تاريخ "الإخوان" الأسود في ليبيا.. اغتيالات وتمويل إرهاب وسرقة للنفط
تنظيم الإخوان الإرهابي يسعى، منذ اندلاع أحداث 17 فبراير 2011 في ليبيا، إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة الليبية بدعم من قطر.
منذ اندلاع أحداث 17 فبراير 2011 في ليبيا وسيطرة المليشيات الإرهابية المدعومة من قطر على مفاصل الدولة الليبية، تعمل جماعة الإخوان على السيطرة على البلاد وبسط نفوذها بكل الطرق من أجل التمكن من الحكم.
- بالتفاصيل.. "العين الإخبارية" ترصد كيف تسطو قطر على النفط الليبي
- "الحمدين" يضخ ملايين الدولارات للعبث بالجنوب الليبي
وكان من بين تلك الطرق الاغتيالات لسياسيين وعسكريين كبار بالجيش تارة والسيطرة على الحكومة والمؤتمر الوطني العام ومؤسسات الدولة تارة أخرى، وتمويل الإرهابيين والجماعات الإرهابية لزعزعة استقرار ليبيا، إضافة إلى محاولاتها الحثيثة للسيطرة على المنشآت النفطية الليبية.
سياسة الاغتيالات
انتهجت عناصر جماعة الإخوان سياسة الاغتيالات كإحدى الطرق الرئيسية للخلاص من خصومهم السياسيين والعسكريين في المقام الأول، ففي عام 2013 طالت الاغتيالات أكثر من 120 شخصا، غالبيتهم قيادات أمنية وعسكرية، وحصدت الأخرى شخصيات مدنية بين سياسية وإعلامية وأئمة وخطباء.
وكان الرقم الأكبر من هذه الاغتيالات في مدينة بنغازي، التي تجاوز فيها عدد الذين استشهدوا بفعل الاغتيالات 78 حالة، منها ما قتل باستعمال العبوات الناسفة التي كانت تلصق في أسفل سيارة المستهدف، فيما قتل آخرون بإطلاق الرصاص.
وشهد شهر يوليو/تموز من العام نفسه 3 اغتيالات، من بينها اغتيال الناشط الحقوقي والسياسي اليساري البارز عبدالسلام المسماري، ما أجج الاحتجاجات والإدانات المحلية والدولية، وسلط الأضواء بقوة على حوادث الاغتيالات.
ومع تأزم الصراعات السياسية وبروز أزمة تعطيل الموانئ النفطية من قبل الإرهابي إبراهيم الجضران وجماعته المنتمية للإخوان والممولة من قطر، أخذت الاغتيالات في بنغازي في تصاعد جنوني، حتى بلغت ذروتها في ديسمبر 2013 الذي شهد مقتل 23 شخصا في بنغازي وحدها.
وكانت مدينة درنة -التي كانت تعد أكبر مركز لتجمع المتشددين بالشرق الليبي حتى تم تحريرها- تأتي في المرتبة الثانية بـ35 حالة اغتيال في 2013، ومن بعدها مدن طرابلس ثم مصراتة وسبها وطبرق والعجيلات.
وفي بداية عام 2018 الجاري، كشفت مصادر عسكرية وأمنية ليبية عن قائمة اغتيالات جديدة في مدينة بنغازي، أعدّتها أذرع تنظيم الحمدين القطري في ليبيا، على رأسها جماعة الإخوان لتصفية عدد من القيادات الأمنية والعسكرية، على غرار ما عرفته المنطقة الشرقية بين العامين 2011 و2014.
ويسعى النظام القطري إلى بث الفوضى في ليبيا من خلال أذرعه الإرهابية، وفي مقدمتها الجماعة المقاتلة التي يتزعمها الإرهابي عبدالحكيم بالحاج، وما يسمى بمجالس شورى المجاهدين المرتبطة عقائديا بجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة، وسرايا الدفاع عن بنغازي التي تنشط في عدد من المناطق في وسط البلاد وغربها.
وشملت قائمة الاغتيالات 21 شخصية بين مدنيين وعسكريين، من بينهم قائد غرفة عمليات سلاح الجو الليبي، وقائد قاعدة بنينا الجوية، العميد ركن محمد المنفور، وزعيم قبيلة المغاربة الداعمة للجيش منه الباشا صالح الأطيوش الذي سبق أن تعرض لمحاولتي اغتيال سابقتين، كما تضمّنت القائمة صدام خليفة حفتر، نجل القائد العام للقوات المسلحة الليبية خليفة حفتر، وهو ضابط في الجيش الليبي، والعقيد عبدالحميد سليمان عبدالحميد الرعيض، رئيس جهاز المباحث العامة ببنغازي، واللواء مفتاح شقلـوف، آمر الكتيبة 153 مشاة، وخليفة العبيدي مشرف الإعلام بالقوات المسلّحة.
