خبراء لـ"العين الإخبارية": ثروات ليبيا النفطية سبب صراع فرنسا وإيطاليا
خبراء في الشأن السياسي الليبي، أكدوا أن الصراع بين فرنسا وإيطاليا حول ليبيا بسبب الثروات النفطية الهائلة التي تتمتع بها البلاد
أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين في الشأن السياسي الليبي، أن الصراع بين فرنسا وإيطاليا حول ليبيا بسبب الثروات النفطية الهائلة التي تتمتع بها البلاد، ويعرقل الحلول السياسية ويزيد الأمور تعقيدا، محذرين من أن هذا الصراع حول تقاسم النفوذ داخل الأراضي الليبية يضاعف الأعباء على المواطن الليبي.
الخبراء أكدوا أيضا خلال أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن الصراع تحول لاحقا بين البلدين إلى صراع مصالح اقتصادية بين الشركات الفرنسية والإيطالية العاملة في مجال النفط والغاز الطبيعي.
الدكتور علام الفلاح، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة بنغازي والمتخصص في العلاقات الليبية الأوروبية، قال لـ"العين الإخبارية"، إن الإيطاليين استطاعوا اختراق مناطق الشرق الليبي بقليل من الخدمات وكثير من الوعود الطموحة دون تأكد من تحقيقها.
وضرب الفلاح مثالا على ذلك قائلا: "إن دبلوماسيا إيطاليا سرب خلال اجتماع باليرمو إلى بعثة مجلس النواب الليبي إمكانية الموافقة على تعديل المجلس الرئاسي واختيار المستشار عقيلة صالح وهو رئيس مجلس النواب، ليكون رئيس المجلس الرئاسي، وهي حركة دبلوماسية أقرب للتخطيط المخابراتي لسحب البساط من قبل عدد من الدول التي تمتاز بعلاقات قوية مع مجلس النواب الليبي".
كانت الحكومة الإيطالية عقدت مؤتمرا دوليا حول ليبيا في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018 الماضي، بمدينة "باليرمو" عاصمة إقليم صقلية، في محاوله منها لحل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
على الجانب الفرنسي، أكد المحلل السياسي الليبي، أن الرئاسة الفرنسية تتخبط في مسارات متعددة ولم تستقر على قرار واحد بخصوص معالجة الأزمة الليبية، ويبدو أن موسم البرودة الذي تمر به العلاقات الفرنسية الأمريكية سقط بظلاله على القضية الليبية؛ فالموقف الأمريكي متناغم إلى حد كبير مع وجهة النظر الإيطالية.
وأضاف الفلاح، أن بريطانيا تقف أيضا داعمة من خلف الكواليس لكل التوجهات والسياسات الإيطالية، بل إن هناك مواقف إيطالية وتحركات على الأرض بدعم ومساندة من بريطانيا.
وتتنافس إيطاليا وفرنسا على مناطق النفوذ في ليبيا، وخاصة بمنطقة الهلال النفطي التي تعد محور الصراع الأساسي بين البلدين، وتمكنت فرنسا من تحقيق حضور كبير في تلك المنطقة عقب سيطرة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر على تلك المنطقة.
في السياق ذاته، قال الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون العام، والخبير في الشأن السياسي الليبي، لـ"العين الإخبارية" إن إيطاليا تحاول دائما وضع موطئ قدم لها في ليبيا لأنها تعتبر الأراضي الليبية سوقا واعدة بالنسبة لها.
وأضاف الزبيدي، أن إيطاليا تشعر بالقلق من دور فرنسا -منافستها الأقوى في ليبيا- خاصة عقب محاولة التوسط لحل الأزمة الليبية الأخيرة.
وكشف الخبير في الشؤون السياسية الليبية، أن إيطاليا تعمل على دعم مليشيات بالغرب الليبيي وبالعاصمة طرابلس، بصورة غير مباشرة، لمواجهة نفوذ الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يلقى دعما فرنسيا من خلف الكواليس، على حد قوله.
وأكد الزبيدي أن إيطاليا نجحت في عرقلة مساعي توحيد الجيش في الشرق مع الغرب، وتعطيل إجراء انتخابات نزيهة، ووفرت الدعم اللوجيستي لمليشيات "مصراتة" و"الزاوية" و"زوارة" بحجة مكافحة الهجرة غير الشرعية وتنظيم داعش الإرهابي.
