مؤتمر برلين حول ليبيا.. فرصة للحل أم تكرار بلا جدوى؟
خبراء ليبيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" عن فرص نجاح مؤتمر برلين المزمع عقده أول نوفمبر المقبل لبحث الأزمة الليبية
ترعى ألمانيا مؤتمرا يضم وزراء خارجية مجموعة الدول السبع والدول المعنية بالملف الليبي، وسط تطمينات بأن المؤتمر المقرر عقده أوائل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل سيكون مختلفا وسيُحدث تغييرا ملحوظا في الأزمة الليبية.
وتزداد القضية الليبية تعقيدا خاصة مع التدخلات التركية التي تسعى لإفساد المفاوضات بين أطراف الأزمة الليبية، ومع التأكيد بعقد المؤتمر في موعده، ما زال الغموض يسيطر على المشهد الليبي.
وجاء قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل باستضافة مؤتمر برلين بعد تحذير من مخاطر انزلاق ليبيا في الفوضى، وأن تصبح مثل سوريا، فيما حذر خبراء ومراقبون من تنامي النفوذ التركي في ليبيا ودعم طرف بعينه ومده بأسلحة، ما يهدد بإفشال أي محاولة لإصلاح الأوضاع الحالية.
هل تتجاهل ألمانيا التدخل التركي؟
إذا كانت ألمانيا تريد نجاح مؤتمر برلين، فسيتعين عليها العمل بجد لضمان وضع جدول الأعمال الصحيح، ولديها ما يكفي من الحلفاء الذين لديهم رؤى وثقل دولي لحل الأزمة، هكذا كتب المحلل السياسي الليبي طارق ميجريسي في مقال نشره موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
ويرى ميجريسي أن "دخول ألمانيا مؤخرا في القضية الليبية هو تغيير محتمل في قواعد اللعبة، فتدخل برلين يعد نادرا في السياسة الخارجية لشمال أفريقيا".
وأضاف: "لا يعني انعقاد المؤتمر شيء، فقد اعتاد الليبيون الاجتماع على طاولة المفاوضات لكن لا شيء يتغير.. تتصاعد التصريحات ثم تنتهي دون حلول حقيقية."
واعتبر المحلل الليبي أن ألمانيا منحت تقديرا ومكانة كبيرة لكل من فرنسا ومصر والإمارات بدعوتها للمشاركة بالمؤتمر الذي يبحث سبل الحل السياسي للأزمة الليبية، لافتا إلى أن الدول الثلاث قادرة على إحداث تغيير إيجابي حقيقي في الأزمة الليبية.
واستطرد: "لا شيء يدعو للاندهاش لتفضيل برلين الدول الثلاث دون غيرها لحضور المؤتمر."
ومضى ميجريسي قائلا: "إذا كان مؤتمر برلين هو الخطوة الأولى نحو الاستقرار، فستتبعه حتماً عملية وساطة، ويجب أن تعمل على ضمان خطوات المبعوث الأممي غسان سلامة، لاستئناف عملية الوساطة".
وحول فرص نجاح المؤتمر المزمع عقده، يرى ميجريسي أن أفضل ما يمكن فعله هو إرساء الأسس لمناقشة أكثر واقعية من خلال قصر المؤتمر على مواقف متفق عليها بشأن وقف الأنشطة الدولية التي تحرك الحرب.
كما يجب أن يصبح الهدف الرئيسي للمؤتمر، بحسب المحلل، هو وضع آلية لإنفاذ قرارات الأمم المتحدة لحماية شركة النفط الوطنية الليبية بصفتها البائع الشرعي الوحيد للنفط الليبي.
فرص نجاح مؤتمر برلين
وحول فرص نجاح هذا المؤتمر في الوصول إلى حلول حقيقية للأزمة الليبية وهل ستحاول تركيا تعطيله أو إفراغه من مضمونه، يرى الأكاديمي الليبي محمد الزبيدي، رئيس قسم القانون بجامعة طرابلس سابقا، أن مجريات المعارك على الأرض قد تُحدث تغييرا كبيرا، حيث قد يحسم الجيش الأمر، فهو يملك القوة والأرض.
وقال الزبيدي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن المؤتمر سيعقد بدون حضور أطراف ليبية وستتم دعوتهم في مؤتمر (برلين 2)، وبناء عليه سيتم إملاء ما يتم التوصل إليه في (برلين 1) على الليبيين من أجل التنفيذ فقط.
واعتبر الأكاديمي الليبي أن "عدم دعوة تركيا لحضور المؤتمر يعني عدم حضور المليشيات المسلحة، وبالتالي عدم التزام أي طرف بنتائج المؤتمر، فهي بمثابة ولي أمر حكومة الوفاق الليبية"، حسب قوله.
وحول عدم دعوة حكومة السراج لحضور المؤتمر، يرى المحلل السياسي الليبي عيسى رشوان أن "السراج يخشى غياب تركيا عن اجتماعات برلين، خوفا من أن يصدر قرار أو بيان يحد من وجودها أو صدور قرار فعلي لمنع تصدير الأسلحة من تركيا، لأن الأخيرة تعمل كمحامٍ دولي نيابة عن حكومة السراج في المحافل الدولية".
ورجح رشوان، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن تسعى حكومة السراج لإعداد خطط بديلة في حال انعقاد مؤتمر برلين دون مشاركة تركيا وقطر.
كان رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قد أعلنا ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي دون إقصاء، لحضور المؤتمر المزمع عقده في ألمانيا الشهر المقبل، لبحث حلول الأزمة في بلادهما.
بدوره، أكد المحلل السياسي ناصف الفرجاني أن هذه الخطوة الدولية طرحت عدة تساؤلات عما سيحدث في الفترة المقبلة بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا، خاصة عقب الغزو التركي لشمال سوريا.
وقال الفرجاني، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن ثمة تسويات سياسية ظهرت ملامحها في المنطقة بعضها يتعلق بالشأن السوري والدور التركي هناك، حيث يتأثر تفاعل المعادلات السياسية بمجريات الأحداث، فإن الأزمة الليبية ليست بعيدة عن المؤثرات ورغبة أطراف دولية في تحجيم الدور التركي.
وتابع: منع أنقرة من حضور مؤتمر برلين خلق حالة من الهلع في صفوف المليشيات في ليبيا وقادتها، حيث باتت الأطراف الفاعلة تفضل إطلاق يد الجيش الوطني.
وكشف المحلل عن "هرولة بعض النواب في ليبيا لطلب الدعم السياسي من أردوغان، إلا أن هذه المحاولات فشلت بسبب حسابات سياسية لدى أردوغان قد تدفعه لبيع تنظيم الإخوان."
ووفقا لخبراء دوليين، فإنه طالما لم يحدث تغيير جذري في الظروف الحالية عن تلك التي كانت قائمة أثناء انعقاد المؤتمرات السابقة، فإن النتيجة لن تختلف كثيرا، خصوصا ما يتعلق بالانقسام الحاد بين الأطراف الدولية التي أصبحت لاعبا أساسيا في الأزمة الليبية.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg جزيرة ام اند امز