سياسيا تعتبر العاصمة طرابلس بحكومتها القائمة حاليا وبهذه الصيغة الأمنية، خارجة عن السياق الطبيعي للدولة الليبية.
ليبيا هي دولة ولدت من جديد فقط بعد موت القذافي؛ لأنها قبل ذلك كانت مجرد منصة لحكايات العقيد، واليوم يشهد العالم تشكيل الجسد الليبي الجديد عبر عمليات مهمة هدفها ترسيخ وحدة ليبيا وإبعادها من أن تكون منطقة صراع يتدخل فيه الجميع بلا استثناء وبدون حساب. اليوم يستعيد الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر الاستقرار للأرض الليبية، ولكن قبل أن أدخل في الإجابة عن الأسئلة المهمة حول العمليات التطهيرية للجيش الوطني الليبي لابد من طرح سؤال مهم هو: كيف لمدينة مثل طرابلس أن تُحكم من خلال أربع مليشيات ليس لها أي صفة عسكرية أو سياسية؟
هناك أربع مليشيات في طرابلس تابعة لما يسمى الحكومة الليبية، وهي تعتمد على هذه المليشيات من أجل توفير الحماية وضبط الأمن. ولكن هل يقتصر دورها على الحماية والأمن فقط؟ هناك تساؤل آخر حول مصدر التمويل والدعم وكيف يمكن لمدينة تحرسها مليشيات غير نظامية أن تمثل الشعب الليبي؟
الشعب الليبي اليوم يعي وبوضوح أن طرابلس عاصمته، والمشير حفتر قائد جيشه، ولن تتكون البلاد وتنهض استناداً إلى مليشيات تغلب عليها المصلحة الذاتية على مصلحة الوطن لتقديم الحماية والأمن.
لقد تمركزت مليشيات طرابلس في العاصمة، وقد أعلن عن هذا التحالف في ديسمبر 2018، وجاء في الإعلان: "يشمل التحالف أبرز المليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وهي: ثوار ليبيا، ولواء النواصي، وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبوسليم، ومليشيا باب تاجوراء." وفي التوقيت ذاته أعلنت هذه المليشيات أنها سوف تعمل على حماية العاصمة بشكل كامل بالاتفاق مع حكومة الوفاق الوطني.
وقد كانت هذه الصيغة السياسية لإدارة عاصمة ليبيا وما زالت تعاني من الهشاشة والضعف، فكيف لعاصمة دولة كبرى مثل ليبيا أن تحصل على دعم من قوات غير الجيش والأمن الوطني الفعلي.
سياسيا تعتبر العاصمة طرابلس بحكومتها القائمة حاليا وبهذه الصيغة الأمنية خارجة عن السياق الطبيعي للدولة الليبية، فالجيش هو المعيار الطبيعي لتعريف الدول وليس المليشيات الإرهابية التي لا تخضع لأي قواعد سياسية، ويمكنها أن تعلن الشقاق بينها في لحظات إذا ما حدث خلل في توازن القوى بينها.
طرابلس هي العاصمة والمشير حفتر هو قائد الجيش الوطني الليبي، وهذه المعادلة هي أصح معادلة سياسية يمكن البناء عليها من أجل إعادة الاستقرار إلى ليبيا وبناء دولة حديثة كجزء من كيان عربي قائم. ومع الأسف فإن المواقف التي يسلط الإعلام الضوء عليها من منشقين معارضين لما يصب لصالح ليبيا، توجه البلاد والشعب لمسار مظلم ودمار شامل.
ما يحدث في طرابلس من تصحيح للأوضاع وضع طبيعي يعيد التوازن ويحاصر المخربين، سواء ممن هم في الداخل أو من يدفعون المال السياسي من أجل إفساد ليبيا وتعزيز اقتتال شعبها. الشعب الليبي اليوم يعي وبوضوح أن طرابلس عاصمته، والمشير حفتر قائد جيشه، ولن تتكون البلاد وتنهض استناداً إلى مليشيات تغلب عليها المصلحة الذاتية على مصلحة الوطن لتقديم الحماية والأمن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة