اشتباكات طرابلس.. مدنيو ليبيا يدفعون ثمن عجز السراج
العاصمة الليبية طرابلس أضحت أسيرة لفوضى جديدة، كلمة السر فيها المليشيات المتناحرة، وسط عجز حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج
أضحت العاصمة الليبية طرابلس أسيرة لفوضى جديدة، كلمة السر فيها المليشيات المتناحرة، وسط عجز في إدارة الموقف من قبل حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
"اضطررنا لمغادرة منزلنا إلى منزل أحد أقاربنا في منطقة بعيدة عن الاشتباكات، فقد كنا نرى الصواريخ تمر فوقنا، بل وأصاب بعضها أحد المنازل المجاورة".. هكذا وصفت سيدة ليبية معاناتها جراء الاشتباكات.
وأضافت السيدة، التي فضلت عدم ذكر اسمها، لـ" العين الإخبارية"، أنها وأسرتها قضوا ليلة الجمعة الماضية في نقل الممكن من أغراضهم لمغادرة منزلهم، أسوة بكثير من الأسر المجاورة لهم، خوفا من أن تطالهم الاشتباكات الدائرة في جنوب العاصمة الليبية.
وتدور اشتباكات، هي الأعنف في طرابلس منذ نحو 7 سنوات، بين عدد من المليشيات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة السراج.
وأدت الاشتباكات، الدائرة منذ ليل الأحد ٢٦ اغسطس/ آب الماضي، لمقتل ٦١ شخصا وإصابة ١٩٥ آخرين.
بدوره، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في طرابلس نزوح ١٨٢٥ أسرة ليبية، خلال أسبوع، من الضواحي الجنوبية للعاصمة جراء الاشتباكات.
معاناة متفاقمة
تقول ليلى سويسي، رئيس منظمة نبض ليبيا للسلام والتنمية: "تمكنا من إخلاء ٢٠٠ أسرة من خلة الفرجان وصلاح الدين لمناطق أكثر أمانا، حيث تم تسكينهم في منازل سافر أهلها، أو تأجير أخرى لهم".
وتضيف السويسي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنهم تلقوا دعما من أشخاص وجهات لتوفير منازل ومواد غذائية للنازحين من بيوتهم في طرابلس جراء الاشتباكات.
وأوضحت أنهم لم يتلقوا دينارا واحدا من حكومة الوفاق لمساعدة ضحايا الاشتباكات، ومختلف المعونات التي تلقوها كانت من أشخاص تبرعوا لصالح الضحايا.
وعن الأزمة التي يعيشها المدنيون في طرابلس، أشارت السويسي إلى أنه بدلا من انقطاع التيار الكهربي إلى ٨ ساعات يوميا، وصل لـ١٢ ساعة متواصلة، خاصة بعد استهداف خزان ميناء البريقة الذي يمد المنطقة الغربية بالوقود.
وأدت الاشتباكات إلى تضرر خدمات حيوية مثل استهداف خزان ديزل تابع لشركة البريقة لتسويق النفط، فضلا عن استهداف مطار معيتيقة الدولي في طرابلس، ما أدى إلى تحويل الرحلات عبر مطار مصراتة.
وأكدت السويسي أن المدنيين أضحوا يقضون أغلب يومهم بلا كهرباء، خاصة مع ارتفاع سعر مولد الكهرباء إلى ٥٠٠٠ دينار ليبي.
وامتدت أزمات مدنيي العاصمة الليبية لتشمل الخبز، فيما أكدت السويسي كثرة المصطفين أمام المخابز، في حين خيب انقطاع الكهرباء وقلة الوقود آمالهم في الحصول على القليل منه.
هلع وخوف
بدوره، أوضح أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أن المدنيين بطرابلس يعيشون في حالة هلع وخوف كبيرين؛ جراء أعمال العنف والقصف العشوائي لمناطقهم.
وتابع حمزة، في تصريح لـ" العين الإخبارية"، أن المدنيين هم الضحية الأبرز لأعمال العنف، خاصة في ظل استهتار أطراف النزاع المسلح بأرواحهم وسلامتهم وممتلكاتهم، وفي ظل فشل السلطات الرسمية في حمايتهم وتوفير احتياجاتهم.
وأشار حمزة إلى أن المدنيين بمدينة طرابلس يعانون أوضاعا إنسانية سيئة للغاية جراء أعمال العنف والمواجهات المسلحة واستمرارها، وسقوط القذائف والصواريخ العشوائية على الأحياء والمناطق السكنية التي أدت إلى مقتل وجرح أعداد كبيرة في صفوف المدنيين.
وتابع حمزة أن الاشتباكات أدت لنزوح أعداد كبيرة من السكان، من مناطق خلة الفرجان وعين زارة ووادي الربيع وطريق المطار ومشروع الهضبة الزراعي جنوب غربي طرابلس.
وأشار إلى أن النازحين الفارين من مناطق النزاع اتجهوا إلى مناطق أقصى شرق وغرب طرابلس ومنهم من غادر طرابلس إلى مناطق خارجها خشية استهدافهم.
كارثة إنسانية
وأكد مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أن اللجنة تعمل بكامل طاقمها الإنساني والحقوقي والقانوني من أجل تغطية جميع التداعيات الإنسانية على المدنيين الذين تطالهم أعمال العنف والقصف العشوائي، معتبرا أن استمرار وتصاعد أعمال العنف والمواجهات، تنذر بوقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة يكون المتضرر الأكبر منها الأبرياء والمدنيون.
واختتم حمزة أنهم يعملون بالتنسيق مع جهاز الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة والهلال الأحمر الليبي ومجلس أعيان ليبيا للمصالحة الوطنية، لإجلاء المدنيين العالقين بمناطق النزاع وتأمين الممرات الإنسانية لإخراجهم، وتوفير مواقع لاستضافتهم وإيوائهم، وتوفير احتياجاتهم الإنسانية والمعيشية الطارئة إلى حين انتهاء أعمال العنف.
وبعد أكثر من أسبوع من اشتباكات مليشيات طرابلس، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في عاصمة البلاد.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إنه تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار برعاية المبعوث الأممي غسان سلامة، مؤكدا أنه تم توقيع اتفاق لإنهاء جميع الأعمال العدائية وحماية المدنيين وصون الممتلكات العامة والخاصة، وإعادة فتح مطار معيتيقة في طرابلس.
وبعد ساعات من الاتفاق، تجددت الاشتباكات بين المليشيات المتنازعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى معاناة جديدة للمدنيين، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الاشتباكات.
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA= جزيرة ام اند امز