مرتزقة ليبيا.. هل تعجل الدعوات الغربية برحيلها؟
دعوات أمريكية وفرنسية بضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا، ترسم آمالا بتحركات فورية لحسم ملف يثقل مسار الاستقرار ويلغم طريق السلام.
خبراء ليبيون اتفقوا على أن ملف المرتزقة سيشهد تحركات بالأيام المقبلة، بعد التصريحات الأمريكية والفرنسية المطالبة بإخراجهم بشكل فوري.
وأكدوا، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن الضغوط الأمريكية والفرنسية القوية على تركيا بدأت تعطي ثمارها، مشيرين إلى أن الكرة الآن في ملعب حكومة عبدالحميد الدبيبة الذي يتعين عليه المطالبة برحيل القوات التركية بشكل رسمي.
وقبل يومين، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال اتصال مع الدبيبة، "ضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإخراج المرتزقة"، مشددا على الحاجة لانتخابات حرة ونزيهة، وإجراءات أخرى لإنهاء الصراع الليبي.
فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الثلاثاء، ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا في أقرب وقت، لافتا إلى أنه "لن يكون هناك استقرار في ليبيا دون تحقيق السلام واستئصال الإرهاب".
اختبار
رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته)، الدكتور عبدالمنعم اليسير، يرى أن ملف إخراج المرتزقة من ليبيا، سيكون اختبارًا كبيرًا للإدارة الأمريكية الجديدة التي هي على دراية كاملة بأن إخراجهم ليس بيد الأطراف الليبية وحدهم، وإنما يتعلق بالمناورات الروسية – التركية الهادفة لتغيير خارطة النفوذ في المنطقة.
ورغم توقعه بأن تضغط الإدارة الأمريكية على تركيا للانسحاب من ليبيا، فإنه قال إنه ليس من السهل التنبؤ بما سيفعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مناورات للبقاء.
وأشار إلى أنه ليس هناك خيار لحكومة الوحدة الوطنية إلا الاستجابة لنداءات الحكومة الأمريكية والفرنسية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، كونه مطلب أغلبية الليبيين.
إذعان أردوغان
المحلل السياسي الليبي، كامل المرعاش، اعتبر من جانبه، أن الضغوط الأمريكية والفرنسية بدأت تعطي ثمارها، ما أجبر أردوغان على الإذعان لما كان يرفضه من قبل، وهو إخراج المرتزقة السوريين من ليبيا، والبدء أيضا في تفكيك التجهيزات العسكرية التركية ببعض القواعد العسكرية الليبية التي احتلتها تركيا، ونشرت فيها وحدات عسكرية شاركت في الصراع المسلح بليبيا.
وفي بيان سابق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أوامر تركية صدرت للمرتزقة السوريين في ليبيا ببدء تجهيز أمتعتهم تحضيرا لعودتهم، إلا أنه عاد وأكد أن أنقرة تجهز دفعة جديدة مرجحا أن تكون وجهتها الأخيرة العاصمة طرابلس.
وأكد المرعاش أن الكرة الآن في ملعب حكومة عبدالحميد الدبيبة، الذي يتعين عليه طلب رحيل القوات التركية بشكل رسمي، مشيرًا إلى أنه إذا اتخذ هذا القرار، فإن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ستزيد من ضغوطها على أردوغان ليستجيب.
ووفق الخبير، فإن هناك الآن فرصة ذهبية لحكومة الدبيبة لتحصل على دعم محلي أقوى، في حال طلبت رحيل القوات التركية، مؤكدًا أن كل الظروف مواتية لإجبار أنقرة على الرحيل من ليبيا.
وحول دعوة أردوغان الدبيبة والمنفي لزيارة تركيا، قال المحلل السياسي إن الزيارة إذا ما تمت، فسيكون ملف المرتزقة على رأس أجندة المباحثات، لافتا إلى أن الرئيس التركي سيطلب ثمنًا باهظًا لإخراج قواته والمرتزقة.
