مظاهرات وتضامن قبلي ودعم الجيش.. التدخل التركي يوحد الليبيين
مظاهرات واجتماعات لقبائل ودعوات للشباب للالتحاق بصفوف الجيش في مواجهة التدخل التركي.
"رب ضارة نافعة" مثل شعبي ينطبق تماما على الأوضاع في ليبيا التي تعيش حالة من الاضطرابات تعصف بها منذ 2011، إلا أن إعلان تركيا تدخلها ومساندتها عسكرية حكومة الوفاق ومليشياتها في طرابلس قوبل بحالة من الاصطفاف ودعم كبير للجيش الوطني والتوحد خلف قيادته وإنهاء الخلافات الجانبية.
ووسط غضب شعبي عارم، تنطلق احتجاجات في مدن ليبية عدة من بينها بنغازي، درنة، طبرق، وبني وليد، تنديدا بالتدخل التركي الذي وصفوه بـ"الاحتلال"، مؤكدين دعمهم الكامل للجيش الليبي.
ودعت قوى وطنية ليبية المجتمع الدولي إلى وقف التدخل التركي في الشأن الداخلي، بعد تلويح أنقرة إرسال قوات إلى البلد الغني بالنفط.
وقالت قوى التجمعات الوطنية الليبية (تشمل عددا من منظمات المجتمع المدني والأحزاب الوطنية وجمعيات حقوقية) في بيان، إن "إنزال قوة عسكرية تركية على الأراضي الليبية، يمثل خرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة، وكل أعراف القانون الدولي والإنساني".
كما اجتمع أكثر من ألف شيخ قبيلة ليبية، السبت الماضي، في مدينة بنغازي من كل مناطق ليبيا للتنديد بالتدخل التركي، مؤكدين استعدادهم للالتحاق بقوات الجيش الليبي للدفاع عن أمن وسيادة ليبيا.
وطالبوا الليبيين بـ"نبذ الخلافات والاستعداد للدفاع عن ليبيا ضد هذا العدو الذي يحمل له كل الليبيين ذاكرة سوداء وماضيا أليما".
ودعوا كل الجنود والضباط المتخلفين للالتحاق بقوات الجيش الوطني للدفاع عن البلاد، محملا "كل المتواطئين والخونة المسؤولية لجلب المستعمر"، داعية إياهم لمراجعة أنفسهم لأن التاريخ لن يرحمهم.
الباحث والمحلل العسكري محمد الترهوني اعتبر أن ما يحدث حاليا فترة جديدة من فترات الجهاد الليبي المعاصر؛ استكمالا لمسيرة جهاد الآباء والأجداد.
وأضاف الترهوني، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن حكومة الوفاق هي حكومة احتلال وعمالة وخيانة، مؤكدا أن الانتفاض عليها داخل العاصمة طرابلس يعد عملا وطنيا بحتا، ويدل على الانتماء الحقيقي لهذه الأرض.
وأكد الباحث الليبي أن الحكومات دورها حماية شعوبها لا أن تبيعها للمستعمرين كما فعلت حكومة فايز السراج المزعومة.
بدوره، قال الباحث والناشط المدني، سالم عبدالكريم، إن الشعب الليبي انتفض تلبية لنداء القيادة العامة، فالقبائل الليبية بمشائخها أعلنت واجب الجهاد المقدس ضد أردوغان والمرتزقة السوريين التابعين لجبهة النصرة.
وقال عبدالكريم، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إنه على جميع مكونات الشعب الليبي الوقوف صفًا واحدًا في وجه المؤامرة الاستعمارية التي أعدها تنظيم الإخوان الإرهابي.
من جانبه، قال المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، الإثنين، إن تركيا فاقمت الوضع في ليبيا، مشيراً إلى أن التدخل الأجنبي التركي تحديداً، تسبب في تأجيج الصراع بطرابلس.
وقال سلامة، خلال مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن "تركيا وحكومة فايز سراج في طرابلس أسهما مؤخراً في تصعيد الوضع في ليبيا".
وأوضح أن "مذكرتي التفاهم العسكرية والأمنية بين حكومة السراج وأردوغان، وتصريحات الأتراك الأخيرة بشأن إرسال قوات إلى ليبيا، أدى إلى تدويل الأزمة".
وأضاف المبعوث الأممي أن التدخل الخارجي أسهم في تفاقم الوضع الذي شهدتها ليبيا خلال الأسابيع القليلة الماضية، مشيراً إلى أن "تركيا سلمت أسلحة وطائرات بدون طيار إلى مسلحي السراج، فضلاً عن وجود مقاتلين سوريين ضمن صفوف حكومة السراج".
وأعرب سلامة عن خيبة أمله إزاء التصعيد في ليبيا، قائلاً: "أشعر بخيبة أمل؛ لأنه بعد 9 أشهر من القتال في طرابلس، لم يتوصل مجلس الأمن لقرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار".
واعتبر المبعوث الأممي أن مصداقية الأمم المتحدة على المحك في ليبيا، وأن المجتمع الدولي بات عاجزاً أمام هذا الوضع، وأمام تسليم السلاح، وانتهاك حظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر قد دعا في كلمة وجهها إلى الليبيين، مساء الجمعة، الشعب إلى "التوحد وحمل السلاح ضد المستعمر"، ردا على اعتزام أنقرة إرسال قوات إلى العاصمة طرابلس.
وقال حفتر: "سننبذ خلافتنا ونعلن الجهاد والنفير والتعبئة الشاملة، نحمل السلاح رجالا ونساء عسكريين ومدنيين، ونستعد بكل ما أعطانا الله من قوة وما في قلوبنا من إيمان للدفاع عن عرضنا وأرضنا وشرفنا، فأرضنا عصية على هذا المعتوه الطامع في خيراتنا الحالم بالوصاية علينا".
وقرر مجلس النواب الليبي، السبت، إلغاء مذكرتي التفاهم الموقعة بين الرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج الشهر قبل الماضي، معلنا إحالة السراج للقضاء بتهمة الخيانة العظمى.
كما قرر البرلمان الليبي قطع العلاقات مع الحكومة التركية على خلفية تدخلاتها في الشؤون الداخلية الليبية، وصادق على تفويض القيادة العامة للقوات المسلحة بتعطيل المطارات والموانئ والمنافذ البرية الواقعة تحت سيطرة المليشيات.
والخميس الماضي، صادق البرلمان التركي على مشروع قرار يسمح بإرسال دعم عسكري إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الليبية ومليشياتها في طرابلس.
وصوت 325 نائبا مقابل 184 لصالح مشروع القرار الذي جاء بعد أن طلبت حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج المساعدة لوقف عملية تحرير الجيش الوطني الليبي العاصمة طرابلس من قبضة المليشيات الإرهابية.
وكان السراج والرئيس التركي وقّعا في الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مذكرتي تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري.
وقوبلت تلك الخطوة برفض محلي وإقليمي ودولي كبير، حيث وصف البرلمان الليبي توقيع السراج ذلك بـ"الخيانة العظمى"، فيما طالب رئيسه جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بسحب الاعتراف من حكومة الوفاق وعدم أحقية السراج بتوقيع مثل تلك الاتفاقيات.
والأحد، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن وحدات من الجيش التركي بدأت التحرك إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
وحذرت دول المنطقة والمجتمع الدولي من إرسال قوات تركية إلى ليبيا، حيث سيساهم ذلك في إشعال الأزمة الليبية وتصعيدإقليمي غير مسبوق.
وتنخرط تركيا في دعم حكومة فايز السراج، بالعاصمة الليبية طرابلس، والتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التابعة له بالمال والسلاح، على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ 2011.
ومنذ بدء عملية "طوفان الكرامة" التي أطلقها الجيش الليبي في أبريل/نيسان الماضي لتحرير طرابلس من التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة أسقطت القوات المسلحة أكثر من 30 طائرة تركية مسيرة تابعة للمليشيات.
aXA6IDE4LjIxOC43NS41OCA=
جزيرة ام اند امز