خبير اقتصادي ليبي لـ«العين الإخبارية»: انفراجة قريبة لأزمة النفط والمصرف المركزي
وسط الضباب الكثيف الذي خلَّفته أزمة المصرف المركزي الليبي وعودة القوى الليبية للتنازع حوله، إلا أن محللا اقتصاديا ليبيا يتوقع «انفراجة قريبة»، تشمل إعادة حقول النفط المغلقة للعمل، والتوافق على شخصية «محايدة» لإدارة المصرف.
وفي لقاء مع "العين الإخبارية" عرض المستشار علي الفارسي، محلل أسواق الطاقة وخبير في الاقتصاد الليبي، رؤيته لمستقبل الاقتصاد الوطني، وأسباب الأزمة الجارية، وسُبل العبور إلى اقتصاد مستقر ومزدهر.
قال الفارسي إن وجود الاستقرار "ينعكس بالتأكيد على صناعة النفط والغاز التي يجب أن تعمل، بعيدا عن أي توجّهات سياسية، وهذا ما تسعى إليه المؤسسة الوطنية للنفط منذ سنوات"، كما لفت إلى أن القوات المسلحة (مقرها في شرق ليبيا) "أسهمت في استقرار قطاع الطاقة عبر التأمين الكامل للحقول والموانئ".
وبناءً على ذلك فإن الاعتماد على النفط وحده يعرّض الاقتصاد وخدمات المواطنين للخطر في حال اهتزاز الاستقرار، لذلك يشدد الفارسي على أن مصلحة ليبيا "في استخدام أموال النفط لتنويع مصادر الإنتاج".
وفي هذا السياق يرى المحلل المالي أن البلاد تقوم بخطوات عدة على أرض الواقع في هذا الطريق، ضارباً المثل بمشروعَي "صندوق التنمية وإعادة الإعمار"، و"الجهاز الوطني للتنمية"، اللذين "يقدمان ما لم تقدمه الحكومات السابقة من مشروعات تنموية، غيَّرت وجه مدينة سرت، ووفّرت فرصاً واعدة في ظل مناخ الاستقرار (في المنطقة الشرقية) الذي وفّرته القوات المسلحة الليبية، كما سيُصبح ميناء سرت بوابةً لأوروبا وأفريقيا، إذا عاد للعمل".
الوقاية من تقلّب الأسواق
في الوقت نفسه، فإن الخبير الاقتصادي يلفت إلى أنه لتأمين دخل ليبيا من النفط، الذي ما زال يشكّل 95% من ميزانيتها، بإنتاج مليون و300 ألف برميل يومياً، فإنه "من المهم وضع نقطة تعادل للموازنة عند سعر 55 دولاراً للبرميل لتفادي أي مشاكل تحدث نتيجة هبوط أسعار النفط، بسبب ارتفاع المخزونات بالعالم، وزيادة العرض فوق الطلب حالياً".
واستدرك أن ليبيا فقدت إنتاجها (خلال الأيام الأخيرة) بسبب الخلافات الداخلية، إلا أن صادرات ليبيا مستقرّة عامة مع وجود مخازن ضخمة من النفط، كما يوجد خطط لإنتاج مليونَي برميل يومياً، في الظروف الاعتيادية.
وأعلنت الحكومة المكلفة من البرلمان، يرأسها أسامة حماد (مقرها في شرق ليبيا) في 26 أغسطس/آب الماضي، حالة "القوة القاهرة" على حقول وموانئ النفط، ما يعني غلقها ووقف الإنتاج، رداً على ما اعتبرته محاولة حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها ويرأسها عبدالحميد الدبيبة والمجلس الرئاسي (مقرهما في غرب ليبيا) السيطرة على مصرف ليبيا المركزي، عبر إجراءات "غير شرعية"، ما يعرّض الاقتصاد للخطر.
ويُحمِّل الفارسي حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي مسؤولية قرار غلق الحقول نتيجة "تعنّتهما، واتخاذ قرارات أُحادية (إقالة محافظ المصرف المركزي الصديق عمر الكبير وتعيين آخر، دون الرجوع لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة)، وعدم احترام قرارات لجنة الترتيبات المالية، وما يخص توزيع مداخيل النفط، داعياً لأن يكون الحل عبر وفاق وطني، حتى لا يؤثر في أداء المؤسسات السيادية، مثل المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي.
كما يدعو للاستجابة لدعوة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، الخاصة بضرورة الحفاظ على مكانة المصرف المركزي الائتمانية أمام العالم والسوق المالية الدولية.
ورغم هذه الأزمات المتتالية فإن الفارسي يرى أن ليبيا داعم أساسي لمصافي النفط في أوروبا، وتسوّق خامات ممتازة تحتاج إليها السوق الأوروبية، ولم تفقد مكانتها، وما زالت مزوداً موثوقاً لكبار المشترين في كندا والصين والمملكة المتحدة وأمريكا وإيطاليا وألمانيا وأوروبا عامة.
كما تسعى ليبيا لتعافي أسعار النفط، وكذلك استغلال استقرار ممرات التصدير بالمتوسط، في مقابل ما تشهده منطقة البحر الأحمر ومضيق هرمز من صراعات جيوسياسية (هجمات مليشيات الحوثي في اليمن على السفن)، الذي أثّر في صناعة النفط والغاز من ناحية الإمدادات والواردات وتوفير قطع الغيار والمواد التشغيلية لحقول النفط والغاز لبعض الدول، وفق الفارسي.
- إغلاق حقول النفط وفقدان 63% من الإنتاج الكلي.. اقتصاد ليبيا إلى أين؟
- محافظ «المركزي الليبي» وكبار موظفيه يغادرون البلاد خوفا من فصيل مسلح
عودة قريبة
يتوقع الفارسي عودة النفط الليبي إلى الإنتاج قريباً، معتمداً على عدة أمور، منها أن "الأزمة ليست داخلية فقط، لكن تأثيراتها تمس الشركاء الدوليين، خاصة بعد تراجع مخزونات أمريكا وغياب نيجيريا بسبب خلل في الأنابيب وأعطال فنية، مما يعني أن السوق الدولية ستفقد أكثر من 900 ألف برميل، وأكثر من النفط الخام المتاح للسوق الأوروبية والبعيد عن منطقة توتر البحر الأحمر".
كما يتوقع أن الأطراف الليبية "قد تتفق قريباً على شخصية محايدة لقيادة المركزي، مما يعزز فرص عودة إنتاج النفط والغاز وعودة المركزي للعمل".
وأُجبر محافظ المصرف المركزي -الذي أقاله المجلس الرئاسي- الصديق الكبير وموظفون كبار آخرون في المصرف على الفرار من ليبيا، "حماية لأرواحهم" من هجمات محتملة من المليشيات المسلحة التي تهدد موظفي المصرف، وفق ما ذكره الكبير في تصريحات لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyMyA=
جزيرة ام اند امز