مناورات تركية
وتوقع المرعاش أن يطلب أردوغان من المنفي والدبيبة شراء مزيد من السلاح التركي أو إعطاء أفضلية لشركاته في إعادة الإعمار، كثمن لإخراج قواته من ليبيا، حاثا المسؤولين الليبيين على رفض مبدأ الابتزاز التركي، وعدم الرضوخ لأردوغان إلا فيما يخدم مصالح الدولة الليبية، ويعزز سيادتها ووحدتها الوطنية، خصوصًا في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
مرتزق سوري بليبيا يعترف: ارتكبنا جرائم بأوامر مليشيات السراج
من جانبه، يرى خالد الترجمان، رئيس مجموعة العمل الوطني في ليبيا، أن التصريحات الأمريكية ستكون فاعلة في ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، مشيرًا إلى أن ما تعاني منه تركيا داخليًا وخارجيًا جعلها تحاول قدر الإمكان إرسال رسائل ودية لمحاولة نسيان تصريحات أردوغان ووزير خارجيته بأنهم لم يحضروا إلى ليبيا ليخرجوا منها.
وأوضح الترجمان أن الأمور مختلفة الآن؛ فالدعوة الأمريكية التي صادفت ضغطًا أوروبيًا، بالإضافة إلى الموقف المصري والخطوط الحمراء التي وضعتها القاهرة، ستجعل أردوغان يخضع لترحيل المرتزقة من ليبيا، متوقعًا مناورات من الرئيس التركي ليحتفظ بقاعدة الوطية غربي ليبيا، وقاعدة معيتيقة في طرابلس، وبعض غرف عملياته في مصراتة.
وأشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تغيرات في السلوك التركي تجاه المرتزقة في ليبيا، وتجاه قواتها المنتشرة من مصراتة حتى زوارة إلى جنوب غرب طرابلس.
نفاق سياسي
أما المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، فتبنى رؤية مختلفة في ملف المرتزقة، مؤكدًا أن واشنطن والاتحاد الأوروبي لا يزالان يمارسان ما وصفه بـ"النفاق السياسي"، من خلال رفضهم الولوج إلى السبب الرئيسي للأزمة.
وأوضح عقيل أن القوى المسلحة في ليبيا هي من جاءت بالمرتزقة واشترت خدماتهم وهي من تسيطر عليهم، مشيرًا إلى أن إخراج المرتزقة ليس بالمهم، بقدر ضرورة نزع سلاح المليشيات المحلية وتفكيكها وإعادة تسريح وإدماج مقاتليها.
وأشار إلى أن نزع السلاح وتفكيك الميليشيات سيؤدي بصورة تلقائية إلى هروب المرتزقة وحدهم من ليبيا حتى في حال عدم إخراجهم، كونهم سيعرفون أنهم مطلوبون من قبل الجيش والشرطة لمحاكمتهم على ما ارتكبوه من جرائم.
وأكد أنه في حال تفكيك الميليشيات المسلحة، فإن أمراء الحرب أنفسهم سيطالبون بترحيل المرتزقة كإجراء أولي لالتزامات عملية النزع والتفكيك والتسريح، ليمنعوا تورطهم بعواقب التحقيق مع تلك العناصر التي ستبوح بأسمائهم.
مرتزقة أردوغان في ليبيا ينقلبون عليه: نريد رواتبنا
وطالب الخبير الدول الغربية بتغيير مطالبتها إلى نزع سلاح الميليشيات المحلية وتفكيكها وإعادة هيكلة الجيش والشرطة، باعتبار أن هذه الدعوة وتنفيذها سيؤدي بشكل طبيعي إلى إخراج المرتزقة.
واختتم المحلل السياسي الليبي تصريحاته بقوله إن مطالبة بعض الدول بخروج المرتزقة المبطنة برغبة الإبقاء على المليشيات والقوى المسلحة المحلية، يهدف للقضاء على مصالح دول يمكنها تحقيق مصالحها بليبيا من خلال مرتزقتها على حساب أخرى.
"السلطان مراد" إلى ليبيا مجددا.. أردوغان يحشد المزيد من المرتزقة
فيما اعتبر محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب الليبي، أن الدعوة الأمريكية والفرنسية سيكون لها تأثير بالغ على ملف المرتزقة ومجرياته.
وأوضح العباني أن نجاح حكومة الوحدة الوطنية في التعامل بحكمة مع هذا الملف، سيجعلها تحصل على المزيد من الدعم المحلي.
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg جزيرة ام اند امز