ماذا يحدث في "مرزق" الليبية؟.. مأساة المهجرين ومعوقات المصالحة
قال وسيم تاج الدين رئيس مفوضية المجتمع المدني في مدينة مرزق بأقصى جنوب ليبيا إن أوضاع المهجرين من المدينة تسوء يوما بعد يوم.
وتعاني مدينة مرزق الواقعة قرب الحدود مع تشاد في أقصى الجنوب من تهجير قسري لقرابة 5 آلاف عائلة لمناطق متفرقة في ربوع البلاد منذ هجوم إرهابي لـ"داعش"، مدعوما بمرتزقة تشاديين على المدينة في 17 أغسطس/آب 2019، ما أجبر الأهالي على ترك المنطقة بعد أن أحرقت بيوتهم ونهبت أرزاقهم.
وكشف تاج الدين في مقابلة مع العين الإخبارية" أن معاناة مهجري مرزق قائلا إنه "يتم التضييق عليهم عمدا من قبل عدة أطراف محلية وعرقلتهم في عدة جهات، وكذلك تأخر مستحقاتهم المادية التي تهدف لتسهيل معيشتهم في المهجر مثل بدل الإيجار حيث لم يستلموا إلا دفعة واحدة رغم انتهاء العام".
التقدم في المصالحة
"المصالحة الوطنية بشكل عام تريد رؤية واضحة وخطوات حقيقية وأساسات لتكون مصالحة حقيقية وليست للتداول الإعلامي أو كسب مكاسب سياسية"، وفقا لتاج الدين.
ويضيف المسؤول الليبي أن أهم هذه الأسس استرجاع الحقوق ورد المظالم إلى أهلها، وهو ما سيسهم في استتباب الأمن في كافة ربوع البلاد.
وحول جهود المصالحة في مدينة مرزق يرى تاج الدين أن المدينة لا تحتاج إلى مصالحة فكلمتي المصالحة ومرزق كلمتان متناقضتان، فهي تحتاج إلى تحرير.
واعتبر أن قضية مرزق أمن قومي وليست قضية قبلية أو اجتماعية أو سياسية، وهي استباحة الحدود ودخول قوات من خارج الحدود، ومخططات غربية لتقسيم ليبيا والبداية من مرزق.
ونوه بأن أهالي مرزق أهل سلام وصلح ومدنيين وتعايشوا مع الجميع من سكانها من الدول العربية المغرب وموريتانيا ومصر وتونس والسودان، ومن دول باكستان والهند وتشاد والنيجر وغيرها، ولكن ما يحدث الآن هو مسرحية للمتاجرة بقضية مرزق، وفقا للمسؤول الليبي.
اتفاق إيطاليا
وحول الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في إيطاليا منذ أيام حول المصالحة بين سكان مرزق يرى أنه مع احترام كافة جهود إنهاء أزمة المدينة إلا أن المهجرين منها يرون الاتفاق مشبوها ويرفضونه باعتبار أن من رعته منظمات دولية وهنالك اتهامات لها باتباع أجندات خارجية وهي تحاول منذ 2020 بالتواصل واستقطاب بعض الأشخاص للتوقيع على مبادرتها دون الالتفات إلى مصلحة الوطن أو المواطن الليبي أو "المرسكاوي" (سكان مرزق).
وقال وسيم تاج الدين رئيس مفوضية المجتمع المدني في مدينة مرزق إن المنظمة غير مسجلة قانونا ضمن منظمات المجتمع المدني للعمل في الداخل الليبي، وأن من وقع على الاتفاقية لا يمثلون المدينة سواء من السكان -عرب مرزق- أو من مكون التبو، وأنه لن يساهم في الحل بأي شكل ما دام الاتفاق خارج الحدود الليبية تماما كما حدث من اتفاق التبو والطوارق وأولاد سليمان والتبو في سبها في وقت سابق.
اشتراطات المصالحة
وشدد على أن المصالحة لا بد أن تكون في الداخل الليبي وبين ممثلين حقيقيين للمكونات، إضافة إلى وجوب معرفة حقيقة ما حدث ويحدث حتى الآن في المدينة من خلال لجنة تقصي الحقائق ومحاسبة المسؤول عن نكبة المدينة واسترجاع حقوق المظلومين.
وأضاف تاج الدين أن أهالي مرزق ينتظرون نتيجة تحقيقات النائب العام ولجنة تقصي الحقائق والتي قامت بحصر الأضرار.
وأشار إلى أن النائب العام تحدث عن عدة قضايا من بينها قضيتا مرزق والتزوير في الأرقام الوطنية وهو ما يثبت أن القضية هي قضية أمن قومي، ولذلك تم إرسال لجنة تقصي الحقائق.
ضمانات العودة
يرى تاج الدين أن مدينة مرزق منكوبة وتحتاج إلى إعادة إعمار وإعادة تهيئة وأن الضمانة الوحيدة لعودة الأهالي إلى مدينتهم هي استباب الأمن وتفعيل الأجهزة الشرطية والأمنية وقد قام الجيش الوطني الليبي بمهام كبيرة في هذا الإطار بالمدينة.
وأوضح أن عدة كتائب تتبع القيادة العامة للجيش الليبي تؤمن المدينة وتقدم الجيش إلى الحدود لأنها تعلم أن القضية هي أمن قومي ولن يمكن حلها إلا بإغلاق الحدود والسيطرة عليها، وهناك تحسن ملحوظ.
وحول دور الأجهزة الشرطية، أشار إلى أن الحكومة منتهية الولاية لا تريد تفعيل الأجهزة الشرطية بالمدينة إلا عن طريق قوات تتبعها وهو ما يصعب تنفيذه.
بيزنس إعادة الإعمار
ألمح تاج الدين إلى أن ما زاد من أزمة المدينة المنكوبة، زيادة الأطماع بعد إعلانها مدينة منكوبة، وإنشاء صندوق بقيمة 500 مليون دينار ليبي لإعادة إعمار المدينة.
وشدد على أن الانقسام السياسي أثر على المجتمع الليبي بصفة عامة ومرزق ليست استثناء من ذلك إضافة إلى أن بعض الأطراف لديها الاستعداد لفعل أي شيء من أجل البقاء في السلطة ولذلك تمت المتاجرة بهذه القضية.
ومنذ تهجيرهم قبل 4 سنوات ينتشر سكان مدينة مرزق في مخيمات تمتد في بعض المدن الليبية إلا أن الجيش الليبي.
وقبل أشهر وخلال عملية عسكرية حرر المدينة من العصابات المسيطرة عليها لكن الدمار في المدينة وتجاهل الحكومات الليبية إعمارها حال دون عودة النازحين إليها.
كان النائب العام الليبي الصديق الصور قد أكد أن قضية الاعتداء على أهالي مدينة مرزق وتهجير أهلها حدد فيها 209 متهمين وصدرت في حقهم أوامر قبض ومنع سفر، وأنه سيجرى إعادة المهجرين من أهالي المدينة.