وأضاف أستاذ القانون العام، أن الصراع "الفرنسي – الإيطالي" صراع تاريخي، تعود جذوره للحرب العالمية الثانية وما قبلها، حيث شهدت المنطقة صدام دولتين على المستعمرات في أفريقيا، كتقاسم الصومال والتهديدات الإيطالية للمستعمرات الفرنسية المحيطة بليبيا وتونس والجزائر والنيجر وتشاد، الأمر الذي دفع بفرنسا إلى احتلال الجنوب الليبي.
وأشار الزبيدي، إلى أن هذا الصراع تحول لاحقا إلى صراع مصالح اقتصادية بين الشركات الفرنسية والإيطالية، لافتا إلى أنه عندما عصفت بليبيا أحداث فوضى فبراير ٢٠١١، قادت فرنسا تدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليبيا في الوقت الذي ترددت فيه إيطاليا خوفا على مصالحها الاقتصادية هناك.
وكانت إيطاليا فشلت في تعزيز حضورها بشكل أكبر عقب دحر قوات الإرهابي إبراهيم الجضران، وهو ما أفقد روما فرص تعزيز وجودها في الهلال النفطي.
في السياق نفسه، قال النائب السابق بالبرلمان الليبي الدكتور محمد العباني، لـ"العين الإخبارية"، إن الصراع الأوروبي لا ينتهي حتى بعد التعاون الوثيق بين بلدانه داخل السوق الأوروبية المشتركة، فالمصالح أكبر والنفوذ أهم.
وأضاف العباني لـ"العين الإخبارية" أن موقع ليبيا الجغرافي وثرواتها وخاصة النفط والغاز وسوقها يمثل أهمية قصوى لكل من فرنسا وإيطاليا، الأمر الذي جعل من كلا البلدين في سعي دائب للاستئثار بهذه الأهمية والحصول على قدر أكبر من هذه الكعكة.
فيما كشفت مصادر دبلوماسية غربية في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن سبب الصراع الفرنسي الإيطالي الذي تأجج مؤخرا هو التطورات الراهنة في جنوب ليبيا، مشيرا إلي وجود تنافس شرس بين باريس وروما في دول الساحل والصحراء بشكل عام والجنوب الليبي بشكل خاص.
وأوضحت المصادر -التي فضلت عدم ذكر اسمها- أن الثروات الضخمة في جنوب ليبيا وارتباطها بحدود مشتركة مع أبرز مناطق النفوذ الفرنسي، سبب اهتمام إيطاليا التصعيد الإعلامي الأخير.
وأكدت المصادر دعم الدول الأوروبية لعملية الجيش الليبي في جنوب البلاد، لأنها ستساهم فى مكافحة الإرهاب وملاحقة مهربي البشر، موضحة أن فرنسا من أبرز الدول الداعمة للقائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر.
المصادر رأت أيضاً أن القائد العام للجيش الليبي أطلق عملية عسكرية في جنوب البلاد، تخدم مصالح دول القارة الأوروبية التي تعاني من موجات الهجرة غير الشرعية وانتشار عصابات الاتجار في البشر، مشيرة إلى أن العمليات ستساهم في بسط الأمن والاستقرار في المنطقة التي تمثل مناطق نفوذ فرنسي.
وتحاول إيطاليا تبرير التفوق الفرنسي عليها في ليبيا بشكل خاص وأفريقيا بشكل عام، عبر شن هجوم إعلامي شرس على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون داخل الاتحاد الأوروبي.
وحملت الحكومة الإيطالية باريس مؤخرا، مسؤولية تدفق موجات الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى سواحل روما بسبب السياسات الفرنسية الاستعمارية في دول القارة السمراء.
فيما قال الباحث السياسي الليبي عثمان بركة، لـ"العين الإخبارية"، إن التدخل في ليبيا فقط، مخطط له منذ فترة طويلة، وأن ما تشهده الأراضي الليبية حاليا هو توجهات الدول الاستعمارية القديمة، وأنه إذا توفرت الظروف الملائمة ستنقض تلك الدول مرة أخرى لاحتلال الأراضي الليبية.
