مليشيات طرابلس وصراع النفوذ.. ماذا بعد مقتل «غنيوة»؟

اشتباكات ليلية عنيفة في طرابلس تسفر عن مقتل قائد «جهاز دعم الاستقرار» في منعطف قد يعيد تشكيل خارطة نفوذ المليشيات بالعاصمة الليبية.
وقُتل 6 أشخاص على الأقل إضافة إلى عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، وهو رئيس مجموعة مسلحة نافذة، في اشتباكات عنيفة اندلعت ليلاً في طرابلس بين مجموعات متنافسة انتهت قبل فجر الثلاثاء بإعلان العودة إلى "الوضع المستقر".
وأفادت وسائل إعلام محلية بمقتل «غنيوة»، رئيس ما يعرف بـ«جهاز دعم الاستقرار» والقيادي الأهم لأبرز المجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ العام 2011.
ويؤكد خبراء سياسيون ليبيون أن هذه العملية تمثل نقطة تحوّل مفصلية في المشهدين السياسي والعسكري، مع تزايد المخاوف من اندلاع موجات جديدة من العنف والصراع بين الفصائل المسلحة.
- تحشيدات المليشيات بعاصمة ليبيا.. تحذيرات دولية ودعوات للتهدئة
- اشتباكات واغتيالات غربي ليبيا.. السلاح يفرض سطوته
«موازين القوى»
في تعقيبه على التطورات، يرى الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أن العملية التي أدت إلى مقتل «غنيوة» تُعد الأكبر في العاصمة منذ سنوات.
واعتبر الأوجلي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن العملية تشكل «نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى بين المليشيات المسلحة في طرابلس».
وأوضح أن «غنيوة كان يُعد الحاكم الفعلي للعاصمة، وله تأثير واسع على الأجهزة الأمنية».
ووفق الأوجلي فإن تصفية «غنيوة» جاءت في «كمين محكم ورصاصة مباشرة في الرأس، ما يدحض الروايات التي تحدثت عن خلافات داخلية أو شجار».
وأضاف أن «العملية نُفذت بدقة عالية تؤكد أنها كانت مخططاً لها مسبقاً».
أبعاد
من جانبه، كشف الخبير السياسي الليبي عز الدين عقيل أن «مقتل غنيوة جاء بعد محاولاته التمدد نحو منابع النفط وفرض النفوذ على المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها التابعة لها».
وأضاف عقيل، في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أن «هناك تنسيقاً بين أطراف محلية ودولية، بشأن قرار إزاحته من المشهد، وهو ما عُبر عنه بعدم تدخل الطيران المسير لوقف العملية»، دون توضيح أو تسمية هذه الأطراف.
وأشار عقيل إلى أن «الاجتماع الذي قُتل فيه غنيوة جاء بعد حصوله على ضمانات من إحدى السفارات الأجنبية بأنه سيخرج منه أقوى مما كان، وهو ما يعزز فرضية الغدر المخطط له»، دون تفاصيل أكثر.
خارطة الحل
وفي تقييمه لانعكاسات الحادث على مستقبل العملية السياسية، أوضح عقيل أن مقتل غنيوة «لن يغيّر من طبيعة المعادلة السياسية بشكل جذري، لأن الأخيرة تُدار دولياً وليست محلية فقط».
لكنه لفت إلى أن «واشنطن قد تستفيد من هذه العملية في إطار سلام القوة الذي تدفع به في ليبيا، بديلاً عن نماذج التسوية السابقة كالصخيرات وبرلين».
بدوره، حذر الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية، من تصاعد وشيك في طرابلس مع ارتفاع وتيرة التوتر بين المجموعات المسلحة.
واعتبر الخبير الليبي، في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أن «تصفية غنيوة قد تفتح الباب أمام موجة من التصفيات المتبادلة داخل العاصمة، مع محاولة كل فصيل فرض هيمنته قبيل أي عملية سياسية مرتقبة».
وأضاف الفارسي أن «صمت المجتمع الدولي تجاه تطورات طرابلس يزيد من خطورة الوضع»، مشيراً إلى أن «أي انفلات أمني جديد قد ينعكس سلباً على ليبيا والمنطقة ككل، لاسيما مع تفاقم التهريب وانتشار السلاح وخروج سجناء من سجون كانت تحت سيطرة غنيوة».
تناحر المليشيات
وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس -منتهية الولاية- برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حمّاد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.
وعلى الرّغم من أنّ طرابلس تنعم بهدوء نسبي، إلا أنّ العاصمة تشهد من حين لآخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب يتعلّق معظمها بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.
aXA6IDEzLjU4LjIxMi4xNjMg جزيرة ام اند امز