشرعية في البلاد".
وكانت السفيرة البريطانية عدلت في يناير/كانون الثاني الماضي، عن مساندتها لحكومة الوحدة الوطنية، مؤكدة ضرورة وجود حكومة جديدة في ليبيا للإشراف على إجراء الانتخابات.
محطة جديدة
محطة جديدة من الغضب الليبي طالت السفيرة البريطانية في ليبيا؛ ففي يونيو/حزيران الماضي، دعت السفيرة البريطانية القادة الليبيين إلى الاحتذاء بالملك تشارلز واعتباره مصدر إلهام؛ كونه كرس حياته لخدمة شعب بلده.
تصريح أثار غضب الليبيين وأطلق موجة من السخرية والاستهزاء بحق السفيرة البريطانية؛ فليبيون قالوا في تصريحات بثت -آنذاك- "إن الأمير تشارلز هو مثال حي على الأزمات لما فعله بزوجته الراحلة الأميرة ديانا"، مشيرين إلى أن "السياسيين الليبيين اتخذوه بالفعل مصدر إلهام لهم وحولوا حياة الشعب من نعيم إلى جحيم".
تصويب للوضع
وفي محاولة لتصحيح مسارها، غازلت السفيرة البريطانية، الليبيين بارتداء الزي التقليدي الخاص بهم، وبزيارة الأضرحة المقربة من قلوبهم وخاصة ضريح عمر المختار.
ليس هذا فحسب؛ بل إنها التقت مع القادة السياسيين في كل أنحاء ليبيا، ولم تقتصر لقاءاتها على المنطقة الغربية حيث حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية)، بل إنها عقدت لقاءات مع سياسيي وقادة المنطقة الشرقية، من رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
لكن ماذا نعرف عن السفير الجديد؟
بحسب ما نشرته الحكومة البريطانية على موقعها، فإن السفير لونغدين ولد في منطقة ستوكبورت، وهو أب لثلاثة أبناء، مشيرة إلى أنه خدم بين العامين 2021 و2022 رئيسا لفريق الانتشار السريع في العاصمة الأفغانية كابل، كما عمل في منصب القائم بالأعمال لدى بعثة بريطانيا إلى أفغانستان ومقرها الدوحة.
ويقول موقع الحكومة البريطانية، إن السفير الجديد المقرر استسلام مهامه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، شغل في العام 2021 منصب القائم بالأعمال البريطاني في العاصمة اللبنانية بيروت.
وخلال الفترة بين العامين 2016 و2020، عمل السفير لونغدين رئيسا لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، ليشغل بعدها منصب الممثل البريطاني الخاص في سوريا.
وبحسب الحكومة البريطانية، فإن سفيرها الجديد عمل في الفترة بين 2015 – 2016، نائبا لرئيس البعثة البريطانية في كابل بأفغانستان، كما شغل بين 2011 و2014، رئاسة إدارة جزر فوكلاند والمحيطات الجنوبية التابعة لمديرية أقاليم ما وراء البحار بوزارة الخارجية.
وأشارت إلى أنه عمل في الفترة بين 2009 و2011، رئيسًا للاتصالات لشبكة الولايات المتحدة، بينما عمل في الفترة من 2007 حتى 2009 نائب السكرتير الصحفي في وزارة الخارجية البريطانية.
أما في الفترة من 2005 وحتى 2007، فقد عمل السفير لونغدين مستشارًا للسياسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، بوزارة الخارجية البريطانية.
وعن تعيينه سفيرًا لبلاده في ليبيا، قال السفير لونغدين، في تغريدة عبر حسابه بمنصة "إكس" (تويتر سابقا): يسرني جدا أن أمثل المملكة المتحدة كسفير جديد لجلالة الملك في ليبيا هذا الخريف.
وأضاف: سأنضم إلى فريق ممتاز من الزملاء البريطانيين والليبيين في السفارة، وأنا متحمس لبدء عملي والتعرف على الناس والأماكن في هذا البلد الرائع.
تصحيح للمسار؟
يقول مراقبون إن دفع الحكومة البريطانية بالسفير لونغدين، الذي له خبرة كبيرة في الشرق الأوسط -بحسب سيرته الذاتية- يعد محاولة لتصحيح مسار العلاقات البريطانية الليبية، والتي شابتها أزمات عدة خلال فترة السفيرة التي انتهت مهام عملها.
وأوضح المراقبون، أنه رغم السفيرة المنتهية ولايتها حاولت تصحيح مسارها بالتراجع عن قراراتها أو خطواتها المثيرة للجدل، بأخرى، إلا أن الذاكرة الليبية علق فيها مواقفها السابقة، بالإضافة إلى أن الدبلوماسية البريطانية لم تستطع دفع علاقات البلدين إلى الواجهة بالشكل الأمثل.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg جزيرة ام اند امز