"العين الإخبارية" ترصد خريطة القبائل الليبية ودورها في محاربة الإرهاب
جميع الأنظمة السياسية التي حكمت ليبيا، بدءا بالملكية ووصولا إلى مرحلة القذافي، ومرورا بالجمهورية، اعتمدت على القبيلة.
الانتماء القبلي الذي ظل عميقا غائرا في المجتمع الليبي خلال العهد الملكي، ما زال واقعا قويا في هذا المجتمع حتى يومنا هذا.. فالقبيلة تلعب دورا رئيسيا فيه وفي تشكيل خارطة الولاءات والانتماءات.
وبالرغم من آراء الخبراء في الشأن الليبي التي تذهب إلى أن سيطرة التحالفات القبلية على العقل المجتمعي الليبي، بدأت مع وصول الراحل العقيد معمر القذافي للحكم عام 1969، حين ألغيت الأحزاب السياسية المدنية، فاتحة المجال للفكر القبلي للتمدد والانتشار، فإن آراء أخرى ترى أن معاداة الليبيين للفكر الحزبي بدأت عقب الاستقلال عن إيطاليا بعام واحد فقط، وتحديدا عام 1951 في عهد الملك إدريس السنوسي، ثم جاءت أحداث ما بعد 2011 لترسخ مبدأ القبلية وسيطرتها بصورة كبيرة مرة أخرى.
واعتمدت جميع الأنظمة السياسية التي حكمت ليبيا، بدءا بالملكية ووصولا إلى مرحلة القذافي، ومرورا بالجمهورية، على القبيلة وما لديها من عناصر مسلحة في بناء تحالفاتها.
وحاليا، تعد المعضلة الأساسية في المشهد السياسي داخل ليبيا، حسب مراقبين، هي تكريس ما اسموه بـ"الفرقة القبلية " من قبل نظام القذافي السابق، حيث عمل على إعطاء امتيازات لقيادات بعض القبائل مثل: الورفلة والزنتان في الغرب، على حساب بعض القبائل الأخرى، مثل: مصراتة وأولاد سليمان في الجنوب، ما ساعد على تنامي روح الكراهية والتربص بين القبائل المختلفة، وهو ما تجسد في الصراع بينها عقب سقوط نظامه.
وتوجد نحو 140 قبيلة ليبية لها تداخلات وعلاقات وترابطات عائلية وجغرافية مع دول الجوار، إلا أن القبائل الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي لا تتجاوز 30 قبيلة وتكتلا عائليا، استطاعت أن تفرض نفسها من خلال عناصرها المسلحة، وتحولت إلى اللاعبين الأبرز حضورا في المشهد.
قبائل غرب ليبيا
تسيطر 5 قبائل كبيرة على صناعة القرار السياسي والأمني في منطقة غرب ليبيا بصورة كبيرة، خاصة في السنوات الأخيرة، لما تمتلكه من مقومات أمنية وشعبية كبيرة، وقد حاولت قطر شراء ذمم بعض شيوخ تلك القبائل.
أبرز تلك القبائل: "الورفلة" التي تعد أكبر القبائل الليبية، حيث يتجاوز عدد أبنائها مليون نسمة أي حوالي سدس سكان ليبيا، وتتمركز في منطقة فزان بجنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس، وتشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الجماعات الإرهابية.
وهناك أيضا قبيلة "المقارحة"، المناهضة للإرهابيين أيضا، في وادي الشاطئ بالوسط الغربي الليبي، ثم قبائل "ترهونة"، والمكونة من حوالي 60 قبيلة فرعية وتتمركز في جنوب غرب طرابلس، ويشكل أبناؤها ثلث سكان العاصمة طرابلس.
أما قبائل مصراتة، فهي أكبر القبائل التي كانت معارضة لنظام حكم القذافي، وتملك تأثيرات قوية على درنة وبنغازي، كما أن لها علاقات كبيرة مع الإرهابيين المدعومين من قطر، خاصة أن غالبية المنتمين إلى مليشيات "درع ليبيا" المنتشرة في الغرب والوسط ينتمون لهذه القبائل.
قبائل شرق ليبيا
اتحدت معظم قبائل شرق ليبيا على هدف واحد، وهو التصدي للجماعات المتطرفة والإرهابية المدعومة من تنظيم "الحمدين" القطري.
ويقطن هذه المنطقة عدد من القبائل أبرزها: "العبيدات" و"البراعصة" و"العواقير"، وتعيش في منطقة الجبل الأخضر وطبرق حتى نهاية بنينة بالقرب من بنغازي، ومعظم هذه القبائل لها امتدادات عائلية داخل مصر.
ومن أكثر القبائل تأثيرا في المنطقة الشرقية، قبيلة "المغاربة" المنتشرة في منطقة أجدابيا، والتي ينتمى إليها إبراهيم الجضران، قائد مليشيات برقة المسلحة، والذي حاصر الموانئ النفطية قبل تحريرها من جانب الجيش الوطني الليبي.
كما تعد "المغاربة" من أكثر القبائل عداء للجماعات الإرهابية الليبية، خاصة "أنصار الشريعة" في بنغازي، وكتيبة 17 فبراير في القوارش.
وتتميز قبائل المنطقة الشرقية دون غيرها من قبائل المناطق الأخرى بمزيد من الاصطفاف، وهو ما جسدته عملية الكرامة التي قادها المشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، ضد الإرهابيين، حيث نال تأييد ودعم جميع قبائل المنطقة بالكامل، سوى بعض القبائل الصغيرة غير المؤثرة كالقذاذفة بمنطقة سبها وسط ليبيا، والتي ينتمي إليها معمر القذافي.
قبائل جنوب ليبيا
تعاني قبائل هذه المنطقة من تجاهل الأنظمة الحاكمة على مر العصور، حيث يشهد الجنوب صراعات مستمرة بين القبائل، التي تنحدر من أصول أفريقية كـ"التبو"، والقبائل العربية كـ"الزوى"، تدور في معظمها حول التجارة غير الشرعية عبر الحدود مع دولة تشاد.
كذلك هناك قبيلة "أولاد سليمان"، التي تعد من أكبر القبائل المسيطرة في الجنوب، مقابل قبيلة الطوارق ذات الأصول الأمازيغية، والمحرومة من حقوقها الطبيعية كالأرقام القومية وجوازات السفر.