تحركات أوروبية للحل.. وأردوغان يستبق بإجراءات عدائية ضد ليبيا
أربع دول أوروبية توفد وزراء خارجيتها إلى طرابلس لوضع حلول للأوضاع المتأزمة والتي ازدادت بالتصعيد التركي الأخير
تعتزم أربع دول أوروبية إيفاد وزراء خارجيتها إلى ليبيا لمحاولة إيجاد حل للأوضاع المتأزمة، فيما بادر الرئيس التركي بإجراءات عدائية تستهدف التدخل في الشأن الليبي.
وأعلنت وزارة خارجية حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، في بيان لها الأحد، عن إجراء اتصال مع جوزيب بوريل مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا أعلن فيه عزم وزراء خارجية إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا زيارة ليبيا في الـ7 من يناير/كانون الثاني المقبل.
- ظهور إرهابيين سوريين موالين لتركيا في طرابلس الليبية
- اليونان تريد المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول ليبيا
وأفادت مصادر ليبية مطلعة لـ"العين الإخبارية" بأن نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا قاموا السبت بتقديم طلب عاجل لعقد جلسة للتصويت على قرار إرسال قوات تركية إلى ليبيا يوم 2 يناير/كانون الثاني 2020، بدلا من 8 يناير/كانون الثاني كما كان مقررا سلفا.
كان أردوغان قد أعلن في تصريحات صحفية عقب عودته الأربعاء من زيارته المثيرة للجدل إلى تونس أن الخطوات المتسارعة بالبرلمان التركي تأتي بناء على طلب من حكومة الوفاق في طرابلس رسميا بإرسال دعم عسكري.
وترى المصادر الليبية ذاتها أن إسراع حزب أردوغان صاحب الأكثرية في البرلمان بإقرار إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا يأتي بإيعاز من أردوغان في محاولة تستبق التحركات الأوروبية المرتقبة لحل الأزمة الليبية، حتى تستطيع أنقرة أن تكون طرفا في أية تسويات قد تترتب على التحركات الأوروبية المكثفة.
ويقول راقي المسماري، المحلل السياسي الليبي وأستاذ القانون الدولي، إن هذا الزخم الدبلوماسي الأوروبي الذي يرافق الزيارات الأوروبية المتوقعة إلى ليبيا يعني أن الملف الليبي صار أوروبيا بالكامل.
وأشار المسماري، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن بدء عمل المبعوث الأوروبي إلى ليبيا، جوزيب بوريل، بزيارة طرابلس رفقة وزراء الخارجية الأوروبيين، يعني أن المشكلة تكمن في طرابلس وأن الحل يبدأ من هناك.
وعن عقد البرلمان التركي جلسة يوم ٢ يناير/كانون الثاني لإقرار إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، يرى المسماري أنه لا يمكن أن يقرأ هذا التحرك التركي، إلا كونه مسعى من نظام أردوغان للوجود في طرابلس حتى تكون أنقرة جزءا من أي حل مرتقب للأزمة.
أما الاحتمال البعيد، بحسب المسماري، فهو أن التحرك التركي يأتي في مواجهة أوروبا أو سعيا للدخول معها في صدام.
ولاقت تدخلات نظام أردوغان في الشأن الليبي منذ وقت مبكر من اندلاع الأزمة ردود فعل إقليمية ودولية غاضبة، أشارت إجمالا إلى أن هذا التدخل من شأنه أن يفاقم الأزمة ويزيد خطر الإرهاب في ليبيا.
وانتقدت أوروبا سابقا الحل العسكري الذي ينتهجه أردوغان وحكومة السراج في ليبيا، وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا شديد اللهجة أدان فيه انتهاك تركيا لسيادة قبرص عبر اتفاق أنقرة مع حكومة الوفاق الليبية.
كما شدد الاتحاد الأوروبي على أن الحوار هو الطريق الوحيد لإيجاد حل سياسي على أساس خطة الأمم المتحدة في ليبيا، كما أكد أنه لا حل عسكري للأزمة الليبية.
ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي يعتزم لعب دور أكبر لكبح جماح أردوغان في ليبيا، كما أكد الاتحاد أنه لن يسمح لجهات بعيدة عن ليبيا مثل تركيا أن تتمكن من التموضع والعبث في المشهد الليبي للمطالبة لنفسها بأولوية في أي حلول محتملة والتي هي الآن عسكرية فقط.
وانضمت روسيا إلى العديد من الدول والتكتلات التي تحذر من تدخل أنقرة عسكريا في الشأن الليبي.
وعبرت موسكو عن قلقها البالغ إزاء تلويح تركيا بإرسال قوات إلى ليبيا، تحت غطاء دعم حكومة فايز السراج، كما رفضت مذكرة التفاهم البحري، لتحسم روسيا موقفها من طموحات أردوغان في ليبيا.
بدورها، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، من تداعيات الاتفاق بين حكومة السراج وتركيا، وقالت الخارجية الأمريكية إن "الاتفاقية تمهد الطريق لتدخل عسكري محتمل من أنقرة في ليبيا، ما يُهدّد بتفاقم الصراع داخل البلاد".
وقال مسؤول كبير بالخارجية الأمريكية، الأسبوع الماضي، إن بلاده ترفض تصعيد القتال في ليبيا، كما أنها ترى أن مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا "استفزازية ومثيرة للقلق".
وانطلاقا من موقفها الثابت والرافض للجماعات الإرهابية، رفضت الخارجية المصرية التدخل التركي في ليبيا، وأكدت أهمية الدور الذي يقوم به الجيش الوطني الليبي لمكافحة الإرهاب وتقويض نشاط التنظيمات والمليشيات المسلحة التي باتت تهدد الأمن الإقليمي بأسره.
كما وجهت تونس صفعة قوية لأردوغان، حيث أكدت أنها تحترم حقّ الأخوّة والجيرة وترفض التورّط في الأحلاف الدولية المشبوهة.
وقال الرئيس التونسي إنه لا توجد أيّ نيّة للدخول في تحالف ولا اصطفاف، وأن بلاده ستكون على الحياد فيما يخص الشأن الليبي.