العسكريون في ليبيا.. هل يطلقون صافرة بداية حل الأزمة؟
تراوح الأزمة الليبية مكانها منذ سقوط نظام معمر القذافي، وتسيطر حالة الانقسام والاستقطاب على المشهد السياسي في هذا البلد الشمال أفريقي.
في المقابل ومع جهود دولية وأممية متواصلة، يعلق المجتمع الدولي الآمال على العسكريين في ليبيا وجديتهم في حل أزمة بلادهم ضمن مسار أمني تشرف عليه بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا.
جاء ذلك في كلمة للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم لدى ليبيا عبد الله باتيلي اليوم الإثنين في مؤتمر صحفي عقده في مدينة سرت التي احتضنت على مدى يومين أمس واليوم اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) المشكلة من طرفي النزاع العسكري الليبي.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقب ختام أعمال اللجنة قال عبد الله باتيلي: "لمسنا في أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة العزم والالتزام للعمل نحو السلام والاستقرار في ليبيا".
وأضاف المبعوث الأممي إلى ليبيا: "ما شهدناه في عمل اللجنة العسكرية المشتركة يؤكد أن القوات المسلحة في ليبيا مستعدة لدعم العملية السياسية في البلاد".
أما عن مجريات الاجتماع قال باتيلي: "ناقشنا قضايا دول الجوار والمرتزقة وقررنا التحرك قدما في هذا الملف ".
وطالب المبعوث الأممي باتيلي " المجتمع الدولي بتقديم الدعم للجنة العسكرية الليبية المشتركة للتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار".
وتابع " التقينا مراقبين وقف إطلاق النار الليبي من الدوليين والمحليين وبحثنا إمكانية استكمالهم لأعمالهم من مدينة سرت ".
وأضاف "نتوقع التزام السياسيين بما يقوم به العسكريون لإخراج البلاد من الأزمة الحالية "متوقعا انتهاء الأزمة الليبية " إذا تمتع السياسيون بالعزم والالتزام ".
اجتماع اليوم الأول
أمس الأحد، انطلقت أعمال اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في مدينة سرت وسط البلاد بإشراف باتيلي لاستكمال مشوارهم في التوافق نحو مؤسسة عسكرية موحدة ضمن المسار العسكري لحل الأزمة الليبية.
وناقش اجتماع أمس الذي يأتي بعد نحو ستة أشهر من التوقف بعد اجتماعهم في العاصمة المصرية القاهرة في 15 يونيو /حزيران الماضي خمسة بنود وفق بيان صدر عن مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي اللواء خالد المحجوب.
اللواء المحجوب كشف أن اللجنة ناقشت " استكمال بنود وقف إطلاق النار وعمل المراقبين الدوليين والمحليين وبحث ما جرى في توحيد المؤسسة العسكرية إضافة إلى تأكيد مطالب اللجنة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد والموقف الدولي ومطالبة الأطراف ذات العلاقة بدعم تنفيذ اتفاقية جنيف بكل بنودها كونها تشكل مطالب الليبيين".
وفي وقت متأخر من ليلة أمس أصدرت البعثة الأممية بيانا احتوي على كلمة قالها باتيلي في افتتاح أعمال اللجنة الأحد.
وبحسب البيان فإن باتيلي أعلن عن " إطلاقِ العمل المشترك بين الفريق الدولي لمراقبة وقف إطلاق النار والمراقبين الليبيين".
وخلال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في سرت أمس الأحد أيضا أشاد باتيلي وفق البيان " بخطط اللجنة العسكرية المشتركة لإشراك قادة التشكيلات المسلحة بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في جهود دعم السلام والاستقرار المستدامين".
وقال مخاطبا أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة ومراقبي وقف إطلاق النار،" أود أن أهنئكم على بدء عملكم المشترك في سرت ـ إن وجود المراقبين الليبيين ومراقبي الأمم المتحدة هنا سيعزز الثقة بين الجانبين وسيتيح لنا فرصة المضي قدماً على مستوى التدريب وتفعيل الآلية الليبية لمراقبة وقف إطلاق النار".
وحث الممثل الخاص للأمين العام اللجنة العسكرية المشتركة على "مواصلة العمل من أجل تنفيذ كافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار" مؤكداً على " أهمية المسار الأمني من أجل خلق بيئة سياسية مواتية ".
وهنأ باتيلي أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة " لكونهم يتحدثون بصوت واحد " معتبرا أن "هذا الأمر نابع من التزامهم إزاء بلدهم".
ودعا باتيلي الجميع إلى " ترك الحديث عن الغرب أو الشرق والحديث فقط عن ليبيا ".
وقدم باتيلي خلال اليوم الأول لاجتماع اللجنة العسكرية المشتركة وفق البيان ذاته "جملة من القضايا بما في ذلك المضي قدماً في تفعيل الآلية الليبية لمراقبة وقف إطلاق النار وسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب وهي الآلية التي وضعت بشكل مشترك بين المراقبين الليبيين ونظرائهم الدوليين ".
وفي بيان البعثة الأممية فقد أكد أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة على " الضرورة الملحة لتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا " معتبرين أن " ذلك سيسرع من وتيرة إيجاد حلول للأزمة السياسية".
وأعرب باتيلي عن " استعداد البعثة لدعم الآلية الليبية لمراقبة وقف إطلاق النار تمهيدا لسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب " قائلا " إن الشعب الليبي يتوقع حلاً دائماً للأزمة التي طال أمدها".
وأضاف الممثل الخاص للأمين العام إن " الليبيين بحاجة إلى السلام والاستقرار والمؤسسات الشرعية ـ إنهم يرغبون في رؤية ثروات بلادهم تُستخدم لصالح جميع أفراد الشعب الليبي".
واللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) مشكلة وفق مبادرة أممية من خمسة عسكريين يمثلون الجيش الليبي في شرق البلاد ونظائرهم في المؤسسة العسكرية في غربها يجرون مباحثات ضمن المسار الأمني لحل الأزمة الليبية.
تلك المباحثات التي انطلقت بعد توقيع أعضاء اللجنة الممثلين لأطراف النزاع العسكري على اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف قبل عامين تهدف إلى السعي لتنفيذ بنود ذلك الاتفاق والتي منها إخراج المرتزقة من البلاد والمقاتلين الأجانب إضافة لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وسبق أن أعلن العسكريون الليبيون في 19 يوليو/ تموز الماضي اتفاقهم مبدئيا على توحيد المؤسسة العسكرية وناقشوا آلية بدء توحيد بعض الإدارات والهيئات العسكرية في اجتماع عقد في القاهرة المصرية.
ويعد المسار العسكري وفقا لمخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة أنجح مسارات حل الأزمة الليبية في حين حقق المسار السياسي أيضا نجاحات الأسبوع الماضي خلال مباحثات بين أطراف النزاع عقدت في القاهرة أيضا.
وتشهد ليبيا انقساماً سياسياً وصراعاً بين حكومتين الأولى حكومة فتحي باشاغا المعينة من قبل مجلس النواب والثانية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة رغم انتهاء ولايته وإعفائه من قبل البرلمان.