ما وراء صفقة إيني وليبيا.. أضخم استثمار نفطي في ربع قرن وكميات غاز مهولة
بعد مد وجزر لـ14 عاما وقعت، اليوم في طرابلس، اتفاقية لإنتاج الغاز بين مؤسسة النفط الليبية وشركة إيني للنفط والغاز الإيطالية.
وفي حين لم يذكر الرئيس التنفيذي للشركة الإيطالية للطاقة كلاوديو ديسكالزي تفاصل الصفقة التي أعلن في وقت سابق عنها، أكد في المقابل رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا فرحات بن قدارة أن "الاتفاق يشمل استثمار 8 مليارات دولار خلال 3 سنوات خاصة في التركيبين البحريين (أ) و(هـ)".
أضخم استثمار نفطي في ربع قرن
وأضاف بن قدارة خلال مراسم التوقيع في طرابلس أن ذلك يعد "استثمارات لم يشهدها قطاع النفط الليبي لمدة تزيد على 25 عاما".
وتابع أن "توقيع اتفاق الطاقة جاء بعد مفاوضات منصفة للطرفين راعت مصالح الدولة الليبية ومصالح شريكنا الاستراتيجي (إيني الإيطالية)".
وأضاف "أخذنا في الحسبان جميع الظروف الدولية ونشاط دول الجوار في مجال الاكتشافات البحرية والمخاطر المحيطة".
كميات مهولة من الغاز
وخلال كلمته اليوم أيضا أوضح فرحات بن قدارة أن "الاتفاق يشمل تطوير حقول غاز تقترب احتياطياتها من 6 تريليونات قدم مكعبة من الغاز وقدرة إنتاجية ما بين 750 و800 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا".
واعتبر بن قدارة توقيع الاتفاق مع إيني بـ"مثابة رسالة إلى الشركات العالمية بأن قطاع النفط خال من المخاطر وينافس بقوة لتعود بلادنا إلى مصاف أبرز الدول المنتجة للنفط والغاز حول العالم"، مكررا الدعوة إلى "شركات الطاقة العالمية للعودة وبسرعة وبفاعلية للاستكشاف في ليبيا".
وفي 5 ديسمبر/كانون الأول المنقضي أعلنت المؤسسة النفطية الليبية رفع حالة القوة القاهرة عن عمليات استكشاف النفط والغاز في ليبيا المعلنة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من قبل ذات المؤسسة.
وفي إعلانها ذاك أكدت المؤسسة ترحيبها "بالشركات التي وقعت معها اتفاقيات استكشاف وإنتاج النفط والغاز بدولة ليبيا لاستئناف أعمالها في ليبيا"، مؤكدة استعدادها "لتقديم الدعم اللازم للشركات المباشرة واستئناف كل عملياتها ومساعدتها في تسهيل العودة وتوفير بيئة عمل آمنة".
إنعاش الاقتصاد الليبي وإنقاذ أوروبا
وتعليقا على توقيع العقد اليوم، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال مؤتمر صحفي في طرابلس الليبية، إن "توقيع اتفاق النفط اليوم سيعيد إطلاق مجموعة مبادرات لتعدد المصادر واستدامة مصادر الطاقة".
وأضافت "مساعدة أوروبا بتزويد موارد الطاقة في لحظة صعوبة بالتأكيد تجعل ليبيا شريكا مهما وأساسيا لإيطاليا".
ذلك التعليق من قبل رئيسة الحكومة الإيطالية هو ذاته الذي تحدث حوله الخبير الاقتصادي الليبي وحيد بوراس، الذي قال لـ"العين الإخبارية" إن "الاتفاق الموقع فعلا يمثل إنقاذا لإيطاليا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام من أزمة الطاقة الحاصلة الآن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية".
وأضاف أن "ليبيا تمثل أولوية لدى إيطاليا وأوروبا بهذا الشأن لعدة أسباب، أولها أن البلاد تم استثناؤها من قرار منظمة أوبك بخفض إنتاجها النفطي، إضافة إلى أنها تعد مصدر غاز لأوروبا التي يربطها بها خط عملاق".
إضافة لذلك يقول وحيد بوراس أن "هذا الاتفاق أيضا يمثل استثمارا حقيقيا في قطاع النفط الليبي سينعش اقتصاد البلاد".
ورغم تفاؤله قال الخبير الاقتصادي الليبي "تظل هناك مشكلتان في توقيع اتفاق اليوم، الأولى هي النزاعات الحاصلة في البحر المتوسط بشأن التنقيب عن النفط والغاز، والثانية هي أن عائدات تلك الصفقة بشكل خاص وإيرادات بيع النفط والغاز الليبي يعد محل نزاع أيضا بين الحكومتين الليبيتين، وهو ما سيضع مؤسسة النفط في أزمة اصطفاف في المستقبل ويزيد الضغوط عليها".
كواليس ما قبل التوقيع
وفي 21 ديسمبر/كانون الثاني المنقضي أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط نجاحها في استقطاب استثمارات جديدة تتجاوز 8 مليارات دولار من شركة إيني الإيطالية في الغاز الليبي.
وأوضحت المؤسسة في بيان لها آنذاك أن "استثمارات بقيمة 8 مليارات دولار ستعيد ليبيا إلى الواجهة من جديد في قطاع النفط والغاز وستشجع على جلب المستثمرين في القطاع ".
وأردفت أن "الاستثمارات ستقود إلى تحريك عجلة الاقتصاد وخلق العديد من فرص العمل ورفع مستويات الدخل كما سيدفع الإعلان عن هذا المشروع الشركات المتعاقد معها على القطع الاستكشافية إلى مباشرة نشاطاتها".
وكشفت المؤسسة في بيانها في ذلك الوقت أنها أجرت مفاوضات مع شركة (إيني) الإيطالية بخصوص النسبة التي تحصل عليها من إنتاج حقول الغاز الطبيعي بالمنطقتين البحريتين أ وهـ، وذلك ضمن صفقة قديمة منذ عام 2008".
ونوهت إلى أن النسبة ليست نسبة المقاسمة في العائد إنما هي النسبة المسموح بها لاسترجاع التكاليف الرأسمالية في المشروع والتي تعرف بـ(Maximum Cost Recovery Allocation) أي النسبة المسموح باسترجاعها من الإنتاج لاسترداد التكاليف الرأسمالية للمشروع.
وأردفت أن الإعلان التجاري للمشروع صدر في عام 2013 لكن لأسباب متعددة لم ينفذ حتى تاريخ اليوم، ورأت المؤسسة أن تنفيذ المشروع يجب أن يكون أولوية ولذا عقدت في 24 أغسطس/آب الماضي اجتماعا مع إدارة إيني طالبت خلاله الشركة بتنفيذ المشروع وتجاوبت بعد العديد من الاجتماعات حيث أنها كان لديها مخاوف سياسية وأمنية.
ورأت المؤسسة أنه كان من الضروري تسريع تنفيذ مشروع الاستكشاف في المنطقتين البحريتين وبشكل عاجل خاصة أن إنتاج الغاز في حقول الوفاء والسلام سيبدأ في التراجع عام 2025 بكمية تقدر بأكثر من 440 مليون قدم مكعب يوميًا مما سينتج عنه عجز في توفير الغاز للاستهلاك المحلي إن لم يجر تعويض الفاقد بالاستثمار وزيادة الإنتاج.
وأشارت إلى أن المشروع سيحمي ليبيا من استيراد الغاز لتغذية محطات الكهرباء وبذلك يقدر العائد المحقق للدولة الليبية من هذا الاستثمار بين 13 و18 مليار دولار بعد استرجاع المصاريف الرأسمالية والتشغيلية.
وتتوالى إنجازات النفط الليبي منذ إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط السابق مصطفى صنع الله يوليو/تموز الماضي بعد معاناة القطاع لـ8 أعوام.
وتعد ليبيا ذات أولوية قصوى بالنسبة لأوروبا خاصة إيطاليا حيث يتم تصدير نحو 7-8 مليون متر مكعب من الغاز يوميا وتسعى روما لزيادتها إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا عبر خط غرين ستريم الرابط بين جزيرة صقلية والحقول الليبية.
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز