ليبيا.. هل تؤجل جولات الساسة حربا تدق طبولها؟
في وقت يلاحق فيه فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، سراب حل سياسي في الجزائر، عقد بالقاهرة لقاء مع نشطاء ليبيين
في وقت يلاحق فيه فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، سراب حل سياسي في الجزائر، عقد رئيس الأركان المصري، الفريق محمود حجازي، المكلف بالملف الليبي من قبل القيادة المصرية لقاء بالقاهرة مع نشطاء ليبيين، بينما يقرع الفرقاء على الأرض الليبية طبول حرب، يعتقد مراقبون أنها آتية لا محالة.
وقال رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، إنه يزور الجزائر من أجل "حلحلة" الوضع في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، مضيفاً في تصريح تلفزيوني، أن زيارته تأتي "في إطار المشاورات المستمرة مع الجزائر لبحث الكثير من الملفات وحلحلة بعض المخترقات التي يمر بها الوضع في ليبيا".
وهذه هي الزيارة الثانية للسراج في أقل من شهرين إلى الجزائر، وتأتي بعد أسبوع من زيارة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر الذي استقبله رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال.
وفي غضون ذلك، عبّر المشاركون الليبيون، خلال لقاء فريق الأركان المصري، عن رؤيتهم لما يدور على الأراضي الليبية، من صراعات مدمرة تستدعى تكاتف الجهود الوطنية المخلصة لإيقافها فوراً، ونشر ثقافة الحوار، وصولاً إلى توافق وطني يعيد بناء هيكلة الدولة الليبية، بإدارة مصالح المواطنين والدفاع عن استقلال الوطن ووحدته وسلامة أراضيه.
لكن مراقبين للشأن الليبي يتفقون على أن جولات الساسة لن توقف حرباً باتت وشيكة في ليبيا. ويشير كامل عبد الله، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إلى أن التحرك المصري يستهدف حشد الدعم السياسي لقيادة الجيش الليبي.
ويقول عبد الله لـ"العين"، إن "الجميع يدرك أن الوضع في ليبيا سينفجر قريباً.. وربما ترغب القاهرة في أن تظهر كداعم للحل السياسي لكن في الوقت عينه يتم ذلك عبر نشطاء من طيف واحد فيما يشبه مظاهرة تأييد للجانب الذي يحظى أكثر من غيره بقبول القاهرة".
ودأبت القيادات السياسية في مصر على التأكيد على رغبتها في حل سياسي في ليبيا ينهي الفوضى التي تمر بها البلاد، لكن رافق تلك التأكيدات دائماً حرص القيادة المصرية على إعلانها الصريح دعم الجيش الوطني الليبي.
ويقول عبد الله، إنه يجب أن ننتبه إلى أن القاهرة وضعت الملف في يد رئيس أركان الجيش، ما يعني بطبيعة الحال أن الجانب الأمني للقضية الليبية هو الذي يطغى على أولويات صانع القرار المصري.
وتراهن القاهرة على قدرة الجيش الليبي على بسط سيطرته على البلاد لوضع حد للفوضى المتاخمة لحدودها الغربية، والتي تسمح بتدفق السلاح والعناصر الإرهابية عبر حدود يصعب تأمينها.
ولقاء رئيس الأركان بمجموعة الإعلاميين والنشطاء والمثقفين الليبيين يأتي بعد نحو أسبوعين من مؤتمر جمعهم تحت رعاية مصرية. وصدر عن المؤتمرين بياناً من 12 نقطة أكدوا خلاله على ضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى تحقيق التوافق السياسي والسلمي بليبيا، وبما يحقق سلامة ووحدة الأراضي الليبية.
وطالب المشاركون في اجتماع اليوم بوضع مشروع خطاب إعلامي، يدعو إلى تكوين حاضنة شعبية داعمة وضاغطة تلزم المؤسسات الشرعية بالأخذ به وتطبيقه، وتطوير وسائل الاتصال بالرأي العام العالمي، لتكوين قوة ضاغطة على أصحاب القرار في المجتمع الدولي حتى يلتزم بالمخرجات الواردة في لقاء القاهرة.
وأكدوا ضرورة الدعوة إلى التوافق والمصالحة الوطنية ووضع قانون وطني للعدالة التصالحية، ودعم وسائل الإعلام الوطنية المهنية الجادة، وإدانة وسائل وأجهزة الإعلام التي تتبنى خطاب الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب، والتأكيد على رفض هذه التوجهات والعمل على إيقافها وحرمانها من البث بالطرق القانونية.
ويصف الصحافي عبد الستار حتيتة المتخصص في الشأن الليبي التحركات السياسية الأخيرة بما فيها لقاء القاهرة بـ"الحشو" على متن سيكتبه القادة الميدانيين على الأرض بقوة السلاح.
ويشير الصحافي المصري الذي زار ليبيا مؤخراً أكثر من مرة إلى أن قوات قائد الجيش الليبي خليفة حفتر التي نجحت في بسط هيمنتها على معظم الشرق الليبي وأجزاء من الجنوب تحشد حالياً من أجل الانتقال إلى الغرب باتجاه العاصمة طرابلس تتنازعها 3 سلطات.
ويقول لـ"العين"، إن استعدادات الجيش الليبي يرافقها على الجانب الآخر استعدادات مماثلة لقيادة الميلشيات في طرابلس وغيرها من المدن الليبية، لافتاً إلى وجود تحرشات بين تلك الميليشيات نفسها عبرت عن نفسها مؤخراً في معارك في العاصمة الليبية.
ويتابع "بعد أن انتهت هذه الميليشيات من استعادة سرت من تنظيم داعش الإرهابي، هم يستعدون الآن للحشد ومحاولة الاقتراب من الشرق لفتح خطوط تماس مع الجيش الليبي".
وفي واقع معقد تتقاطع فيه المصالح الدولية والإقليمية والمحلية ومن دون امتلاك أي من الأطراف المتصارعة القدرة على حسم المعارك تبقى المؤتمرات والجولات السياسية مظلة لاستراحة مقاتلين يستعدون بين لحظة وأخرى لبدء جولة يأملون أن تكون الأخيرة.