واتفق معه الباحث فى الشأن السياسي الليبي، عيسى رشوان، خلال حديثه أيضا لـ"العين الإخبارية"، قائلا إن أساس الصراع هو السيطرة على موارد الطاقة في غرب ليبيا.
ويواصل الجيش الوطني الليبي عملياته العسكرية في جنوب غرب ليبيا للقضاء على الجماعات الإرهابية وملاحقة عصابات الهجرة غير الشرعية في المنطقة، وبدأت قوات الجيش انتشارا واسعا في مدينة سبها (جنوب غرب ليبيا) والتي يطلق عليها عاصمة الجنوب الليبي.
بدوره قال رئيس لجنة التواصل الاجتماعي الليبية - المصرية، الشيخ عادل الفايدي، إن الصراع الفرنسي - الإيطالي في ليبيا، هدفه التكالب على النفط والغاز الليبي والثروات المعدنية، مؤكدا أن فرنسا صاحبة نفوذ كبير في أفريقيا وخاصة تشاد والنيجر وجنوب ليبيا، موضحا أن إيطاليا تسعى لأن يكون لها مصالح شمال ليبيا (على البحر) وهو ما يقلق فرنسا التي تريد أن تكون صاحبة النصيب الأكبر بالمنطقة.
وأكد الفايدي، لـ"العين الإخبارية"، أن الصراع الفرنسي - الإيطالي يركز على النفوذ في شمال البحر المتوسط وتحديدا في ليبيا، موضحا أن الشركات الإيطالية النفطية الضخمة تنشط بشكل كبير في منطقة الهلال النفطي وتستحوذ بشكل كبير على صناعة النفط الليبي، فيما تسعى فرنسا لضمان وجود حضور ومكانة للاستفادة بالنفط الليبي بشكل كبير.
وأوضح السياسي الليبي أن التلاسن بين فرنسا وإيطاليا سببه النفط الليبي وصراع النفوذ بين البلدين في ليبيا، مشيرا إلى أن روما تدعم الطرف الخاطئ في التراب الليبي، بوقوفها خلف المليشيات والكتائب المسلحة، بعكس فرنسا التي تراهن على الجيش الليبي، وهي الورقة الرابحة لأن المؤسسة العسكرية يقف خلفها الشعب الليبي بشكل كامل.
القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، كان قد أطلق منذ أيام عملية عسكرية شاملة للقضاء على الجماعات الإرهابية وملاحقة مهربي البشر، وهو ما لاقى استحسان الشارع الليبي وتأييدا ضمنيا من بعض الدول الأوروبية ومنها فرنسا وبلجيكا، وتتخوف إيطاليا من النفوذ الواسع للمشير خليفة حفتر الذي كان على خلاف واسع مع سياسيات روما في البلاد.
وأشار الفايدي إلى أن السياسة الخاطئة للحكومة الإيطالية في ليبيا هي سبب تحقيق فرنسا حضور كبير في الأراضي الليبية، مؤكدا أن التصعيد الأخير بين روما وباريس سببه احتدام المنافسة والصراع في ليبيا على الثروات النفطية ومناطق النفوذ في البلاد.
وِانتقد رئيس لجنة التواصل الاجتماعي الليبية - المصرية، التصريحات التي أطلقتها ستيفاني وليامز، نائبة المبعوث الأممي حول طبيعة العمليات العسكرية جنوب ليبيا، مؤكدا أن القبائل الليبية تدعم التحركات الجيش الليبي الذي يحظى بحضور كبير في المنطقة، ويقوم بمحاربة العصابات الإرهابية والإجرامية جنوب البلاد.
وتدعم القبائل الليبية البارزة في الجنوب العملية العسكرية الشاملة التي أطلقها القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر للقضاء على جماعات الإرهاب والجريمة، ورفضها لأي محاولات لتسييس العملية العسكرية التي يقودها المشير حفتر والتي تحظى بدعم شعبي وقبلي كبير في جنوب البلاد.
كان المتحدث العسكري الليبي العميد أحمد المسماري، أكد في تصريحات إعلامية سابقة على تنسيق الجيش الوطني المباشر مع النيجر وتشاد لمواجهة العصابات وعناصر تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين في الجنوب، مبينا أن تونس ومصر والجزائر لديها قوات لحرس الحدود منوطة بحمايتها.
aXA6IDMuMTQ1LjExMi4yMyA=
جزيرة ام اند امز