في الذكرى الـ68 لاستقلال ليبيا.. السراج "يقنن" عودة الاستعمار
اعتبر الليبيون أن استدعاء فايز السراج وحكومته جنودا أتراكا إلى بلادهم لقتال الجيش الوطني هو إعادة للاستعمار من جديد
بينما تحل، اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ 68 لاستقلال ليبيا وتحررها من الاستعمار ونيل حريتها عبر سلسلة من المعارك البطولية، يحاول رئيس ما يسمى حكومة الوفاق، فايز السراج، إعادة البلاد تحت وطأة الاستعمار من جديد.
ونهاية الشهر الماضي، وقع السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم غير شرعيتين أقرهما برلمان أنقرة في مجالي البحرية والأمن، ما يمنح تركيا غطاء لإرسال جنودها ومعداتها العسكرية والسلاح إلى ليبيا، في خرق واضح للقرارات الأممية التي تحظر ضخ السلاح إلى ليبيا.
وفي تصريحات صحفية، قال أردوغان إن تواجد الأتراك في ليبيا امتداد لما وصفه بـ"كفاح" أجداده العثمانيين على الجبهات لحماية مليون تركي فيها.
وأثار حديث الرئيس التركي حفيظة الليبيين، واعتبروا أن السراج رئيس حكومة الوفاق غير الشرعية يحتفل بذكرى استقلال ليبيا الـ 68 عن إيطاليا بتسليم إرادتها واستقلالها للاستعمار العثماني الجديد.
ويحتفل الليبيون في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول من كل عام بعيد استقلال بلدهم وتحررها من الاستعمار ونيل حريتها واستقلالها عبر سلسلة من المعارك البطولية التي شهدها مختلف مناطق البلاد على امتداد عقود من الزمن من الاحتلال الإيطالي.
وإلى جانب معارك الجهاد، خاض الشعب الليبي العديد من المعارك السياسية في المحافل الإقليمية والدولية كافة والتي توجت بإعلان الاستقلال في مثل هذا اليوم الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون أول عام 1951.
وأعلنت الحكومة الليبية المؤقتة المتمركزة شرق البلاد يوم 24 ديسمبر/كانون الأول من كل عام عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، وذلك تخليدا لذكرى الاستقلال.
وفى مثل هذا اليوم قبل 68 عاما، أعلن الملك إدريس السنوسي من شرفة قصر المنار بمدينة بنغازي (شرق) للعالم والشعب أن ليبيا أصبحت دولة مستقلة حرة ذات سيادة تتويجا لجهاد الشعب الليبي وتنفيذا لقرار هيئة الأمم المتحدة.
وتلقى الليبيون في أنحاء البلاد نبأ استقلال بلادهم بفرحة عارمة وهم يرفعون الأعلام الوطنية في ميدان 9 أغسطس ببنغازي، ويرددون هتافات "عمر المختار أهاب بنا باسم الشهداء نحييك" و"إدريس الأمة قاطبة جاءت بالتاج تهنيك".
ولا تبارح الذاكرة الجمعية لليبيين هذا اليوم الخالد، حين قال الملك إدريس السنوسي من شرفة قصر المنار: "نعلن للأمة الليبية الكريمة أنه نتيجة لجهادها وتنفيذًا لقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1949 قد تحقَّق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة".
وأردف السنوسي: "إننا لنبتهل إلى المولى عز وجل بأخلص آيات الشكر وأجمل الحمد على نعمائه، ونوجّه إلى الأمة الليبية أخلص التهاني لمناسبة هذا الحادث التاريخي السعيد، ونعلن رسميًا أنَّ ليبيا منذ اليوم أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة".
ويعد محمد إدريس السنوسي أول ملك يحكم ليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا عام 1951، ولد في طبرق شرق ليبيا، وتربع على العرش في الفترة بين 1946 - 1969 حتى إسقاط حكمه من قبل معمر القذافي في الأول من سبتمبر/أيلول عام 1969.
وجاء إعلان الاستقلال تأسيسًا على القرار 289 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والصادر في 21 من نوفمبر/تشرين الثاني العام 1945 الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير/كاون الثاني 1952.
وتشكلت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة وهو ما تم الفعل في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951.
وتم تتويج الملك إدريس السنوسي رسميًا نزولاً عند قرار الجمعية الوطنية الليبية الصادر في 2 ديسمبر/كانون الأول 1950 بلقب ملك المملكة الليبية المتحدة.
ورزحت ليبيا لوقت طويل تحت استعمار أجنبي وسيطرة العثمانيين في عام 1912 ثم أصبحت مستعمرة إيطالية في أعقاب الحرب بين روما وأنقرة، حيث قام العثمانيون بالهروب من ساحات الحرب وتسليم الشعب الليبي للمستعمر الجديد.
وعلى مدار هذا التاريخ المقاوم، برز العديد من المناضلين ضد الاستعمار الإيطالي، لعل أبرزهم شيخ المجاهدين عمر المختار الذي خاض معارك ضارية ضد المستعمر إلى أن ألقي القبض عليه وأعدم يوم 16 سبتمبر/أيلول 1931 ليبقى أيقونة ليبية خالدة على مدار التاريخ.
إعادة الاستعمار
المحلل السياسي الليبي، جمال شلوف، قال إنه بالتزامن مع الذكرى الـ 68 لاستقلال ليبيا يطل علينا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حفيد من باعوا ليبيا للاستعمار الإيطالي في معاهدة أوشي لوزان عام 1912 بمذكرتي تفاهم تعيد الاستعمار للأذهان.
وأوضح، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن مشايخ القبائل الليبية حينما اعترضوا على تسليم العثمانيين بلدهم للمستعمر الإيطالي ذبحوا 40 شخصية فيما عرف بـ"مذبحة الشويمرة".
وأضاف شلوف، أن ليبيا لن تكون دولة مستقلة وصاحبة سيادة طالما ظل رئيس ما يسمى بحكومة الوفاق، فايز السراج، ومليشياته في المشهد.
وأشار إلى أنهم "يحيون ذكرى الاستقلال بطلب استدعاء الأتراك الذين باعونا للاستعمار، ولا يزالون يبيعون كل من يتحالف معهم لأجل مصلحتهم فقط".
خيانة عظمى
بدوره، قال العميد خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، إن توقيع مذكرتي التفاهم بين السراج وأردوغان يعد خيانة عظمى لدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن ومقدراته طيلة قرون مضت حتى نالت ليبيا استقلالها.
وأضاف المحجوب، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الشعب الليبي وقواته المسلحة لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تآمر أردوغان مع السراج والمليشيات الإرهابية للعبث بمصير الدولة الليبية واستقلالها.
عهود الاستعمار ولَّت
ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي علي السعيدي، إن "تلويح تركيا بالتدخل في ليبيا غير مقبول.
وأضاف السعيدي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه "على أردوغان وكل الاستعماريين الجدد إدراك أن عهود الظلام والجهل والاستعمار انتهت.
وأعلن العديد من مشائخ القبائل الليبية دعمهم للقيادة العامة للجيش وتحركات مجلس النواب الدولية الرامية لنزع الاعتراف بحكومة الوفاق غير الدستورية.
ووصف البرلمان الليبي، في بيان، هذا الاتفاق بأنه "خيانة عظمى" ويمس الأمن القومي والسيادة الليبية.
ودعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سحب اعترافها من حكومة فايز السراج.
وتنخرط تركيا في دعم حكومة السراج والتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التابعة له بالمال والسلاح ضد عملية الجيش الليبي بتطهير العاصمة طرابلس التي أطلقها منذ أبريل/نيسان الماضي.