قصر ليبيا.. تأهيل وترميم برعاية اليونسكو
تاريخ بناء قصر ليبيا يعود إلى الفترة الإغريقية في القرن الرابع قبل الميلاد، وأطلق عليه البيزنطيون اسم "أوليبيا ".
أطلقت مصلحة الآثار الليبية بالحكومة المؤقتة مشروع ترميم وتوثيق وتأهيل موقع "قصر ليبيا" وذلك ضمن برنامج مساعدات منظمة اليونسكو، والذي يهدف للمحافظة على المواقع الأثرية، حيث انطلقت الأعمال بمبنى الكنيسة الشرقية، والتي سيتم ترميم سقفها وترميم أرضيات الفسيفساء، وإزالة الأشجار والأعشاب المحيطة بالمبنى والتي يمكن أن تأثر عليه.
وأوضح الدكتور صالح العقاب، مدير إدارة البحوث والدراسات الأثرية بديوان المصلحة ومدير مشروع تأهيل موقع "قصر ليبيا"، أن المرحلة الأولى من المشروع تستهدف ترميم أرضيات الفسيفساء وتوثيقها، وأيضا إطلاق حملة توعوية في محيط الموقع الأثري من أجل توعية المواطنين بأهمية المكان، وضرورة تكثيف جهودهم من أجل المحافظة عليه.
الجدير بالذكر بأن أعمال المشروع تتم بفريق ترميم أرضيات الفسيفساء التابع للمصلحة وبمشاركة كل من الباحثين الأثريين "بدر البريكي" و"أشرف الورفلي" و"أبريك العماري" و"محمد المغيربي".
الموقع
يقع الموقع الأثري لقصر ليبيا في منطقة الجبل الأخضر، وهي تبعد عن مدينة البيضاء 42 كم، وهي تقع على تقاطع طرق ما بين طريق المرج-البيضاء الرئيسي، وبين طريق قصر ليبيا-مراوة.
ويرجع تاريخ بناء قصر ليبيا إلى الفترة الإغريقية في القرن الرابع قبل الميلاد، ثم استعمله البيزنطيون باسم "أوليبيا "، وفي النصف الثاني من القرن الخامس ومطلع القرن السادس الميلادي عندما احتل "الوندال" و"النوميديون" مناطق واسعة من شمال إفريقيا تأثرت المدينة، ثم قام الإمبراطور البيزنطي "جستنيان" بإعادة تأسيسها العام 539 ق م، حيث أطلق عليها اسم "ثيودورياس" نسبة لزوجته ثيودورا التي تربت في" أبولونيا" المجاورة.
كنيستان
جدير بالذكر أن أهم معالم المدينة الأثرية هما كنيستان تم اكتشاف "الأولى" عام 1957 ويطلق عليها الكنيسة" الشرقية"، عندما كان أحد الفلاحين يقوم بالحفر والعمل في أرض زراعية في منطقة مرتفعة قرب القلعة التركية الإيطالية، حيث تم الكشف بالصدفة عن جزء من أرضية فسيفسائية كانت مردومة بالتراب.
والثانية اكتشفت في عام 1965 وتسمي" الغربية"، وكان الأسقف "مكاريوس" المشرف الرئيسي على هذه الأعمال، حيث أشرف على تزيين فسيفساء صحن الكنيسة في ما بين 538-539 م، وبعد وفاته عهد الأمر إلى الأسقف الجديد ثيودوروس الذي كان شماس الكنيسة وأسهم في الإشراف على تزيين الحجرة الشمالية الشرقية، وعلى فسيفساء الساحة المقدسة التي بنيت بعدها.
ويوجد قرب الكنيسة الغربية متحف أثري صغير يعرف باسم "متحف الفسيفساء البيزنطية"، وقد تم افتتاحه عام 1972، ويحتوي المتحف على مجموعة من الأرضيات الفسيفسائية التى كانت موجودة بالكنيسة الغربية، بالإضافة إلى 50 لوحة فسيفسائية أبعادها 65×65 التي كانت جزء من فسيفساء صحن الكنيسة الشرقية، وهي تحمل مشاهد حيوانية وآدمية وأسطورية وعمرانية ونباتية وبحرية، إلى جانب بعض الكتابات الإغريقية، تعد هذه الفسيفساء أروع ما عثر عليه من فسيفساء في ليبيا في العصر البيزنطي من حيث موضوعاتها الزخرفية وتنوع مشاهدها.
فسيفساء
كما يضم المتحف لوحة فسيفسائية نادرة لمنارة الإسكندرية، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة التي بنيت في عهد بطليموس الثاني (285-246 ق.م.) ودمرت في زلزال عام 1302 م، ولم يبق إلا هذه اللوحة لتوضح شكله، بالإضافة إلى أرضية فسيفسائية عثر عليها في الحجرة الشمالية الشرقية من الكنيسة "الشرقية" حملت مشاهد متنوعة أغلبها لحيوانات وطيور وزخارف هندسية، وكتابة تشير إلى أنها نفذت في عصر الأسقف "ثيودوروس".
وأخيرا يوجد بالمتحف أرضية فسيفسائية أخرى كانت تزين الساحة المقدسة في الكنيسة الشرقية عرضت حاليا في الكنيسة الغربية التي تحولت إلى قلعة تركية ثم استعملت أثناء الاحتلال الإيطالي، وقد زخرفت تلك الأرضية بعدة صلبان يحيط بها وعول برية وحيوانات أخرى، وتوجد بها زخارف هندسية متنوعة.