فصل جديد من التوتر في ليبيا.. ميزانية الشرق تصطدم بـ«الأعلى للدولة»
وسط حديث عن حالة من التناغم «النادرة» بين برلمان ليبيا و«الأعلى للدولة»، وبينما تجرى استعدادات للقاء بين رئيسي المجلسين في العاصمة المصرية، اتخذ الأول خطوة رفضها الثاني، مما «هدد بنسف ذلك الوئام».
تلك الخطوة تمثلت في إقرار البرلمان برئاسة عقيلة صالح، يوم الأربعاء، ميزانية إضافية قيمتها 88 مليار دينار ليبي (18.1 مليار دولار) للحكومة المعتمدة منه، التي تتخذ من الشرق مقرا لها، بعد 3 أشهر (أبريل/نيسان الماضي) من إقراره الميزانية الأساسية التي قيمتها 90 مليار دينار ليبي (18.5 مليار دولار).
ميزانية رفضها المجلس الأعلى للدولة في ليبيا برئاسة محمد تكالة، الذي أرسل رسالة إلى البرلمان، قائلا فيها إن «الميزانية البالغة نحو 179 مليار دينار ليبي، مبلغ مالي غير مسبوق»، مشيرا إلى أن «تمادي مجلس النواب في تجاوزاته وإدارته الشأن العام بإرادته المنفردة لن يقود إلا إلى مزيد من الانقسام».
وأكد المجلس الأعلى للدولة -هيئة استشارية- «رفضه التام لما تم إقراره في جلسة مجلس النواب.. ويعدها غير ذات أثر قانوني»، داعيا كل الأطراف المعنية إلى «الطعن فيما صدر عن مجلس النواب من قوانين بالمخالفة».
سر التوقيت
تأتي خطوة البرلمان، في الوقت الذي تستعد فيه العاصمة المصرية القاهرة لاستضافة رئيسي المجلسين، بالإضافة إلى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي منتصف الشهر الجاري، لمناقشة قوانين الانتخابات في ظل الخلاف المتواصل بشأنها بين مجلسي النواب والدولة.
فهل يؤثر الخلاف الأخير على ذلك اللقاء؟
يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إنه لن يكون هناك تأثير «إلا ربما في تأخر أو حتى إلغاء لقاء القاهرة، لكن على مستوى لعبة القط والفأر التي تضمن استمرار الاثنين فلن تتأثر».
وأوضح المحلل السياسي الليبي أنه حتى لو جرى إلغاء لقاء القاهرة «فسنسمع عن لقاءات مرتقبة أخرى، في المغرب أو مصر أو بلدان أخرى، إلا اللقاء على الأرض الليبية، فهو مستبعد».
بدوره قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي إن رد مجلس الدولة على اعتماد الميزانية «عبارة عن ورقة ضغط سيستخدمها تكالة خلال لقائه عقيلة، ما قد يهدد اللقاء بالفشل».
إلا أن المحلل السياسي الليبي فوزي الحداد، قال إنه لا مانع من حضور تكالة لقاء القاهرة، خاصة أنه حضر لقاءات أخرى مشابهة بالعاصمة المصرية.
لكن المواقف ستظل كما هي، لأن هذا أمر تكرر كثيرا في السابق، يقول الحداد، مشيرا إلى أنه من حيث المبدأ فهم (الأطراف الليبية) عادة ما يحضرون تلك اللقاءات، خاصة إذا كانت برعاية القيادة السياسية المصرية.
هل سيكون هناك تأثير على المسار السياسي؟
بحسب الحداد، فإن المسار السياسي «معطل ومجمد حاليا، وغير قابل للتحرك، حتى بجهود المبعوثة الأممية بالإنابة سيتفاني خوري، التي لم تنجح في تحريك عجلة المسار السياسي، الذي لا نرى أن هناك مستقبلا قريبا يحوي أي انفراجة بخصوصه».
بدوره قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي إن المسار السياسي «متذبذب بطبيعة الحال»، مشيرا إلى أن «هذه المشاحنات ما هي إلا تكملة للخلاف حول أمور أكبر من ملف الميزانية واعتمادها».
وأكد المحلل السياسي الليبي أن «رد فعل مجلس الدولة يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المجلسين على النقيض من بعضهما، حتى مع اللقاءات المتكررة لرئيسيهما».
لكن.. ما هدف البرلمان من إقرار الميزانية؟
على الرغم من أن عصام التاجوري الحقوقي والمحلل السياسي الليبي، قال إن رقم الميزانية الصادر عن البرلمان «يعتبر كبيرا في هذا الوقت»، فإنه أكد أن «المجلس الاستشاري ليس له دور أو تأثير في هذه المسألة».
ولماذا رفضها الأعلى للدولة؟
يقول المحلل السياسي الليبي فوزي الحداد إن رفض الأعلى للدولة لأي تفاهمات يصدرها البرلمان متوقع، خاصة إذا جرت دون تشاور معه، مشيرا إلى أن «ذلك السلوك تفاقم بعد نجاح محمد تكالة في رئاسة المجلس، لأنه ليس على وفاق مع عقيلة صالح، كونه يميل أكثر إلى حكومة الغرب بقيادة عبدالحميد الدبيبة».
واعتبر الحداد ذلك الرفض «غير مؤثر على قرار تمرير الميزانية، لأنها تمت بالتوافق المباشر بين مجلس النواب والمصرف المركزي الليبي بقيادة الصديق الكبير».
وعلى الرغم من ذلك فإن المرعاش قال إنه «لا أحد يلتزم بالميزانية في الصرف، فليس هناك مؤسسات تحترم قوانين الميزانية وتطبقها كما هو معروف في دول العالم»، مؤكدا أن «إقرار الميزانية تحول إلى نوع من الابتزاز والبهرجة السياسية».
البرلمان أقر والأعلى للدولة رفض.. ما الخطوة التالية؟
يقول المرعاش إن الخطوة التالية سيتمسك فيها البرلمان بالميزانية، فيما «حكومة الدبيبة غير عابئة بأمر الميزانية بقدر ما يهمها دخول ريع النفط إلى حساباتها».
وحذر من أن استمرار «هذه الحالة ستقود البلاد إلى الإفلاس والاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، ورهن مقدرات ليبيا لقوى دولية سوف تبتلعها».
فيما قال فوزي الحداد إن «كل ما يجري اليوم بمثابة ترتيبات سياسية ومالية لتثبيت الوضع القائم الحالي وتوزيع الأمور وتقسيمها بين مختلف الأطراف كما حصل في إقرار الميزانية الأخيرة»، متوقعا استمرار التجاذبات بين الأطراف السياسية.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjIyNyA= جزيرة ام اند امز