وضمت القائمة كذلك، علي القطراني، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، المقاطع للمجلس منذ بداية نشاطه، والمعروف بمناوئته الشديدة للإخوان ومنهجهم ودور نظام الدوحة التخريبي في ليبيا، ودعمه للجيش الوطني الليبي.
المسماري وفضح الإخوان
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، قد أكد، في أكثر من مناسبة، أن قطر متورطة في دعم الإرهاب داخل بلاده وأن السلطات الليبية تمتلك أدلة دامغة حول ذلك الأمر، وهدد بتحويل القضية إلى محكمة الجنايات الدولية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة كون ليبيا تضررت من تدخل الدوحة بشدة.
وشدد المسماري، في تصريحات سابقة، على أن معارك الجيش الوطني الليبي مع الإرهاب الدولي الذي يعمل على نشر الفوضى والقتال بين الشعب الليبي، بدعم من قطر وجماعة الإخوان التابعة لها مستمرة.
وقدم المسماري، في وقت سابق، رسائل رسمية متبادلة بين قطر وعبدالمنصف حافظ البوري، السفير الليبي السابق، بشأن السماح للطائرات القطرية بالهبوط والمرور عبر الأراضي الليبية رغم عدم وجود تنسيق عسكري بين البلدين، مشددا على أن ذلك يعد انتهاكا للسيادة الليبية.
كما عرض المتحدث باسم الجيش الليبي مكالمات مسجلة بين مراسلي قناة الجزيرة وبعض القيادات الليبية السابقة، تؤكد تآمرهم على الوطن والمواطنين الليبيين.
سيطرة الإخوان على الحكومة بعد أحداث 17 فبراير
عقب اندلاع شرارة التظاهرات في بنغازي لإسقاط النظام الليبي السابق بقيادة معمر القذافي وحدوث تصادمات بين قوات الأمن والمتظاهرين في عدد من المدن ثم خروج الأوضاع عن السيطرة، وسقوط النظام السابق في نهاية العام نفسه، عملت جماعة الإخوان الإرهابية للانقضاض على مؤسسات الدولة والسيطرة على الحكومة الانتقالية لفرض نفوذها في البلاد.
وظلت الأوضاع السياسية غير مستقرة بسبب استمرار جماعة الإخوان الإرهابية في محاولاتها للسيطرة على كل أركان الدولة، ودخلت ليبيا منذ الربع الأول من عام 2014 صراعا سياسيا وعسكريا، ما زال ممتدا حتى اللحظة بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وهي حكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني والبرلمان الليبي المنتخب برئاسة المستشار عقيلة صالح وبين حكومة موازية شكلها الإخوان من خلال تنصيب حكومة عمر الحاسي، بإصدار قرارات من المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته.
وفي نهاية عام 2017 الماضي، كشفت مصادر ليبية، عن أن جماعة الإخوان في ليبيا تستعد لخوض الانتخابات المقبلة، موضحة أن الجماعة تبحث الدفع بدماء جديدة للسيطرة على مفاصل الدولة الليبية خلال الفترة المقبلة.
وأشارت إلى أن الهيئة العليا لحزب "العدالة والبناء" الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية، وضعت خطة جديدة لخوض الانتخابات المقبلة، تتلخص في الدفع بأسماء ودماء جديدة من الصفين الثاني والثالث في الجماعة.
وأكدت المصادر أن جماعة الإخوان في ليبيا أعدت قائمة بالمناصب السيادية في حالة فوز حزب العدالة والبناء بالانتخابات، وعلى رأسها منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئاسة ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، النائب العام.
ويحاول "الحمدين" الدفع بعناصر ودماء جديدة تنتمي لجماعة الإخوان للسيطرة على مفاصل الدولة الليبية، وعودة التنظيم المتشدد للهيمنة على ثروات ليبيا النفطية وإبرام صفقات مع الدوحة، خاصة في قطاع النفط والغاز، وهو ما يفسر سبب تمويل قطر لجماعة الإخوان بملايين الدولارات في الأشهر الأخيرة للترويج لمرشحي الجماعة في الانتخابات المقبلة، وذلك في إطار التحركات التي تقودها قطر لخلق مناطق نفوذ لها في شمال أفريقيا، خاصة على ليبيا، للتوسع في القارة السمراء.