سياسة
مهاجرات بمراكز احتجاز في ليبيا.. تعذيب قبل الماء والغذاء
شهادات توثق محنة مهاجرات غير نظاميات اعتقدن أن ليبيا ستكون بوابة العبور إلى أوروبا غير أن إحداثيات واقعهن الأليم حولت أحلامهن لكابوس.
ومع أن الانتهاكات التي تتعرض لها مهاجرات لا تعتبر حكرا عليهن حيث ينال الرجال أيضا نصيبهم منها، لكن تظل مآسي النساء أكثر حدة بالنظر لعدة عوامل.
المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا ذكرت أن حوالي 9 آلاف و340 مهاجرًا جرى اعتراضهم في البحر وإعادتهم إلى ليبيا منذ مطلع 2022 وحتى الثاني من يوليو/ تموز الجاري، من بينهم 678 امرأة، وذلك خلال رحلتهم من ليبيا إلى أوروبا.
وتتعرض المهاجرات اللواتي يتم احتجازهن في مراكز الإيواء بالمنطقة الغربية خاصة طرابلس، والتي تخضع لسلطة المليشيات المسلحة، للعنف والاعتداء وأحيانا القتل مقابل الماء والغذاء والحاجيات الأساسية.
التعذيب قبل الغذاء
سليمة توكا (26 عاما) مهاجرة نيجرية، كشفت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل المهربين خلال رحلتها من النيجر وحتى وصولها إلى ليبيا، كما تعرضت للعنف الجسدي والتعذيب داخل مركز احتجاز تاجوراء الواقعة شرق العاصمة طرابلس.
ومن مركز الاحتجاز، تمكنت من الهروب، العام الماضي، رفقة بعض المهاجرين، وفق روايتها لـ"العين الإخبارية".
تحدثت سليمة عن الوضع المتردي للخدمات داخل مركز الإيواء الذي كانت موجودة فيه، مضيفة أنها كانت تتعرض للضرب والشتم من قبل المسلحين المسيطرين عليه مقابل حصولها على الغذاء والماء.
وليس ذلك فقط، تتابع، بل تعرضت مهاجرات أخريات داخل المركز للتعذيب بواسطة الصاعق الكهربائي، والضرب والتقييد وحرمانهن من الغذاء والماء.
سليمة استعرضت دوافع إقدامها على محاولة الهجرة المريرة، قائلة إنها فرّت من بلادها بسبب الإرهاب والقتل والجوع، وكانت تحلم بحياة جديدة في أي مكان على الأرض.
"أنا لست مجرمة"، تقول بصوت خافت، "كل ما أريده حياة هادئة، لقد هربت من القتل والجثث التي نراها في الشوارع ببلادي، فلماذا يعاملوننا بهذا الشكل؟".
وفي مايو/أيار الماضي، اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة الليبية السابقة برئاسة عبد الحميد الدبيبة بـ"ارتكاب عمليات قتل غير قانونية، واعتقالات تعسفية، وعمليات صدّ واعتقال تعسفي بحق المهاجرين واللاجئين، إضافة إلى التعذيب، والإجبار والاستغلال من أجل العمل وغيرها من الانتهاكات الصادمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد القانون الدولي".
مساعدات
وبخصوص المساعدات المقدمة للمهاجرين غير النظاميين في مراكز الاحتجاز، قالت حنان السعيطي، مديرة مكتب الإعلام والتواصل بالأمانة العامة للهلال الأحمر الليبي، إن الجمعية تساند السلطات الليبية في تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية بفروعها الـ38 على مستوى البلاد، لكل الشرائح المستضعفة من بينهم المهاجرون داخل مراكز الإيواء أو خارجها".
وأضافت السعيطي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الهلال الأحمر الليبي يقدم العديد من الخدمات الإنسانية للمهاجرين، من بينها التوعية الصحية حول الأمراض والكشف الصحي عن طريق العيادات المتنقلة أو بالتعاون مع القسم الصحي بمراكز الإيواء.
وحول المساعدات التي تقدم للنساء المهاجرات، أوضحت السعيطي أن الهلال الأحمر يقدم مساعدات خاصة بالنساء المهاجرات، والمصحوبات منهن بالأطفال كونهن يحتجن مساعدات خاصة تتعلق بالنظافة الشخصية.
ورصدت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة "زيادات كبيرة" في تدفقات المهاجرين عبر النيجر ومالي نحو شمال أفريقيا في الربع الأول من العام 2022 مقارنة بالسنوات السابقة.
أدلة
وثقت المنظمات الدولية انتهاكات جسيمة يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين في مراكز الاحتجاز منذ سنوات.
ففي فبراير/ شباط 2022، زار وفد من منظمة العفو الدولية ليبيا، وتحدث إلى "تسعة أشخاص قالوا إنهم تعرضوا لانتهاكات جسيمة على أيدي أفراد تابعين لأمن الدولة (التابع لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية)، بالإضافة إلى ثمانية أفراد من عائلاتهم وثلاثة نشطاء.
وأكدت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة لمنظمة العفو أن إدارة الأمن الخاصة "تعترض بانتظام اللاجئين والمهاجرين في البحر وتنقلهم إلى مراكز الاحتجاز الخاضعة لسيطرة أمن الدولة".
وقالت الوزارة ردا على المنظمة إنه "ليس لديها أي رقابة على عمليات أمن الدولة، لأنها تخضع لرئيس الوزراء، وليس لوزير الداخلية".
وأشار تقرير للأمم المتحدة في 2018 إلى أنه "لا يمكن اعتبار ليبيا مكاناً آمناً بعد الإنقاذ أو الاعتراض في البحر، نظراً للخطر الشديد من التعرض للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
ولفت التقرير إلى أن "عمليات الصدّ" اعتبرها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب "انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي".